ينبغي أن يشكل نشر مزيد من القوات الخاصة الأميركية في العراق وسوريا للتصدي لتهديد داعش إحدى الخطوات التكتيكية، ظاهرياً، إلا أنه في الواقع، لا يزال من غير الواضح قدرة تلك القوات على تأدية هذا الدور، نظراً للغياب الكلي لاستراتيجية أميركية موثوقة، وعدم وجود خطط لإيجاد قوات سورية وعراقية فاعلة على الأرض. وهناك مخاطر جدية من أن تتحول تلك القوات إلى مجرد أداة عسكرية، بدلاً من قوة مؤثرة، وتعتبر بيدقاً تتم التضحية به في لعبة لم تخضها الإدارة الأميركية بنية الفوز فيها فعلياً. وأعلن وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر، في إفادة له أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب، أخيراً، أنه سيرسل 100 عنصر على الأقل من القوات المسلحة الأميركية إلى العراق، بما في ذلك قوات الدعم الخاص، إضافة إلى ما يصل إلى 50 عنصراً، أعلن عنهم في وقت سابق لدعم القوات الكردية والمقاتلين في سوريا. وأشارت بعض الأوساط الصحافية، أخيراً، أيضاً إلى أن كارتر أطلق على تلك القوات اسم قوة الاستهداف العسكرية الخاصة خارج الوطن، التي تهدف إلى تنفيذ غارات جوية ضد كبار قادة داعش في العراق وسوريا، واقترح فصلها عن القوة التي ستنسحب من قيادة العمليات الخاصة المشتركة. قوة الاستهداف العسكرية وشدد الكولونيل ستيفن وارن، المتحدث الرسمي باسم عمليات التحالف ضد داعش، في بيان توضيحي مفصل على نوع المهمة وحجمها ودورها التكتيكي بوصفها ضرورية لفهم أهداف المهمة وإمكانات نجاحها. وفي حين أن كلام الكولونيل عن قوة الاستهداف العسكرية خارج الوطن يجعلها تبدو ذات فائدة، مترافقة مع كونها قيمة تكتيكية محدودة في الإطار الاستراتيجي الصحيح، لكن المشكلة في أن قوة الاستهداف العسكرية يمكن أن تصبح بسهولة هدراً للدماء والمال الأميركيين، في الإطار الاستراتيجي الخاطئ. قدمت وزارة الدفاع الأميركية بيانات هائلة حول قوة الاستهداف العسكرية الأميركية خارج الوطن، إلا أنها لم تكن عملياً ذات جدوى حيال عرض مدى النجاح في إيجاد قوات عراقية فاعلة أو قوات سورية عربية، تركز على داعش. كما لم تصدر أي معلومات رسمية حقيقية حول مسار تقدم عملية إنشاء قوات حكومية عراقية فاعلة، ونقاط القوة والضعف للجيش العراقي حتى اليوم، ونجاح أو فشل الجهود الرامية إلى خلق قوات سنية عربية مؤثرة، ومكامن القوة والضعف في القوات الكردية العراقية. تقارير وأسباب واهية صدرت كذلك بيانات لا متناهية، تتحدث عن أسباب واهية تبرر التأخير في تحرير أجزاء مهمة من العراق، إلا أنها لم تتضمن ما يشير إلى تقديرات واضحة لتقييم ما يحصل، وتفصح عن موعد لبناء جيش مشاة عراقي قوي بما يكفي، جيش يتمتع بقدرات على تحرير العراق من دون التسبب بأضرار وتدمير لمراكز السكان، أو اختلاق مشكلات أساسية جديدة. وقد التفت هذه التقارير والتصريحات حول مسائل تتعلق بحالات تأجيل دفاعات الحكومة العراقية، وتزايد المخاوف الدائرة حول حكومة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، ودور إيران، والتصورات العراقية المرتبطة بعدم جدية الولايات المتحدة ومدها يد العون سراً إلى داعش، والتأثير التراكمي للحملة الجوية، والمشكلات الناجمة عن المكاسب الكردية الجغرافية على حساب العرب، والتوترات مع الأتراك، وحقيقة أن معظم حلفاء أميركا العرب يركزون على الأسد واليمن أكثر من داعش. ومن المذهل أن تصف بعض الصحف الأميركية عملية اتخاذ أوباما القرار بإنشاء وإرسال قوة استهداف عسكرية خارج الوطن على النحو التالي: يقع البيت الأبيض والبنتاغون تحت ضغوط متزايدة لإظهار أن أميركا تتخذ المزيد من الخطوات الملموسة لمحاربة تنظيم داعش. واستجابة لتلك الضغوطات، فاجأ كارتر عدداً من كبار معاونيه بإقحام خطة إضافة المزيد من القوات الخاصة في إفادته المحضرة قبل ليلةٍ واحدة من الإدلاء بها أمام اللجنة قبل تنقيحها. التفاف واضح لم يصدر أي تقرير رسمي يشير إلى وجود خطة موثوقة أو مزيج من الجهود الأميركية- العربية والتركية القادرة على تشكيل قوات حقيقية من المقاتلين في سوريا للتعامل مع داعش، أو قوات الأسد. لا تنطوي الاستراتيجية على إعلان نوايا أو مفاهيم فضفاضة، بل تتضمن خططاً واقعية وأفعالاً مبررة ومصادر ضرورية. ولم ترسل أميركا حتى الوقت الحاضر رسمياً أي نوع مناسب من عناصر التدريب والمساعدة لإعانة القوات العراقية على أن تصبح فاعلة قتالياً.
مشاركة :