كما هو الحال بالنسبة للملايين في الدول النامية والأسواق الناشئة في أنحاء العالم، تحوّل تسوّق الأطعمة الأساسية من ضرورة إلى رفاهية للتركي سلجوق جيميتشي. يقول الرجل، البالغ من العمر 49 عاماً، الذي يعمل في ورشة لتصليح السيارات في إسطنبول، أكبر مدن تركيا، ويعيش مع زوجته وطفليه في منزل والده، إن المنتجات الطازجة تكون بعيدة المنال في الغالب بالنسبة لأسرته، التي تعيش على المعكرونة والبرغل والبقوليات. وأضاف جيميتشي «كل شيء أصبح مكلفاً جداً، لا يمكننا شراء وأكل ما نريد. نشتري فقط ما في إمكاننا حالياً. طفلاي لا يتغذيان بشكل صحيح». وارتفعت أسعار المواد الغذائية العالمية على مدى عامين مدفوعة باضطرابات «كوفيد-19»، وويلات الطقس. وجعلتها صدمات إمداد الحبوب والزيوت تسجل رقماً قياسياً في فبراير، بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، ومرة أخرى في مارس. ضغوط إضافية وقفزت معدلات التضخم وزاد ارتفاع أسعار الطاقة من الضغوط. قد تكون تركيا أو الأرجنتين، مع تضخم سنوي يبلغ 70% ونحو 60%، حالات استثنائية، لكن المعدلات تتكون من رقم في خانة العشرات في بلدان من البرازيل إلى المجر. وذلك يجعل التضخم في الولايات المتحدة، الذي يبلغ 8.3%، يبدو متواضعاً بالمقارنة. وارتفاع أسعار المواد الغذائية يعد من الموضوعات الساخنة في الأسواق الناشئة، ما يزيد من مخاطر حدوث اضطرابات مدنية، ويضع صناع السياسات في مأزق بين التدخل بدعم مالي لتخفيف المعاناة عن السكان، أو الحفاظ على الموارد المالية الحكومية. وتظهر بيانات صندوق النقد الدولي أن الغذاء يمثل أكبر فئة في سلال التضخم، في اختيار السلع المستخدمة لحساب كلفة المعيشة، في العديد من الدول النامية، وأنه يمثل نحو النصف في دول مثل الهند أو باكستان، وفي المتوسط نحو 40% في البلدان منخفضة الدخل. وأصبح منتجو المواد الغذائية أكثر تحوطاً. فقد أعلنت الهند مطلع الأسبوع فرض حظر على صادرات القمح، بينما أوقفت إندونيسيا صادرات زيت النخيل، للسيطرة على الأسعار المرتفعة في الداخل في أواخر أبريل. وقال رئيس أبحاث الأسواق الناشئة العالمية في بنك «بي إن بي باريبا»، مارسيلو كارفالو، لرويترز، إن تضخم الغذاء قد يكون أطول أمداً، كون الحرب في أوكرانيا لا تؤدي إلى تعطيل إمدادات الغذاء فحسب، لكن إمدادات الأسمدة أيضاً. وأضاف كارفالو «هذا موجود ليبقى. الغذاء واضح جداً، عندما يكون هناك تغيير في أسعار المواد الغذائية، يتم تضخيم التصور حول التضخم الذي يغذي توقعات التضخم التي لا يتم كبحها بسهولة». وضع صعب بالنسبة لـ(أم إبراهيم)، وهي أرملة تبلغ من العمر 60 عاماً، وبائعة متجولة تبيع الأوشحة أمام مسجد في حي مدينة نصر، الذي تسكنه الطبقة الوسطى بالعاصمة المصرية القاهرة، أصبح توفير الطعام لأطفالها الأربعة أكثر صعوبة. وسألت قائلة وهي تضع سلعتها على قطعة قماش: «ارتفعت جميع الأسعار، الملابس والخضراوات والدواجن والبيض، ماذا أفعل؟». وشهدت مصر، وهي من أكبر مستوردي القمح في العالم، ارتفاع التضخم إلى أكثر من 13% في أبريل، ومن المتوقع أن ترفع أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماع هذا الأسبوع، بعد أن خفضت قيمة العملة بنسبة 14% في منتصف مارس. ويتعين على صانعي السياسات في الأسواق الناشئة، بعد أن رفعوا أسعار الفائدة بمئات النقاط الأساسية بشكل تراكمي منذ عام 2020 للحد من ضغوط الأسعار، وضمان علاوة سندات فوق العوائد الأميركية المتزايدة للمستثمرين، الموازنة بين ترويض التضخم والحفاظ على النمو الهش، في وقت يشهد ارتفاع أسعار