عندما قامت دينغ لينغ، التي تقيم في العاصمة الصينية بكين، برحلة افتراضية غامرة لمتحف القصر الإمبراطوري أثناء مكوثها في المنزل بسبب الحجر الصحي، شعرت وكأنها "كانت تعيش حقيقة في القصر" بحسب قولها. أكثر ما أعجب دينغ البالغة من العمر 36 عاماً، كانت الصور عالية الدقة لمجموعة المتحف التي تضم أكثر من 1.86 مليون قطعة أثرية ثقافية مُتاحة حالياً على الإنترنت، حيث تستطيع مشاهدة عبارة لبائع متجول في تحفة "ألف ميل من الأنهار والجبال" التي يبلغ طولها 12 متراً وارتفاعها 0.5 متر، والتي اكتملت في عهد أسرة سونغ الشمالية الامبراطورية (960-1127). وباتت الرحلات الافتراضية للمتاحف خياراً رائجاً بشكل متزايد في جميع أنحاء العالم. وبدعم من تكنولوجيا الواقع الافتراضي، والواقع المعزز وغيرها من التكنولوجيات المتطورة الأخرى، يُمكن للمستخدمين الولوج إلى أماكن لم يكونوا ليحظوا بفرصة لزيارتها في الحياة الواقعية على الأرجح. وبحسب تقرير صادر عن المجلس الدولي للمتاحف في العام 2020، وبينما أجبرت ظروف جائحة كوفيد-19 العديد من المتاحف في العالم على الإغلاق المؤقت أو تحديد عدد الزوار، أصبحت الرحلات الرقمية وسيلة مهمة للناس لزيارة هذه الكنوز الثقافية والتفاعل معها. وفي هذا السياق؛ قال هوانغ يي، مصور متاحف، إن قاعدة البيانات التفاعلية المتاحة على مدار الساعة جعلت عمله أسهل، مضيفاً: " لقد حصلت حالياً على كثير من المعلومات لأرجع إليها. فحتى لو فاتني شيء في المكان، لا تزال هناك فرصة للتعويض بعد عودتي إلى المنزل". وبدأ هوانغ أيضاً التعاون مع بعض المتاحف من خلال إنتاج مقاطع فيديو لإرشاد مستخدمي الانترنت في القيام بزيارات افتراضية، وقال: "التعرف على ماضي وحاضر الآثار الثقافية أمر ممتع، حيث يُثري بشكل خاص الحياة الروحية للناس وسط ظروف الوباء". وطرحت الصين تعزيز الفتح المجاني ورقمنة الأماكن الثقافية العامة، وتطوير منتجات تجربة رقمية عبر الانترنت وخدمات سياحة ثقافية جديدة مثل الرحلات الغامرة، والمعارض الافتراضية والبث المباشر عالي الدقة، أثناء فترة الخطة الخمسية الـ14 (2021 إلى 2025). ويرى خبراء أن من شأن ذلك أن يخلق فرصاً هائلة لتطوير رقمنة المتاحف والصناعة الثقافية. وقال ليو مينغ شينغ، نائب أمين متحف الحدائق الصينية وهندسة المناظر الطبيعية، إن العديد من المحاضرين قاموا بمشاركة مقاطع فيديو عبر الإنترنت لتقديم المعرفة العلمية المتعلقة بالبستنة بعد تفشي وباء كوفيد-19، مضيفا أن المتحف استقبل قرابة 20 مليون زائر عبر الانترنت في العام الماضي 2021. وبدوره؛ قال وان لين، أمين متحف أطلال مدينة بانلونغ في مدينة ووهان، حاضرة مقاطعة هوبي بوسط الصين، قال: "لقد تغلبت المتاحف الرقمية على مختلف القيود للمتاحف المادية التقليدية. كما أنها توفر للمشاهدين تجربة لرحلة غامرة وشاملة". وساعدت التكنولوجيا الرقمية على إحياء المجد الماضي للكنوز القديمة. وفي قاعة العرض لمتحف كهوف تيانلونغشان، تم وضع تمثال لرأس بوذا أمام كهف مطبوع بتقنية الأبعاد الثلاثية حيث كان موقعه الأصلي. وقال يوي هاو، الأمين السابق للمتحف: "إن تمثال رأس بوذا الأصلي عانى من تآكل جسيم حيث لا يمكن إستعادته، إلا أن التكنولوجيا ساعدتنا على تقديم وجهه الأصلي للزوار". ■
مشاركة :