أكد خبراء العقار بالمنطقة الشرقية أن المعارض العقارية التي تنظم سنويا في المملكة أصبحت لا تحمل صفة المنافسة وتشكل مستوى غير متوقع للمستهلكين بالرغم من الدور الكبير الذي تلعبه معارض العقار في التنمية، إلا أن المتابعين لها سنويا يلاحظون دائما التشابه الكبير بين أطروحاتها وعروضها من حيث حجم وقيمة المشاريع الاستثمارية، كما يلاحظ ان الكم الهائل من الاستثمارات ينتهي بانتهاء المعرض لحين الدورة القادمة دون فائدة حقيقية تعود للمستهلك من خلال المعرض. الفجوة التسويقية وقال الباحث في الشؤون العقارية الدكتور علي بو خمسين: مما لاشك فيه أن المعارض العقارية المتخصصة هامة للغاية ويفترض أن يكون لها السبق في حل كافة مشاكل القطاع العقاري وذلك في ظل اجتماع كل من شركات التطوير والتمويل والاستثمار العقاري إلى جانب المستفيد النهائي من المنتج العقاري بأنواعه تحت سقف واحد علاوة على الحشد الاعلامي والترويجي الكبير الموجه لها محليا واقليميا، وفي ظل بلوغ حجم السوق العقاري 1.5 الى 2 تريليون ريال، وبالأخذ في الحسبان ان حجم سوق التمويل العقاري الآن يقدر بـ 23 مليار ريال والذي يعتبر لا شيء مقارنة بالحجم المتوقع الوصول إليه والذي سيتجاوز مبلغ نصف تريليون ريال خلال فترة الـ 10 اعوام القادمة ليستطيع تلبية احتياجات حجم الفجوة التسويقية القائمة بقطاع الإسكان الحالية. وأضاف إنه رغم الكم الهائل من شركات التمويل العقاري والبنوك العاملة في مجال التمويل العقاري والمطورين التي تجتمع تحت سقف المعارض مما يتيح الفرصة للزوار في التعرف على الجهات العاملة بقطاع التمويل العقاري والاحتكاك بها بشكل مباشر والتعرف على عروضها التي في الواقع وللأسف لم تحمل صفة المنافسة أبدا بل جاءت متقاربة جدا ومخيبة للآمال، وبالرغم من الدور الكبير والايجابي الذي تلعبه معارض العقار في التنمية إلا أن المتتبع لها سنويا يلاحظ التشابه الكبير بينها من حيث ضخامة حجم وقيمة المشاريع الاستثمارية المطروحة التي تبدو كفيلة بتحقيق نهضة عمرانية واقتصادية كبيرة بالمملكة إلا أن كل هذا الكم الهائل من الاستثمارات ينتهي بختام المعرض لحين الدورة القادمة تاركا تساؤلات كثيرة في أذهان الكثيرين عن أسباب هذا الاختفاء المفاجئ لهذه المشاريع إن لم يكن لها كلها يكون لأكثرها. وأضاف بو خمسين: إن كان الكثير من المحللين لديهم تفسيرات مختلفة ربما تتجه في أغلبها الى أن المشاريع المعلنة بالمعرض هي في أغلبها مشاريع عقارية مرشحة بقوة للتعثر وأن الوقائع تشير إلى أن حجم المشاريع التي أعلن عنها ولم تر النور لأي سبب كان يصل الآن إلى عشرات المليارات وتظل تطرح تساؤلا لماذا تتكرر هذه الظاهرة ويعلن عن مشاريع جديدة بأرقام فلكية، موضحا أنه مما لا شك فيه أن هناك العديد من الاسباب التي حدت من الاستفادة القصوى من تلك المشاريع وعدم تنفيذها فعليا لتسهم في تنمية المنطقة مما يترتب على اثر ذلك العديد من الخسائر على المنطقة من الناحية العمرانية والاقتصادية، ونتيجة