فجوة في أهداف الحوار الوطني بين الحكومة والمعارضة في مصر

  • 5/23/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

فجوة في أهداف الحوار الوطني بين الحكومة والمعارضة في مصر   القاهرة – ظهرت ملامح خلاف بين الرئاسة المصرية ودوائر محسوبة عليها وبين قوى سياسية معارضة حول أهداف الحوار الوطني الذي يجري الإعداد له حاليا، وبرز ذلك من خلال إشارات حملتها تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي. وتطرق السيسي خلال افتتاحه أحد المشروعات القومية السبت إلى رغبته في إجراء حوار موسع يتصدره حديث مستفيض عن الجوانب الفنية تجاه قرارات الحكومة وانعكاساتها الاقتصادية والمجتمعية، في حين تركز أحزاب المعارضة اهتمامها على قضايا الحريات العامة والإصلاح السياسي. ودعا المشاركين في الحوار الوطني المرتقب إلى الإطلاع على البيانات الحكومية ومذاكرة ما تم تنفيذه جيدًا قبل توجيه ملاحظات بشأن ذلك في الحوار، وأقر بأن الجهات الحكومية ستنتظر وستستمع وستتحاور حول ما يقدمه “أحبابنا” (أي الأحزاب والقوى والشخصيات المشاركة في الحوار) من أطروحات مختلفة. وتشير رؤية السيسي إلى أن الحوار سيشمل كافة القضايا التي أثارت جدلاً مجتمعيًا وسياسيًا في الفترة الماضية، وأن الحكومة تسعى لتقديم الأسس التي ذهبت بمقتضاها نحو الاستراتيجية الاقتصادية والمشروعات الإنشائية التي تبنتها خلال السنوات الماضية، وأنها تبحث مسألة إقناع الرأي العام بأنها صاحبة الرأي الأكثر صوابًا. وتعمل دوائر رسمية على توصيل رسائل إلى الرأي العام مفادها أن المعارضة لم تقدم مشروعاً متماسكاً لإعادة بناء الدولة يمكن الارتكاز عليه، وتنتظر هذه الدوائر من المعارضة أن تقدم حلولها البديلة وفقًا للمعطيات التي ستكون محل نقاش في الحوار. وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان، في جنوب القاهرة، جهاد عودة إن فهم الرئيس السيسي للحوار الوطني يختلف عن فهم الكثير من السياسيين، ورؤيته تشير إلى ضرورة مناقشة قضايا فنية ذات ارتباط مباشر بتصورات الحكومة وإجراءاتها دون قصر الأمر على التوجهات العامة التي تكون دائما حاضرة في الحوارات التي تدشنها السلطة مع السياسيين، وهنا تظهر نقطة الخلاف بين الجانبين. وأضاف أن “الحوار الوطني يتطلب وجود لجنة تحدد أولوياته وتعقد اجتماعات مع كافة الأطراف المشاركة فيه، وهو أمر لم يتحقق بعد ومازال هناك خلاف حول ما إذا كانت الأكاديمية الوطنية للشباب، الجهة التي اختارها السيسي لرعايته، هي الأمثل لإعداده من عدمه. وغياب الأطراف التي تمثل ثقلاً سياسيًا قويًا في تحديد أولوياته سوف يقود إلى اتساع الفجوة بين السلطة والمعارضة”. ولم يحدد القائمون على إدارة الحوار أهدافه الرئيسية، وما إذا كان يستهدف إدخال تعديلات جوهرية على سياسات الحكومة أم أن الغرض منه مناقشة الأمور الفنية التي تؤدي في النهاية إلى عرض وجهات نظر مختلفة لا تفضي إلى تغيير حقيقي على الأرض. ويقول مراقبون “في حال لم تتمخض نتائج إيجابية عن الحوار الوطني تعيد التفكير في تغيير توجهات الحكومة في ملفات مختلفة لن تكون هناك فائدة منه”. ويؤكد المراقبون أن رؤية الحكومة فضفاضة وتشي بأن الحوار يمكن أن يتم مع مجموعة من الخبراء والمتخصصين في مجالات متعددة، وتشارك المعارضة برموزها