الفتاة وأهلها وتقاليدهم مربط الفرس

  • 12/14/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

العنوسة تعبير عام يستخدم لوصف الأشخاص الذين تعدوا سن الزواج المتعارف عليه في كل بلد، وبعض من الناس يظن أن هذا المصطلح يطلق على الإناث دون الرجال، والصحيح أنه يطلق على الجنسين ولكن المتعارف عليه مؤخراً هو إطلاقه على النساء في الأغلب. وفي مجتمعنا تقدر نسبة العنوسة بمالا يقل عن أربعة ملايين عانس والنسبة سنوياً في ازدياد، وعندما نقرأ أو نسمع عن الحلول المطروحة للقضاء على العنوسة، فإنها لن تتجاوز في العادة تقليل المهور أو تحديدها مع توفير مصاريف الزواج وخفض بعض التكاليف، وإيجاد الوظيفة للشاب وقبول الفتاة وقناعتها ورضاها به، مع هجر بعض العادات والأعراف مثل حجر البنات وعدم تزويج الصغيرة قبل الكبيرة وتصحيح فكر بعض الفتيات اللاتي يفضلن إكمال الدراسة على الزواج واشتراطاتهن المتعسفة، فضلاً عن أزمة السكن وغياب الدور الاجتماعي للمؤسسات الاجتماعية والخيرية. أضف إلى ذلك تطلع كثير من الشباب للزواج من الخارج، في ظل وجود تسهيلات مادية ومعنوية من قبل الزوجة الأجنبية وأهلها، وإن كانت بعض الإجراءات الحكومية فيها شيء من التطويل والمتطلبات والشروط وليس التعقيد-، ومع وجود كثير من الزيجات الناجحة، فإنه لا شك لن تقل نسبة العنوسة. في إحدى الدورات تعرفت على مقدم الدورة وكان ممن يحملون الجنسية الأمريكية والألمانية معاً وكان يدعى يوسف بعد إسلامه بالطبع يوسف آنذاك لم يمض على إسلامه سوى بضعة أشهر وكان عمره 30 سنة، ومع أنه كان حديث عهد بالإسلام إلا أنه كان شديد الحرص على معرفة الإسلام وتعاليمه. وقد ذكر لي من الأسباب التي دعته للدخول في الإسلام مع أنه ليس السبب الرئيس زوجته الممرضة السعودية، ذلك حينما تقدم للزواج منها، فأخبرته أن عليه أن يسلم قبل كل شيء، فكان مما زاد من قناعته في الإسلام ودخوله فيه موقفها، وهي بذلك تذكرنا بقصة الصحابية الجليلة أم سليم بنت ملحان التي كان مهرها هو إسلام زوجها أبي طلحة رضي الله عنهم. هذه الفتاة السعودية وإن كانت كسرت بعض العادات والتقاليد في زواجها من أجنبي، إلا أنها لم تتجاوز الخطوط الحمراء فقد حققت بالنسبة لها حلما كانت تحلم به أي فتاة في مجتمعنا، خاصة إذا كان الشاب كامل المواصفات «إلا شوي» كما هو الحال مع صديقي الوسيم يوسف. وأذكر من الأمور التي أدهشت صديقنا يوسف أن خطيبته أخبرته أن يوم الزفاف سوف يستغرق أربع ساعات عند الكوافير فقال لها: ولم كل ذلك؟ فقالت له: من أجلك هنا يوسف كاد أن يُجلط قال: كل هذا لي.. يقولها وهو في صدمة يشوبها الفرح والسرور، حينها قال لي: طارق عندما كنت في أمريكا كانت لدي صديقة أمريكية.. لا أدري كيف كانت حياتي ستكون معها لو تزوجتها هم وانزاح -. قد يعلل بعض هذه الزيجة بأن الفتاة ليست قبيلية مثلاً وليس ذلك بصحيح، فكون هذه الزيجات لا يعترف بها القبائليون لا يعني حرمتها، ولكن هي مجرد عادات وتقاليد إلى الجاهلية أقرب منها إلى الإسلام، ولأن المعيار الصحيح للزوج هو إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه مع اعتبارات أخرى كالنسب والكفاءة وغيرها، فهل هناك في مجتمعنا ما يمنع من تزويج الأجنبي المسلم الكفء غير عادات وتقاليد ليس إلا؟ ومع هذا لو سُئلت هل كنت سأرضى لو تقدم لأختي مثلاً رجل أجنبي؟ في الحقيقة الأمر ليس بالهين، ولأني أحد أفراد هذا المجتمع المحاط بعادات وتقاليد ومفاهيم مترسخة فلن يكون الأمر بهذه السهولة، مع أن الواقع شاهد على وجود مثل هذه الزيجات ونجاحها. وعلى فرض أن يكون هذا الحل ضمن الحلول المطروحة، تبقى المعضلة الكبرى بعد موافقة الأهل على الزوج الأجنبي الكفء وهي تكاليف الزواج التي تفرضها الزوجة وأهلها وتقاليدهم وأعرافهم، فلا يتصور في الغالب أن يكون الأجنبي من الناحية المادية أفضل حالاً من السعودي الميسور الحال، ففي النهاية ستبقى الفتاة وأهلها وتقاليدهم مربط الفرس.

مشاركة :