لذلك يلاحظ التراجع الكبير لعدد الزوار واحجام بعض الشركات عن المشاركة وفقدان الثقة من قبل المستهدفين من الأفراد من هذه المعارض مما أفقدها الكثير من زخمها وحيويتها المفترضة. وأكد أن المعوقات التي تؤثر على مسيرة هذه المعارض تركزت في 4 محاور رئيسة أولها المشاكل المتعلقة بكل من المطورين والممولين والمستفيدين والاستثمار العقاري مثل عدم وجود شركات تمويل محلية بالمعنى المفهوم والمماثل عالميا لشركات التمويل، وارتفاع درجة المخاطرة التمويلية فيما يتعلق بتمويل الافراد، وعدم تلبية المطور لاحتياجات السوق والايفاء بمتطلبات الممول العقاري، إضافة إلى عدم منح شركات الاستثمار العقاري الكبرى الأولوية في استثمار الوحدات السكنية نتيجة لانخفاض العائد الاستثماري مقارنة بأنواع الاستثمارات العقارية الاخرى، ونتيجة لذلك نجد ان مساهمة صغار المقاولين أكبر من مساهمة الشركات الكبرى في مد السوق بالوحدات السكنية، وكذلك ضعف قدرة الأداء لدى معظم المطورين لأسباب تمويلية أو أسباب العمالة والسعودة، وبخصوص المحور الثاني فهو يفسر المشاكل المتعلقة من وجهة نظر الأفراد والفئات المستفيدة الأخرى في ارتفاع أسعار المنتجات العقارية والفوائد المرتفعة للبنوك الممولة، إضافة إلى ارتفاع مستوى الربحية لشركات التمويل بمعدل أكبر من الفوائد البنكية، وتعقيد إجراءات ومتطلبات الشركات التمويلية من ضمانات ومستندات مما نتج عن ذلك عدم ثقة المستهلك في شركات التمويل والبنوك، وكذلك عدم وجود وحدات سكنية مناسبة لحجم التمويل المتاح واحتياجات المستهلكين، أما المحور الثالث فيختص بالمشاكل المتعلقة بالدولة والوزارات ذات الصلة وأولها غياب الدعم والتحفيز للقطاع العقاري كغيره من القطاعات الاقتصادية الأخرى، والانتظار الطويل للحصول على الموافقات اللازمة لأي مشروع عقاري مما يؤدي إلى إهدار الوقت والخسائر وغياب كثير من الشركات عن المعرض العقاري بسبب عدم جاهزيتها لطرح مشاريعها الاستثمارية، وكذلك انفاق الدولة على تطوير اطراف المدن وإهمال التحرك في وسط المدن، وأخيرا المحور الرابع وهو المتعلق بمشاكل تنظيم المعارض العقارية تدني مستوى التنظيم وضعف الاستقطاب للاستثمار العقاري العالمي ذي الاحجام الكبيرة. توطين التجارب العالمية وفيما يتعلق بالحلول المقترحة للمشاكل بالمحاور التي ذكرت قال بو خمسين: مما لا شك فيه ان الدعم الحكومي لا يمكن ان يواجه الطلب المتزايد على منتجات العقار خاصة السكني الأمر الذي يتطلب تعزيز الدور التكاملي بين القطاع الحكومي ممثلا في الجهات المعنية بالاستثمار العقاري (السكني على وجه التحديد) والقطاع الخاص ممثلا في شركات التطوير والتمويل والاستثمار العقاري وذلك من خلال العمل على تكامل العلاقة بين شركات التطوير والتمويل والاستثمار العقاري والمستفيد النهائي حتى نجد ممولا قادرا على التمويل ومطورا قادرا على انتاج منتج يلبي متطلبات ورغبات الممول والمستهلك ونجد مستهلكا قادرا على الدفع أو الشراء، تخفيض