السياسية لعرض رؤيتها بشأن السياسات العامة دون الخوض في التفاصيل، ما يخلق مشكلة جوهرية بين الطرفين ويضاعف الخلاف الذي نشب منذ إطلاق الدعوة للحوار قبل نحو شهر، حيث تخشى المعارضة دخوله في دهاليز تحرفه عن مساره. وتهتم الأحزاب المحسوبة على المعارضة بتقديم رؤية للإصلاح السياسي ومناقشة قضايا الحريات بعد أن توافقت على وجود لجان مشتركة مهمتها تقديم مشروع متكامل يرتبط بالممارسات السياسية وكيفية نجاح خطط الإصلاح. وتعتقد أن هذا التوجه سيكون حاسما في تحديد طبيعة عملها، لأن الانخراط في وضع سياسات اقتصادية واجتماعية محل خلاف أصلا بين تيارات ليبرالية مقتنعة بجدوى الآليات الرأسمالية وأخرى يسارية صاحبة توجهات مختلفة. وعقدت “الحركة المدنية الديمقراطية” (تضم ثمانية أحزاب -إلى جانب أحزاب أخرى محسوبة على المعارضة- وعددا من الشخصيات العامة) اجتماعا مساء السبت في مقر حزب التحالف الشعبي الاشتراكي شهد توجيه عدة انتقادات إلى دوائر رسمية بسبب بطء تنفيذ إجراءات إعادة بناء الثقة بين الحكومة والمعارضة، على رأسها الإفراج عن أول الدفعات التي تقدمت بها لجنة العفو الرئاسي بعد إعادة تشكيلها مؤخرا وأن الأحزاب المشاركة في الاجتماع أبدت انزعاجها من وجود جملة من الإشارات السلبية التي تسبق الدخول في الحوار المباشر، وثمة إجماع ظهر بين المشاركين على أن الحكومة لم تف بتعهداتها بشأن الإفراج عن سجناء الرأي، وترى أن قرارات العفو يمكن أن تصدر من النائب العام في قضايا شبيهة بالقضية المتعلقة بالصحافي حسام مؤنس الذي أفرج عنه بعد يومين من إعلان السيسي عن الحوار الوطني. وهناك إشارة سلبية ثانية تعتبرها الأحزاب المشاركة بمثابة رسالة، وتتعلق بعدم وجود انفتاح سريع ومباشر كما هو متوقع، وإجراء الانتخابات العمالية أخيراً وشطب عدد من المرشحين لأسباب أمنية، وكذلك إقدام الحكومة على اتخاذ قرارات اقتصادية ذات ارتباط بالأمن القومي وتتصل بمشروعات خاصة باستثمار الموانئ دون انتظار ما سوف يسفر عنه الحوار الوطني. وأشار رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي مدحت الزاهد إلى أن المشاركين في اجتماع الحركة المدنية غلبت عليهم تحفظات بشأن الأجواء السياسية التي تسبق الحوار، لكنهم توافقوا على ضرورة المضي قدمًا لتقديم ورقة متفق عليها بين الجميع. وتتضمن الورقة قضايا الإصلاح السياسي، وأبرزها الإفراج عن سجناء الرأي وتهيئة الأجواء المواتية لممارسة سياسية حقيقية ورفع الحظر عن المواقع الإلكترونية المحجوبة واتخاذ ما يلزم من إجراءات لبناء الثقة. وأوضح الزاهد أن “الحاضرين اتفقوا على أن يكون الإصلاح السياسي والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتحديات الأمن القومي على رأس الحوار، وتم الاتفاق على تشكيل مجموعات عمل لكل قضية وتقديمها إلى الرأي العام”. ويكمن الخلاف بين الحكومة والمعارضة في أن الأولى تسعى إلى إقامة حوار حول إنجازاتها وتطالب بحديث مدعوم بالأرقام والمعلومات، وهو ما يخالف أدبيات الحوار السياسي، ويجعل المعارضة تطالب الحكومة بتوفير المعلومات اللازمة وتسألها عن الأسباب التي دفعتها إلى التحدث عن تطوير الصناعة والإنتاج في الوقت الذي تقوم فيه بإغلاق قلاع صناعية حكومية يصعب الاستغناء عنها، مثل مجمع الحديد والصلب.

مشاركة :