من الممكن القول إنه من خلال التمعن في قراءة نتائج الانتخابات البرلمانية التي أجريت في لبنان مؤخراً، أنها قد أفرزت نتائج إلى حد ما جيدة لمن كان يتخوف على ضياع عروبة لبنان وإخضاعه للمشروع الإيراني، الذي راهن زعيم الميليشيا الإيرانية لخدمته في المنطقة، وبالرغم من أن الانتخابات أجريت في ظل القانون الذي فصله نصرالله على مقاسه، ليضمن أن يكون وأنصاره لهم الأغلبية، ومن ثم يتمكنون من فرض رئيس الجمهورية والحكومة وسن التشريعات التي تخدم مشروعهم، فإن الرياح في هذه الانتخابات قد جرت على عكس ما اشتهته سفنهم، فتصدت لها وعرقلت مسيرتها. فقد خسر حليفهم التيار الوطني الحر أكثريته، فلم يعد يمثل الكتلة المسيحية الأكبر في المجلس، ليحل محلهم غرماؤهم القوات اللبنانية والكتائب، ولم يفز في الجبل أرسلان ووئام وهاب بل فاز المحسوبون على وليد جنبلاط، وحصل شباب التغيير وثوار أكتوبر على 19 مقعداً، والجميع يطالب بالتغيير وحصر السلاح في يد الدولة. لا شك أن الفوز الذي حققته قوى التغيير لم يكن كاسحاً، ولم يكن متوقعاً أن تحقق تلك القوى أي فوز في ظل تهديد السلاح وارتفاع لغة التخوين، لذلك ترى ما تحقق مهما كان بسيطا سيمثل خطوة مهمة لإصلاح الأوضاع المعيشية والاقتصادية السيئة في لبنان، وإصلاح العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة التي دمرتها تلك السياسات التي اتبعت. من هنا بدأت تلك القوى تكشف عن مطالبها، ومن أهمها عدم إعادة انتخاب نبيه بري شريك حزب الله رئيسا لمجلس النواب، يجب حصر السلاح في يد الدولة ليكون لبنان بلدا طبيعيا، واستقلال القضاء، ورفض المشاركة في حكومة وحدة وطنية يكون لحزب الله الثلث المعطل، وبدأ حزب الله يهدد تلك القوى واصفا إياهم بعملاء إسرائيل والسفارات الأجنبية. وهكذا أصبحت قضية فلسطين والعمالة لإسرائيل سلاحا في يد المحتالين ليتاجروا بتلك القضية، ويتهموا بها من يعارض سياساتهم الوحشية، ولكن ما نقول في نهاية المقال، إلا كما قال القائل: لقد هزلت حتى بدا من هزالها كلاها وحتى سامها كل مفلس
مشاركة :