اسعار الفائدة وزيادة حجم التمويل، إضافة إلى توطين التجارب العالمية للشراكات الذكية والناجحة بين المطور والممول والمستثمر العقاري، وبيع أراض تخص وزارة الاسكان وغيرها من المحجوزات من الاراضي بمزاد علني مشروط بتحجيم قيمة الارباح بنسب معينة. التراخيص والتكلفة وأوضح المطور العقاري حامد بن حمري أن وجود المعارض العقارية مهم ومفيد في نفس الوقت؛ لأنها تتيح للمستهلك رؤية كل المشاريع المطروحة. وفيما يتعلق بنوعية المشاريع والمنتجات التي تعرض سنويا قال: «هناك مشاريع تمت دراستها بالشكل الصحيح فمنها يتم تنفيذها على أرض الواقع وأخرى يتم إيقافها لأنها لم تنجح، أو أنها تواجه صعوبة في إصدار التراخيص نتيجة اشتراطات أمانات المناطق، وتكلفة الكهرباء العالية، أو مشاكل في الصكوك، لذلك فإن المعارض ما هي إلا وسيلة إعلان لإيصال فكرة المنتجات إلى المستهلكين. تقليد وتكرار من جهته أكد الخبير العقاري عادل الدوسري أنه من المفروض ألا يتم تنظيم المعارض العقارية سنويا والسبب أن المنتج العقاري ثقيل من ناحية البيع والإنتاجية، وكذلك يحتاج إلى فترة زمنية لا تقل عن 3 سنوات حتى يظهر بالشكل النهائي ويعرض ما هو جديد. وفيما يتعلق بالمشاريع والمنتجات العقارية التي يتكرر ظهورها في المعارض ولم تحقق على أرض الواقع منذ سنوات قال: «توجد عوامل عدة منها طول الإجراءات النظامية والشروط الخاصة بإصدار التراخيص من قبل البلديات والذي يجعل هذه المشاريع تبقى بدون تنفيذ، وكذلك قد تكون نوعية المنتج المسوق له لا ترضي المستهلك أو السوق مثل بعض مشاريع الفلل الصغيرة «الدوبلكسات» التي تبلغ حوالي 60 فيلا ويتم بيع جزء منها لا يزيد على 30% والباقي معروض ولم يجد من يشتريه بسبب التقليد والتكرار في نفس الشكل والتصميم الذي يعجل في فشل المشاريع العقارية، موضحا أن هناك بعضا من أصحاب المشاريع الذين يشاركون في المعارض لا يسعون إلى استقطاب أذواق المواطنين والتوفيق فيما بينها بقدر المستطاع، وإنما يدرسون مشاريعهم بناء على قناعتهم الشخصية وليس ما يتطلبه السوق أو التوجه إلى تنفيذ مشاريع موجودة ومتكررة في السابق. وأضاف «ما نلاحظه من مشاريع تعرض في المعارض هي عبارة عن بنايات بلاستيكية معروضة على صفائح خشبية كثير منها لم يظهر على أرض الواقع وإذا ظهرت نجدها فاشلة» بدليل أن هناك تجارب لعقاريين فشلوا في مشاريعهم لسببين الأول أنهم مؤمنون بأن وحداتهم المعروضة على الصفائح الخشبية ستجد إقبالا كبيرا من المشترين مع العلم أن المعرض في أصله ليس مكانا للبيع وإنما وسيلة إعلان. وأكد الدوسري أن عملية بيع وشراء المنتجات العقارية (التداول) انخفضت في الفترة الحالية عن السنوات السابقة بنسبة قد تصل إلى اكثر من 30%، وهذه النسبة تم استخلاصها من واقع مشاهداتنا في السوق العقاري، والدليل على ذلك أن كثيرا من العقاريين توجهوا إلى نشاطات أخرى لأن الاستثمار بهذا القطاع أصبح غير نافع. العديد من الشركات تقوم بتكرار النموذج الهندسي
مشاركة :