نعم.. هيبة الدولة من هيبة الأمن

  • 12/14/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

ردة الفعل الحكومية في فرنسا وفي أمريكا على الأعمال الإرهابية الأخيرة التي وقعت في باريس وفي كاليفورنيا أذهلت البعض من الناس، وهناك من رأى فيها مبالغة كبيرة في ردة العنف، وكأن البلاد والعباد تواجه جيوش دولة، وليس مجرد خلايا جماعات إرهابية تقوم على شباب جهال بسطاء! ومدى الاستغراب والعجب أن هذه العمليات الإرهابية ترتبت عليها إجراءات واسعة صارمة، بالذات في فرنسا حيث أعلنت حالة الطوارئ وقامت أجهزة الأمن بعشرات العمليات الأمنية الوقائية، وتم تفتيش المئات من البيوت والمحلات، وقد غلب على بعض هذه العمليات عنف واضح فيه تجاوز للقوانين والأخلاقيات! بمنظورنا العربي، رأى البعض مثل هذه الإجراءات الأمنية غريبة أو مبالغا فيها، أما الأوروبيون والأمريكان فيَرَوْن هذه الإجراءات بمنظارهم الفكري الذي يفهم طبيعة الدولة، لذا الإجراءات الصارمة وجدت دعما إعلاميا وشعبيا، وسوف تلجأ إليها الحكومات مع كل الحالات التي تستدعي إرادة الدولة، وليس لها علاقة بدين أو لون أو طائفة، انها إرادة الدولة في فرض الأمن. أول مهمة للدولة، أية دولة، يريدها الناس ويفترض أن تكون في أولوياتها القانونية والأدبية هي مهمة حفظ الأمن وعدم السماح بالعبث به. ثم يأتي بعد ذلك تحقيق العدل بين الناس. ولتحقيق الوظيفة الأمنية والعدلية تسخر الدولة مواردها بدون تحفظ، وغالبا تجد الدولة الدعم والمساندة الشعبية لكي تقوم المؤسسات الأمنية بدورها، وأيضا تجد الدولة الدعم لكي تنفذ الأنظمة على المخلين بالأمن أو المتجاوزين إرادة الدولة. في أمريكا، قبل بضع سنوات أيام الأزمة المالية العالمية، رأينا كيف تعاملت السلطات الأمنية مع المتظاهرين المحتجين على انقلاب ميزان توزيع الثروات حيث رفعوا شعار (1٪‏)، إشارة إلى تركز جزء كبير من الناتج المحلي الامريكي في يد شركات عملاقة وعائلات ثرية. لقد تعامل الأمن بشكل صارم مع المتظاهرين وأخليت الشوارع من المحتلين بقبضة حديدية. الناس وحتى المنظمات الحقوقية والمدنية تقبلت هذه الإجراءات لأنها في النهاية لمصلحة الحياة العامة، ولمصلحة من يريد أن يعمل وينتج وليس من يخرب. لقد وضعت الدول الآليات السلمية النظامية للمطالبات والاحتجاجات، ووضعت المؤسسات التي تكفل ذلك، والدول المستقرة الواثقة بنفسها وبإمكانياتها تحث الناس على تحسين أوضاعهم وأخذ حقوقهم وتضع للناس السبل والآليات التي تعينهم على ذلك. نحن في المملكة واجهنا أعمالا إرهابية مرعبة، ومع ذلك ظل حزم الدولة مستمرا وحياة الناس تسير بسياقها الطبيعي، وكرامات الناس وحقوقها محفوظة مصانة، ولدينا كل الثقة بإمكانياتنا وبمستقبل بلادنا. منذ سنوات عملنا بشكل مكثف لإتمام تطبيق الأنظمة العدلية، ودعمنا منظومة القضاء بكل الامكانات المادية والبشرية، وتم ضبط عمل المؤسسات الأمنية ليكون ملتزما بالنظام الأساسي للحكم وما تحته من أنظمة وتعليمات، ومحققا لمقاصد الشريعة الإسلامية ومستجيبا لعاداتنا وأخلاقياتنا. الحمدلله اننا قطعنا مسافة كبيرة لتحقيق ما نتطلع إليه، ومستمرون في التطوير والتحسين لمؤسسات القضاء والأمن. ان مما ينفع الناس ويحفظ معاشهم وييسر دورهم في عمارة الأرض هو تحقيق الأمن وردع الخارجين عليه، كل حسب جرمه وجريرته، وهيبة الدول من هيبة الأمن وتطبيق كل ما يؤدي إليه.

مشاركة :