الفائدة العالمية. ويتوقع البنك الدولي أن تنمو الاقتصادات الناشئة بنسبة 4.6% فقط هذا العام، مقارنة بالتوقعات السابقة البالغة 6.3%. لا حلول سهلة وتقول رئيسة ديون الأسواق الناشئة في بلو باي لإدارة الأصول، بولينا كورديافكو، إن الحكومات لديها ثلاثة خيارات: تقديم دعم أكبر للمستهلكين أو السماح للأسعار بالارتفاع ومواجهة التضخم والاضطرابات الاجتماعية، أو القيام بشيء ما بين الأمرين. وأضافت كورديافكو: «لا توجد حلول سهلة». واتخذت مجموعة من الدول تدابير، فقد رفعت تركيا الحد الأدنى للأجور بنسبة 50% في ديسمبر لمعالجة انهيار العملة وارتفاع التضخم. وسترفع تشيلي الحد الأدنى للأجور هذا العام أيضاً. وتبحث حكومة جنوب إفريقيا ما إذا كانت ستزيد منحة الإعانة الاجتماعية، التي تم إطلاقها في عام 2020، وجعل هذا البرنامج دائماً. ويخشى الاقتصاديون أن تواجه الاقتصادات الناشئة موجة جديدة من الاضطرابات على خلفية الزيادات الأخيرة في أسعار المواد الغذائية. وقالت كبيرة الاقتصاديين في البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، بياتا جافورسيك، إن شمال إفريقيا، حيث كان تضخم أسعار الغذاء أحد أسباب ثورات الربيع العربي قبل نحو عقد من الزمن، بدا معرضاً للخطر بشكل خاص. وأضافت «المفارقة في هذه الحرب هي أنه بينما توقع الجميع أن تشهد روسيا أزمة، فإن دول شمال إفريقيا هي في الواقع الأقرب إلى مواجهة حالة طوارئ بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية». لكن من المتوقع أن تمتد الضغوط أكثر. فقد قالت شركة استشارات المخاطر، فيريسك مابلكروفت، الأسبوع الماضي، إن ثلاثة أرباع الدول التي يُتوقع أن تكون معرضة لخطر مرتفع أو خطر شديد بحدوث اضطرابات أهلية بحلول الربع الرابع من عام 2022 هي دول متوسطة الدخل. وقال كارفالو من بنك «بي.إن.بي» إن تخفيف ضغوط التضخم من خلال الإنفاق، سيأتي بكلفة مالية قد تؤدي إلى مزيد من المتاعب لاحقاً. وأضاف «في الأسواق الناشئة، تُغفر الخطايا المالية لكن لا تُنسى.. على مدى العامين الماضيين، شعر الجميع وكأن لديهم شيكاً على بياض، فيما يرجع جزئياً إلى أن أسعار الفائدة كانت منخفضة جداً. والآن بعد أن بدأت أسعار الفائدة في الارتفاع، أصبح الأمر أكثر صعوبة». • ارتفعت أسعار المواد الغذائية العالمية على مدى عامين مدفوعة باضطرابات «كوفيد-19»، وويلات الطقس. وجعلتها صدمات إمداد الحبوب والزيوت تسجل رقماً قياسياً في فبراير، بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، ومرة أخرى في مارس. • ارتفاع أسعار المواد الغذائية يعد من الموضوعات الساخنة في الأسواق الناشئة، ما يزيد من مخاطر حدوث اضطرابات مدنية، ويضع صناع السياسات في مأزق بين التدخل بدعم مالي لتخفيف المعاناة عن السكان، أو الحفاظ على الموارد المالية الحكومية. • تظهر بيانات صندوق النقد الدولي أن الغذاء يمثل أكبر فئة في سلال التضخم، في اختيار السلع المستخدمة لحساب كلفة المعيشة في العديد من الدول النامية، وأنه يمثل نحو النصف • في دول مثل الهند أو باكستان، وفي المتوسط نحو 40% في البلدان منخفضة الدخل. في الأسواق الناشئة، تُغفر الخطايا المالية لكن لا تُنسى.. على مدى العامين الماضيين، شعر الجميع وكأن لديهم شيكاً على بياض، فيما يرجع جزئياً إلى أن أسعار الفائدة كانت منخفضة جداً. والآن بعد أن بدأت أسعار الفائدة في الارتفاع، أصبح الأمر أكثر صعوبة. تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news Share طباعة فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :