الفرص الذهبية الضائعة في أمر المياه والزراعة

  • 5/25/2022
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

n هل ستغيب عن المزارع، الذي يمتهن الزراعة كمهنة، أهمية المياه الجوفية، وهو يتعامل معها بشكل يومي؟ يكفي أن تكون محل اهتمام، وهاجس شخصي في ظل ندرتها وشحها، ومعاناة الحصول عليها. ستصبح مسؤولية شخصية مستدامة، برقابة ذاتية مستدامة. وعليه لا بد من التعريف: مَن هو المزارع؟ هل يكفيه أن يكون جندي الزراعة الأول لحماية قطاعي الزراعة والمياه من قسوة الغزاة مستنزفي هذين القطاعين، في ظل ظهور الفرص أمامهم، مع غيابه؟n الغزاة على الزراعة، من شركات ومؤسسات وموظفين ومستثمرين، دوما ما يحققون المكاسب، وينسحبون مع ظهور تحديات المياه وغيرها. يتوسعون زراعيا على حساب الاستنزاف الجائر للمياه الجوفية الإستراتيجية. لا تهمهم إلا بقدر ما يستنزفون ويستفيدون منها ماديا. مصالحهم تأتي قبل الحفاظ على الماء وترشيد استخدامه. الماء ليس أكبر همهم. متوافر لهم مجانا. وقد شاهدت بحيرات من المياه الجوفية المستنزفة، لدرجة عوم العمالة في أرجائها بالقوارب.n المزارع، الذي يمتهن الزراعة كمهنة سيجنب القطاعين الزراعي والمائي كثيرا من الأنظمة، التي تُفرض لحماية الزراعة والمياه من المتطفلين والغزاة. في وجودها -أي هذه الأنظمة- سيكون المزارع أول المتضررين والخاسرين. لن يستطيع الوفاء بها. فتصبح عقبة أمام نشاطه الزراعي الإنساني. نتيجة لذلك -وحدهم المزارعون- يدفعون ثمن إجراءات ردع تصرفات وبطش الغزاة على القطاعين الزراعي والمائي.n ما هو الدور الحقيقي للوزارة المعنية تجاه المزارع، الذي يمتهن الزراعة كمهنة (أي بدون دخل آخر يسنده)؟ ما المطلوب منها كجهة مسؤولة؟n من الواجبات الوطنية الضرورية تمكين وحماية ومساندة المزارع السعودي المتفرغ للزراعة. في هذا الشأن سيظل الإرشاد الزراعي الرسمي محور ترسيخ الزراعة كمهنة. وسيكون مفتاح نجاح مهنة الزراعة المستدامة. فأدعو أن يكون الإرشاد المائي جزءا من صميم عمل الإرشاد الزراعي الشامل. سيشكل الإرشاد سلوكا تعليميا وثقافيا إستراتيجيا للمحافظة على المياه الجوفية واستدامتها، وذلك من خلال خطط وبرامج تعطي استدامة المياه أولوية قصوى.n إن التخلي عن الإرشاد من قبل الوزارة سيقود إلى فشل الزراعة كمهنة، خاصة مع بدايات إعادتها كمهنة لجيل جديد من الشباب. الفشل سيعمق عوامل التحدي، والعقبات، والمشاكل أمام جيل المزارعين الشباب الجدد. وسيكون على المدى الطويل بتأثيرات سلبية على المياه الجوفية.n وحتى تكون هناك استدامة لابد أن تكون أهدافنا أقل طموحا تراعي تحديات المياه. في هذا الشأن أجد أن مقولة سياسة الاكتفاء الذاتي لا يمكن تحقيقها في جميع المجالات الزراعية. هذه حقيقة لا يمكن إغفالها عند رسم السياسات الزراعية والمائية.n إن التوسع الزراعي دون مبرر إستراتيجي لن يراعي مصلحة الوطن على المدى البعيد. قاد -سابقا- وسيقود إلى تبديد المياه الجوفية. أيضا استمرار هذا التوسع سيؤدي إلى كارثة مائية وبيئية. ستصبح هذه الكارثة أكثر عمقا في ظل التوسعات غير المقننة لكل منطقة إدارية. هذا يقود إلى طرح السؤال التالي: هل توجد خطة زراعية ملزمة لكل منطقة؟ خطة تقوم على محور توافر الماء واستدامته. أيضا محددة بمعايير.n هل تأخذ التوسعات الزراعية الأفقية في اعتبارها ندرة الموارد المائية؟ هل نعي أبعاد نتائج الاندفاع الزراعي العشوائي وتداعياته المستقبلية الخطيرة على استمرار الزراعة في المملكة؟ هل نعي أبعادها على مستقبل المياه الجوفية؟ التساؤلات كثيرة. سيظل الواقع المعايش يوحي ويقول ويقدم الإجابات.n لنقف أمام هذا الرقم المالي الفلكي التالي بهدف جني ثمار الدروس والعبر. إنفاق ضخم من الدولة -أعزها الله- بلغ أكثر من (70) مليار ريال حتى نهاية خطة التنمية الخامسة (1995)، كثمن لإنتاج القمح، وإعانات لاستيراد حبوب الشعير من الخارج. ما المحصلة اليوم؟ ألم تكن أمامنا فرصة ذهبية لتوظيف هذه الأموال بطرق أكثر فاعلية تحافظ على الموارد المائية على الأقل؟ ويستمر الحديث بعنوان آخر.twitter@DrAlghamdiMH

مشاركة :