واصلت أسعار النفط الخام مكاسبها مدعومة من التوقعات الإيجابية للطلب العالمي خلال العام الجاري نتيجة تراجع الإصابات بوباء كورونا في الصين واتجاه البلاد لرفع قيود الإغلاق واستئناف الأنشطة الطبيعية اعتبارا من حزيران (يونيو) المقبل خاصة في شنغهاي وهي المركز المالي الأكبر للاقتصاد الصيني العملاق. وزادت الأسعار إذ فاق تأثير تراجع الإمدادات العالمية وزيادة متوقعة في الطلب على الوقود خلال موسم السفر الصيفي في الولايات المتحدة مخاوف متعلقة بركود محتمل وقيود مكافحة كوفيد - 19 في الصين. وبينما يستمر الخلاف الأوروبي المجري حول تطبيق الحظر على النفط الروسي أو استبداله بتعريفة جمركية يستعد في المقابل وزراء الطاقة في تحالف "أوبك +" لعقد اجتماع شهري جديد لتقييم أحدث بيانات العرض والطلب والمخزونات وتحديد مصير الزيادة الشهرية وقدرها 432 ألف برميل يوميا في تموز (يوليو) المقبل وسط صعوبات لدى البعض من المنتجين في الوفاء بالزيادة المطلوبة. وقال لـ"الاقتصالدية" محللون نفطيون إن العقود الآجلة للنفط الخام تواجه ضغوطا نسبية من استمرار المجر في تعليق الحظر الذي يسعى الاتحاد الأوروبي فرضه على النفط الروسي ولكن بعض الدعم جاء من ضعف الدولار وتضييق مخزونات البنزين الأمريكية. وذكر المحللون، أن أسعار النفط الخام تقاوم بالفعل الضغوط الهبوطية خاصة أن الحظر الذي اقترحه الاتحاد الأوروبي على النفط الروسي يبدو غير مرجح بشكل متزايد حيث يواصل الاتحاد الأوروبي المماطلة في قراره الأحادي الجانب بحظر النفط الروسي حيث ظلت المجر متمسكة به وتطلب مزيدا من الوقت للعثور على مصادر بديلة. وقال سيفين شيميل مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية إن ملف العقوبات الأوروبية على روسيا ما زال هو الملف الأكثر تأثيرا في حركة أسعار النفط الخام خاصة أن حظر النفط الروسي يلقى مقاومة من المجر ويعطل الإجماع الأوروبي المطلوب في كل القرارات، مشيرا إلى عرض الاتحاد الأوروبي فرض العقوبات على مراحل حتى 2024 بينما أشارت المجر إلى حاجتها إلى ما لا يقل عن 770 مليون يورو لتجديد صناعة النفط لديها. وأوضح أن أسعار النفط تلقت دعما جيدا من عوامل أخرى ذات تأثير ممتد على السوق وبخاصة ضعف الدولار الأمريكي الذي يرتبط بعلاقة عكسية مع النفط وذلك على الرغم من أن المحللين قالوا إن النفط الخام سيتداول ضمن نطاق محدد، مبينا أنه عند ضعف الدولار فإن الأصول المقومة بالدولار مثل العقود الآجلة للنفط تصبح أكثر جاذبية للمستثمرين الذين يحملون عملات أجنبية. من جانبه، اعتبر روبين نوبل مدير شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات أن الضغوط الصعودية على أسعار النفط ما زالت محدودة حيث ترى الدوائر التحليلية أن ضعف الدولار بشكل كبير لم يفعل الكثير لتعزيز أسعار النفط ما يشير إلى توقعات دولية واسعة بأن خام غرب تكساس الوسيط سيظل عالقا بين مستويات 103 و115 دولارا. وأضاف "جاء بعض الدعم الإضافي لأسعار النفط الخام من سحوبات مخزون البنزين في الولايات المتحدة حيث من المتوقع أن تنخفض مخزونات البنزين على مستوى البلاد بمقدار 500 ألف برميل إلى نحو 219.7 مليون برميل ويمثل السحب الأسبوع الثامن على التوالي من انخفاض المخزونات حيث أصبحت المخزونات بالفعل متأخرة بنحو 7.9 في المائة عن متوسط الأعوام الخمسة – وذلك بحسب إدارة معلومات الطاقة الأمريكية". من جانبه، أكد ماركوس كروج كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز أن أسعار النفط الخام صعدت بقوة هذا العام بسبب ارتفاع الطلب وتداعيات عالمية معقدة أبرزها الحرب الروسية - الأوكرانية وبذلك عزز مديرو الأموال الرهانات الصاعدة للنفط الخام كما أسهم ارتفاع تكاليف الطاقة في تفشي التضخم ما دفع البنوك المركزية إلى رفع معدلات الفائدة لزيادة النمو ومعالجة مخاوف المستثمرين. وذكر أن الإدارة الأمريكية تتجه بخطوات قوية نحو استغلال احتياطي وقود الديزل في حالات الطوارئ المستخدمة قليلا للتخفيف من أزمة المعروض في ظل الحرب. بدورها، قالت مواهي كواسي العضو المنتدب لشركة "أجركرافت" الدولية إن تحالف "أوبك +" سيظل قويا رغم الأزمة الراهنة والضغوط الدولية على روسيا وهو ما يؤكده كل اجتماع وزاري شهري للمجموعة وسط رغبة جماعية في الحفاظ على الوحدة واستمرار الشراكة. وأشارت إلى فرض الصين سلسلة من عمليات الإغلاق المؤلمة لتفشي كوفيد - 19 ما أضر بأكبر اقتصاد في آسيا خاصة المركز المالي الأكبر في شنغهاي، لافتة إلى تطلع السلطات إلى إنهاء إغلاق دام شهرين ومع ذلك أبلغت بكين عن عدد قياسي من الحالات الأمر الذي أحيا المخاوف بشأن احتمال تعرض العاصمة للإغلاق. وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط أمس معوضة خسائر تكبدتها في وقت سابق من الجلسة إذ فاق تأثير تراجع الإمدادات العالمية وزيادة متوقعة في الطلب على الوقود خلال موسم السفر الصيفي في الولايات المتحدة مخاوف متعلقة بركود محتمل وقيود مكافحة كوفيد - 19 في الصين، بحسب "رويترز". في خطوة يقول محللون إنها ستسهم في تراجع أكبر للإمدادات في السوق، يقترب الاتحاد الأوروبي من الاتفاق على حظر واردات النفط الروسية. وخلال التعاملات أمس، زاد خام برنت 18 سنتا أو 0.2 في المائة إلى 113.60 دولار للبرميل. وارتفع خام غرب تكساس الوسيط 11 سنتا أو 0.1 في المائة إلى 110.40 دولار للبرميل. وصعد النفط صعودا كبيرا هذا العام، إذ بلغ خام برنت 139 دولارا للبرميل في آذار (مارس) وهو أعلى مستوياته منذ 2008 بعد زيادة مخاوف مرتبطة بالإمدادات في أعقاب الحرب. وتكثف بكين جهود الحجر الصحي لإنهاء تفشي فيروس كورونا المستمر منذ شهر، في حين من المقرر أن ترفع شنغهاي قيود مكافحة المرض بعد ما يزيد قليلا على أسبوع. من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 115.95 دولار للبرميل الإثنين، مقابل 114.69 دولار للبرميل في اليوم السابق. وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني ارتفاع عقب انخفاضات سابقة وأن السلة كسبت نحو ثلاثة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 112.98 دولار للبرميل.
مشاركة :