زخم الحوار الوطني في مصر يمنح الحكومة والمعارضة متنفسا سياسيا

  • 5/4/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

انطلقت الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني في مصر الأربعاء بمشاركة طيف واسع من القوى والأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني وجهات رسمية، ما أضفى زخما سياسيا تحتاجه الحكومة والمعارضة معا للتخفيف من حدة الضغوط الواقعة على كليهما، في ظل انتقادات تواجهها الأولى جراء تعثرها في مجابهة عدد من الملفات الداخلية، ومأزق تتعرض له الثانية ولا تعرف كيفية الخروج منه. بعثت إدارة الحوار رسائل طمأنة إلى الرأي العام المحلي بإذاعة الجلسة الأولى مباشرة على عدد من الفضائيات المصرية، وبات الحوار أولوية رئيسية في نقاشات عديدة دارت في وسائل إعلام محلية الأيام الماضية. كما تصدر الحديث عن ضرورة الإصلاح السياسي مشهدا عاما تنوعت تفاصيله بين آراء مؤيدة للحكومة وأخرى معارضة لها، ما يصب في صالح إضفاء شعبية يحتاجها الحوار الوطني لتعزيز فرص نجاحه. وتعول جهات رسمية على أن يكون الحوار جادا ويغير من نظرة قطاعات من المواطنين للنظام، ويبرهن الحرص الحكومي على التجاوب مع قضايا ناقشها الحوار في جلساته التحضيرية وأنها مستعدة للانفتاح على رؤى متباينة بشأن مشكلات عديدة قد تتحول إلى قنابل موقوتة، في حال زادت تأثيرات الأزمة الاقتصادية على المجتمع، وأخفقت الحكومة في تحسين الأوضاع المعيشية، والحريات العامة. ووسع المنسق العام للحوار الوطني ضياء رشوان دائرة النقاشات مع أطراف معارضة قبل ساعات على انطلاقه، والتقى بأعضاء في حزب مصر القوية (إسلامي) والذي يواجه زعيمه المرشح الرئاسي السابق عبدالمنعم أبوالفتوح عقوبة السجن المشدد بتهمة نشر أخبار كاذبة والتحريض ضد مؤسسات الدولة. كما التقى رشوان أعضاء من حزب النور السلفي، وحركة 6 أبريل، كأطراف رئيسة مشاركة في الحوار ضمن تحالف 30 يونيو الذي أطاح بتنظيم الإخوان من السلطة. ومنحت موافقة الحركة المدنية المعارضة على المشاركة في الحوار قيمة سياسية، وشكل ذلك نجاحا لدوائر حكومية أشرفت على إعداده، بعد أن ظهرت الحكومة كطرف منفتح على المعارضة دون أن يجبرها ذلك على تقديم تنازلات كبيرة. ولم تقدم الحكومة نفسها كوجه ضعيف رغم الأزمات التي تعانيها على مستويات مختلفة، كما أن مشاركة الحركة المدنية خدمت المعارضة التي برهنت على أن لديها رغبة ملحة في نجاح الحوار، وأي تعثر في المستقبل سيتم تحميله للحكومة. وتحمل المعارضة المصرية الحكومة مسؤولية تأخر انطلاق الحوار، كما أن عدم إطلاق سراح كافة المحبوسين على ذمة قضايا رأي في الكشوف التي قدمتها الحركة المدنية للحكومة جعل انطلاقه محفوفا بحالة من التوجس لدى معارضة ليست لديها ثقة كاملة في عبور الحوار إلى بر الأمان، لكنها رأت أن مشاركتها حل مناسب لعدم امتلاكها أوراق ضغط تستخدمها ضد الحكومة. وأرجعت جهات سياسية تأخر الحوار إلى حالة فقدان الثقة بين كافة الأطراف، والتي احتاجت إلى المزيد من الوقت حتى توجد قواسم مشتركة بينها، وكان لابد من فتح جسور وقنوات لعبورالتباينات. وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية عمرو الشوبكي إن الحوار الوطني واجه تحدي تأخر انطلاقه، وهو ما أفقد قطاعا من الجمهور الاهتمام