لا أدري هل كبرت فجأة وتغيرت أولوياتي وتغيرت طريقة تعاملي مع كل ما يحيط بي، أم أنني أعتقد جاهلة أنني تغيرت؟ أذكر أنني كنت مجموعة من ردود الأفعال، أنشغل بكلمة قيلت وبتصرف حصل وبموقف مررت به. حماقتي كانت تصور لي أن علي دائما أن أفاضل بين خيارين ولم تجعلني أتأنى وأفكر لماذا كنت أختصر كل أمور حياتي في خيارات عاجلة وردود فعل غير متأنية؟ ولا أعرف لماذا كنت لا أفهم خط سير الزمن ولماذا كنت أتخيل كل شيء حولي ذي بعد واحد يتعلق بي، فكنت تجدني في حالة من الضغط النفسي والعصبي دائماً مستعجلة متذمرة من تأخر معاملة أو تغيير في خطة يومي أو خلاف في مكان العمل. كل شيء يخذلني وكل الأشياء ليست كما أريد! متناسية أنني أيضا قد لا أكون كما أريد أو كما يتوقع أو يطمح الآخرون. مهارات كثيرة تتعلمها في مجالك العملي، كلها تنمي القدرات الشخصية، علاقتي بالصبر تغيرت منذ أصبحت أعرف المعنى الحقيقي للتجربة المعلمية. مفهومي للمنطق والنقد العلمي والحوار تغير من خلال متابعتي للمناقشات العلمية والتي تحرص على احترام الرأي الآخر وعدم تسفيهه وسماعه كما تحرص على تقديم المعلومة والأدلة وتحرص على الحيادية في نقاش أي فكرة علمية والتفريق بين الرأي الشخصي والمعلومة أو الحقيقة العلمية. سير التجارب المعملية الذي يتغير اتجاهه ويصعب عليك التنبؤ بنتائجه ويعلمك أن تكون حاضر الذهن وقوي الملاحظة وهي صفات أحاول أن أكتسبها وأنميها. العزلة في معمل مشغولا بتجربة ما يتيح لك فرص التأمل فيما حولك بعيدا عن الضوضاء الخارجية الأمر الذي يجعلك تكتشف جماليات الأشياء، في خلاياك تحت المجهر في لون صبغة كيميائية يغطي نسيجاً تدرس مكوناته في أرقام إحصائية حصيلة تجارب متكررة في منظر الشارع من النافذه الذي قد تتجاهله في رحلتك اليومية لأنك مشغول بنفسك. أشياء كثيرة تتعلمها وتكسبها مع مرور الزمن وزيادة المهارات، السؤال هو هل تعي أنت ذلك أم أنك لا تعرف ما إذا كنت تغيرت بتغير التجارب وتراكم المعرفة؟
مشاركة :