رسالة خالدة للتاريخ .. سماحة أب وغضبة حليم

  • 5/23/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

مر الأردن خلال العام ونيف الماضي بمنعطف سياسي غير معتاد عليه، وهو قضية الفتنة، وهو صراع محموم من قبل من لا يستحق للوصول إلى ما لا يملك، هذه القضية التي أثارت النقاش كثيراً في المجالس المغلقة، حيث كان هناك شعور للجميع أن وراء الأكمة ما وراءها، وثمة تفاصيل لم نطلع عليها، وكان السؤال الذي يدور بيننا (لماذا اختار جلالة الملك الصمت؟). وفوجئ الأردنيون برسالتين موقعتين من الأمير حمزة، تحمل أولاهما اعتذاراً عما اقترف طموحه غير العقلاني، وعما سببه للوطن من أذى. والثانية كانت نقيضة الأولى ففيها أساء للوطن وتنازل عن لقبه كأمير، مخالفاً نص الدستور وقانون الأسرة المالكة والأعراف وأصول الأدب. حينها انتظر الأردنيون على أحر من جمر ما سيفعله جلالة الملك عبدالله الثاني، وحين جاءت الإرادة الملكية للموافقة على توصية المجلس المشكل بموجب قانون الأسرة المالكة، وجاءت الرسالة حاملة تفاصيل صادمة ويندى لها الجبين حول العديد من الأحداث التي أقلقت الأردنيين خلال السنوات القليلة الماضية. وحين أمعنت بالرسالة وقرأتها أكثر من مرة، رأيت فيها العديد من القضايا التي يجب التوقف عندها، وقد تكون أولى هذه القضايا؛ توجيه الرسالة للأردنيين كأسرة، وهو ما يُظهر إدراك جلالة الملك أن ما حدث يهم الأردنيين كلهم، فهو حدث غريب على تاريخ الأردن، أقلق الأردنيين، فمن واجب الأب عبدالله الثاني أن يطمئن أبناءه وبناته وهذا ما حصل فعلاً. وجاءت الرسالة لتُظهر مدى التسامح الذي يتمتع به جلالة الملك، ومدى قدرته على التحمل، ولكن حين جاوز خطأ الأمير حمزة حدود العائلة المالكة ليطال بمحاولة خرابه الوطن، قام جلالة الملك بالحفاظ على قسمه الذي أقسمه أمام مجلس الأمة يوم 7 شباط 1999، بالحفاظ على الدستور والإخلاص للأمة، ووقف أي تهديد يطال وحدة الأردنيين ويشعرهم بتهديد سلامة وطنهم، وهو ما ظهر واضحاً حين خاطب الملك عبدالله الثاني الأردنيين في رسالته وقال فيها: «لا أرى الآن بدّا من القيام بما تمليه علي الأمانة والمسؤولية؛ فواجبي تجاه أسرتي الصغيرة كبير، لك? واجبي إزاء أسرتي الأردنية الكبيرة ومصالحها أكبر وأسمى. ولن أسمح لأيٍّ كان أن يقدم مصالحه على مصلحة الوطن، ولن أسمح حتى لأخي أن يكون سببا للمزيد من القلق في وطننا الشامخ». كما أظهرت الرسالة الملكية عظم ما كان يحاك للأردن في ليل عتيم، من تعاون مع سفارات أجنبية وتخطيط من خائن الأمانة باسم عوض الله، ولكن في الأردن أبناء يسهرون على أمنه وأمانه، ولا يئلوا جهداً لحمايته، فكانوا قادرين عىل رصد المؤامرة وإيقافها قبل أن تنجز. يقف الأردن اليوم على أعتاب دور محوري في المنطقة، في ظل تحديات عدة أشار إليها جلالة الملك في لقائه ضمن البرنامج العسكري المتخصص (أرض المعركة) Battlegrounds، الذي ينتجه معهد هوفر في جامعة ستانفورد الأميركية، من حيث الحدود الشمالية وحالة الفراغ الناتج عن انسحاب القوات الروسية من تلك المنطقة، أو ضرورة حل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، الذي لا يبدو أن إسرائيل تعمل لتحقيقه، وغيرها من تحديات منطقة الشرق الأوسط. هذا الدور لا يمكن القيام به قبل إنهاء أية محاولات لإثارة الفتنة في الأردن، فاستقرار الداخل دائماً كان نقطة قوة الأردن في أداء الأردن دوراً فاعلاً في منطقته، وربما يثور سؤال غير بريء هنا، هل ما يحدث في الأردن من محاولات فتنة وحرب إلكترونية يهدف لإضعاف الأردن ومنعه من أداء دوره فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية أو فيما يحدث من تحركات في الشرق الأوسط؟ تبدو لي الإجابة واضحة وضوح الشمس، فهناك من يعمل على إيذاء الأردن من الداخل، وخلق شرخ في علاقة الأردنيين مع العرش، لما تتمتع به هذه العلاقة من خصوصية لا يمكن لأحد ألا يراها. ولكن ردت نصال الخائنين إلى رقابهم، وسيظل الأردن عصياً على الاختراق، وستبقى العلاقة بين الأردنيين والعرش علاقة مقدسة، يُلعن من يقترب منها، فالأردن بني على رؤية الهاشميين وبسواعد أبنائه وبناته، وسنبقى ننافح الدهر أننا أردنيو الولاء هاشميو الانتماء، ومن فتن وخان ليس منا. الرأي

مشاركة :