به والثقة في نجاحه، وبات القائمون على الحوار مطالبين في جلساته العلمية بتأكيد أن التأخير لأسباب تنظيمية وليس سياسية، ما يشكل ضغطا على الحوار وأجندته. وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن تأخر انطلاق الحوار وعدم الاستجابة لكافة ضمانات المعارضة يجعلان هناك رؤى أساسية من الصعب التنازل عنها، على رأسها تعديل قانون الحبس الاحتياطي وفتح المجال العام ومنح المزيد من الحريات للصحافة، وهي قضايا مطروحة للنقاش منذ فترة، مشيرا إلى أنه يمكن التغاضي عن مسألة التأخير في حال الاستجابة لهذه الملفات، ومن المهم أن يشعر المواطنون بوجود نتائج ملموسة وليس مجرد ترحيل الأزمات والمشكلات الداخلية. ولفت الشوبكي إلى أن الحوار متنفس مطلوب لجميع الأطراف المشاركة فيه، خاصة أنه خلق حالة ترتبط بتوجيه النقد لقضايا عديدة لم يكن التطرق إليها ممكنا من قبل، والتعود عليها يعد من أبرز مكاسب الحوار، موضحا أن إعادة بناء تكتل 30 يونيو الذي أسقط الإخوان بحاجة إلى فتح جسور تواصل حقيقية مع الممثلين لهذا التكتل، وأن الأمر يتوقف على طبيعة الإجراءات السياسية والاقتصادية. وتنظر العديد من الأحزاب والقوى السياسية إلى انطلاق الحوار بإيجابية، وترى أن الحكومة التزمت بتعهداتها نحو دعمه، والملفات التي جرى النقاش حولها خلال فترة الإعداد تنفي وجود خطوط حمر له، وبرهن التمثيل المناسب للمعارضة في لجان الحوار على رغبة الحكومة في أن تكون جميع الآراء حاضرة بقوة في النقاشات. ولدى البعض من السياسيين قناعة بأن دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي لمجلس أمناء الحوار الوطني إلى إجراء تعديل تشريعي على الانتخابات ليسمح بالإشراف القضائي الكامل على الانتخابات الرئاسية المقبلة، مؤشر جيد لاستشراف المستقبل. وأكدت النائبة في البرلمان المصري مها عبدالناصر أن الحوار الوطني محطة رئيسية لتحقيق الإصلاح السياسي المنشود، ويؤسس لمرحلة جديدة تؤهل البلاد لبناء دولة حديثة، وأن المشاركين فيه يدعمون وجود مؤسسات حقيقية تمارس عملها بشفافية. وذكرت في تصريح لـ"العرب" أن المعارضة تضع آمالا على إحداث تغييرات سريعة في الملفات السياسية، مثل تعديل القوانين الخاصة بالانتخابات وإقرار قانون جديد للأحزاب وتعديل قانون الإجراءات الجنائية والحبس الاحتياطي وإنشاء مفوضية لمكافحة التمييز، ويمكن إنجاز هذه الملفات بسرعة إذا كانت هناك رغبة في ذلك، بعكس ملفات اجتماعية واقتصادية بحاجة إلى تعديل في جوهر السياسات العامة. وشددت عبدالناصر، وهي نائبة عن الحزب المصري الديمقراطي (معارض)، على أن الحوار طريقة مناسبة للنقاش بشأن الأزمات الداخلية، وفرصة لأن تطلع المعارضة على وجهة نظر الحكومة تجاه مجموعة من الملفات وتوفير قدر أكبر من المعلومات لدى الجهات الرسمية. واستقرت أمانة الحوار الوطني على مناقشة 113 قضية في 3 محاور أساسية، هي: السياسة والاقتصاد والمجتمع، وتم تقسيم المحاور إلى 19 ملفا، لكل منها لجنة نوعية خاصة به لضمان التوصل إلى توصيات تشريعية وتنفيذية. وسوف يشغل الملف السياسي الجزء الأكبر من جلسات الحوار ، إذ تم تشكيل 5 لجان نوعية لمناقشة قضايا مباشرة الحقوق السياسية والتمثيل السياسي والمحليات وحقوق الإنسان والحريات العامة والأحزاب والنقابات والعمل الأهلي.

مشاركة :