الزراعة في البحرين.. والفرص الضائعة (2)‏

  • 11/30/2020
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تفرض الظروف على مملكة البحرين نمطا خاصا يجب وضعه في الحسبان جيدا عند ‏الحديث عن الزراعة والأمن الغذائي، ففي الوقت الذي يتنافس فيه العالم على حجم ‏إنتاجية الفدان وجودة المحصول وكم توفير المياه والحفاظ على البيئة، تمثل الظروف ‏وتشمل (المناخ – مساحة الأرض – طبيعة التربة – شح المياه) عوائق صعبة أمام ‏التقدم البحريني في هذا القطاع، فهل أوجدت التكنولوجيا حلولا لمواجهة «الحالة ‏البحرينية» بكل تعقيداتها الزراعية؟ والتغلب على كافة هذه الصعاب؟التكنولوجيا لعبت دورا فعالا وغير متوقع في تطوير قطاع الزراعة، بدءا من عمليات ‏الزراعة الحديثة بكل تفاصيلها بما في ذلك الاستغناء عن التربة أصلا، واستخدام ‏الروبوتات في الزراعة، وحتى بيع المحاصيل إلكترونيا وتوصيلها للمستهلك الأخير في ‏ظرف ساعات قلائل.. فقد أصبح بالإمكان اليوم زراعة المحاصيل في ترب كان من ‏الصعب التعامل معها سابقا باستخدام التكنولوجيا الحيوية الزراعية، ومع هذه ‏التكنولوجيا المتطورة ومن خلال الهندسة الوراثية تم تصميم النباتات للبقاء على قيد ‏الحياة في ظروف الجفاف، كما تمكن العلماء من إدخال سمات معدلة في الجينات ‏الموجودة بهدف جعل المحاصيل مقاومة للجفاف والآفات.‏الحلول الروبوتيةبات النهج التقليدي للزراعة من بقايا الماضي ولابد من التخلص منه قدر الإمكان في ‏البحرين إذا أردنا تطويرا حقيقيا للقطاع، الحلول الروبوتية قادرة اليوم على حساب عمق ‏الزراعة المثالي للبذرة، ومراعاة المسافة بين النباتات، وكمية المياه، وإمدادات الشمس‎.‎بل بات من الممكن مراقبة وتحليل الحصاد باستخدام الطائرات من دون طيار، من خلال ‏جمع البيانات عن الحالة الحالية للمحصول وإرسالها إلى الهاتف الذكي للمزارع، كما ‏تسمح البيانات التحليلية الدقيقة للمزارعين باتخاذ إجراءات فورية أو ببساطة ضمان ‏إنبات المحاصيل كما هو مخطط له‎.‎أحد التحديات الرئيسية التي يواجهها المزارعون اليوم هو الاستخدام الرشيد للمياه ‏والاسمدة، وأصبحت الروبوتات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي قادرة على أن تقترح ‏الكمية المثلى من الماء، ومبيدات الأعشاب لتلائم تمامًا احتياجات النبات، وتوفر أكبر ‏قدر ممكن من المياه، وهذه أمور تهمنا بشدة في البحرين حاليا لأن منطقة الخليج بشكل ‏عام تعاني من «فقر ‏مائي» بالفطرة.وفي الوقت الذي يراقب فيه الروبوت الزراعي حالة المحاصيل ويؤدي مهامًا روتينية ‏أخرى، يمكن للمزارع التركيز بشكل كامل على تحسين إنتاج مزرعته وربحيتها، كما ‏يمكنه التركيز على استراتيجية العمل، وإيجاد قنوات توزيع جديدة، وجعل المزرعة أكثر ‏صداقة للبيئة‎.‎ويُعد حصاد الروبوتات الخطوة التالية في تطوير الروبوتات الزراعية، ولكن تكمن ‏صعوبة هذا الحل في حقيقة مفادها أنه من الضروري تزويد الروبوت برؤية ‏الكمبيوتر، ‏وتعليمه التمييز بين الفاكهة الناضجة وغير الناضجة، والفاسدة والطازجة، ‏وتدريبه على ‏قطف الفاكهة بعناية حتى لا يقوم بإتلافها.‏. وهي أمور أعتقد أنها ستشهد ‏تطورا كبيرا في المستقبل القريب.‏النموذج السنغافوريفي سنغافورة مثلا لا تشكل المزارع أكثر من 1% من إجمالي أراضيها في وضع ‏مشابه جدا لوضع البحرين (تبلغ هذه النسبة 40% في الولايات المتحدة)، ما يدفع الدولة ‏الصغيرة إلى إنفاق حوالي 10 مليارات دولار سنويًا لاستيراد 90% من طعامها (حالة ‏مشابهة تماما لمعظم دول الخليج والبحرين)، ولأن‎ Covid-19 ‎جعل الأمن الغذائي ‏قضية رئيسية بالنسبة إلى العالم أجمع؛ تستثمر سنغافورة الآن بكثافة في الزراعة عالية ‏التقنية؛ حيث تحاول أن تصبح أكثر اكتفاءً ذاتيًا؛ لذا ابتكرت إحدى شركات الزراعة ‏المتخصصة هناك‎ ‎طريقة جديدة للزراعة الأفقية بداخل حاويات فارغة على لمبات ليد ‏ومحاليل من دون تربة، مع تحكم «تكنولوجي» كامل في كافة مراحل العملية الزراعية!‏الوضع في البحرينيصلح النموذج السنغافوري كثيرا للتطبيق في البحرين مع الوضع في الاعتبار عدم بداية ‏التجربة من أولها بل يكفي الاكتفاء بالنتائج الأخيرة للتجربة والبناء عليها، هناك أجهزة ‏تقنية حديثة حاليا تستخلص بخار الماء من الجو وتحوله إلى مياه للري بحساب محدد ‏وفق احتياج كل نبات، عمليات تدوير المياه باتت هناك تقنيات أيضا تقوم بهذه الأمور ‏بكفاءة عالية جدا.. مع استخدام الروبوتات والطائرات المسيرة في الري ومتابعة ‏الحصاد.‏التوسع في التقنية الحديثة مع وضع استراتيجية زراعية تدمج بين أراضي الدولة ‏والأراضي الخاصة «بالتنسيق مع الملاك» سيكون له أبلغ الأثر في سد الفجوة الغذائية ‏في البحرين، فهل يمهلنا القدر لنرى البحرين دولة زراعية متقدمة تقنيا؟

مشاركة :