لقد بات مصطلح القوة الناعمة من المصطلحات المتداولة في الآونة الأخيرة إذ لم يقتصر على استخدام تلك القوة في العلاقات بين الدول بل امتد إلى بيئات العمل والعلاقات بين أفراد الأسرة ، إذ تم تعريف القوة الناعمة بأنها القدرة على أن تحصل ما تريده بالجذب وليس الإجبار والتأثير عبر الإقناع دون الحاجة لاستخدام الإكراه أو الإغراء المادي. وسنركز في حديثنا اليوم على القوة الناعمة في العلاقات الأسرية إذ تكمن أهميتها في تحقيق الترابط الأسري والثقة والأمان داخل الأسرة والاستقرار الأسري والمساهمة في التربية الإيجابية للأبناء وبالتالي خلق مجتمعات متماسكة. وعليه فنحن بحاجة لتبني مفاتيح السعادة الأسرية لتحقيق القوة الناعمة داحل منازلنا والمتمثلة في الوازع الديني والحب والاهتمام وتقبل الأبناء كما هم وعدم التمييز بينهم والثقة المتبادلة بين أفراد الأسرة الواحدة والمشاركة في جو من الصراحة بين الآباء والأبناء والاحترام والتقدير. كما نحن بحاجة إلى الابتعاد عن العلاقات الأسرية المدمرة والتي يتركز أهمها في أن الوالدن في موقع السيطرة ولايعملان كفريق واحد فقد يكون أحدهما صارمًا والآخر متساهلًا وغير متفقان على طريقة موحد لتربية الأبناء ، وأيضًا ما يدمر العلاقات الأسرية بأن أحد الوالدين غائب وافتقاد التواصل الفعال حيث يعيشان شبه منفصلين وأحدهما هو الذي يتولى المسئولية أو أن أحد الوالدين مهيمن والآخر ضحية فينضم أحدهما إلى الأبناء في فؤيق الضحايا ويقوم بالتاثير عليهم لمهاجمة الطرف الآخر ، وهناك صورة أخرى للعلاقات الأسرية المدمرة عندما يكون الطفل هو المسيطر والوالدان الضحية فنرى هنا بأن التسلسل الهرمي مقلوب أو قد يكون الوالدان ضد الأبناء بسبب الفجوة بين الأجيال أو قد تعاني الأسرة من انعزال أحد أفرادها بسبب الإهمال. أيضًا نحن بحاجة إلى القوة الناعمة بين الأزواج المتمثلة في الابتعاد عن أسلوب العنف والصراخ والمودة والسكينة والتعاطف والتجاوز عن الأخطاء في جو يسوده الحوار الإيجابي بين الزوجين. وحديثنا يطول عن القوة الناعمة في تربية الأبناء التربية الإيجابية ، إذ تقوم على أربع مقومات متمثلة في ضبط النفس والارتباط قبل الانضباط وبناء جيل واعد وتحفيز الاكتشاف. فلو تحدثنا بعمق أكثر حول ضبط النفس فإنها تتمثل في كسر القاعدة وإدارة الغضب ، وكسر القاعدة نعني بها استخدام جهاز التحكم الداخلي واسترجاع الآثار النفسية المحبطة التي عانى منها أحد الأبوين في الصغر إلى جانب استيعاب حقيقة المشاعر والتريث والتماسك حتى يتم التراجع عن إتخاذ قرارات قدم يندم عليها الوالدان. أما عن إدارة الغضب فينصح بالتالي للآباء. • توقف عن الجدال ولا تعاود النقاش حتى تهدأ وستمنح ابنك الفرصة ليهدأ دون استخدام القوة • حرر جسمك من الغضب وابتسم كي يسترخي جهازك العصبي • غير نظرتك إذا كنت تعتبر ابنك مصدرًا للازعاج وتذكر بأن ابنك يسعى للتنفيس عن مشاعره فساعده دون تعنيف. وسنتحدث هنا عن ثاني مقومات القوة الناعمة في تربية الأبناء وهو الارتباط قبل الانضباط والمتمثلة في. • عدم المبادرة بالحديث مع ابنك قبل أن يوليك تركيزه الكامل ، انظر في عينه واربت على كتفيه برفق حتى يلتفت إليك • لا تكرر حديثك فإن فإن لم تجد الإجابة عد إلى الخطوة الأولى وانتظر حتى تستحوذ على تركيزه • استخدم أقل عدد ممكن من الكلمات أثناء تعديل السلوك أو توديه التعليمات. وهناك قواعد لبناء جيل واعد بالقوة الناعمة أهمها. • تعاطف مع نفسك ، فكلما كنت أكثر تسامحًا وتقبلًا لنفسك انعكس ذلك على تحفيزك لأبنائك • كن نصيرًا لطفلك واحترم احتياجاته ولا يعني أن تغض الطرف عن أخطائه لإرضائه بل قوّم سلوكه بالحسنى واغرس فيه محبتك بالهدوء • تجنب العقاب ولا تخلط بينه وبين التهذيب واستبدله بالتوجيه والنصح • دع ابنك يعبر عن مشاعره بحرية واكسر حاجز الخوف لديه بالتواصل الفعال • لبي احتياجات ابنك في التغذية والمرح والعناق واللعب والأمان واصقل مهاراته وعلمه معايير السلوك المقبول حتى يتنبأ بما ىهو متوقع منه في مختلف المواقف. • اعتبر ابنك مستشارك التربوي وأتح له المجال ليعبر عن رغباته واستمتع بكل لحظة تقضيها معه • غير أساليبك وجدد أسلوبك التربوي من حين لآخر ليواكب مراحل نمو ابنك ومتطلبات العصر • أحب ابنك بأفعالك وابذل ما في وسعك لتحافظ على العلاقة الحميمية معه فهذا الخيار الأمثل لتؤثر فيه. إذًا نحن بحاجة إلى تربية أبناء قادرين على الإنجاز باتباع القواعد التالية. • اجعل المتعة هدفًا في حد ذاته • آمن بقدرة ابنك على ترك بصمة في العالم • حفز ابنك على خوض التحديات الصعبة • بارك الجهود لا النتائج بتكرار بعض العبارات التحفيزية مثل أنا فخور بك لأنك لم تستسلم لترفع معنوياته وتدفعه نحو مزيد من المحاولات • شجع ابنك على التحفيز الذاتي وعلمه بعض العبارات المحفزة التي يمكن أن يستخدمها كلما تأزمت الأمور مثل أنا أحاول إذًا أنا ناجح • ساعد ابنك في اكتشاف مواطن شغفه وأبدي اهتمامك وتفهمك ودعمك له. ونحن على مشارف استقبال العطلة الصيفية، يمكننا استغلال قواعد القوة الناعمة في تعزيز الجانب الروحي في الأبناء وصناعة أجواء روحانية داخل منازلنا باستغلال زوايا المنزل ، وأيضًا بإمكاننا تهيئة الأجواء داخل المنازل لأبنائنا بحيث تتحول إلى مقرات صيفية تساعدهم على استغلال وقت الفراغ واكتشاف مواهبهم وقدراتهم وتجهيز بعض زوايا المنزل بالأدوات غير المكلفة ماديًا التي تساعدهم في ذلك كزتوية لأنشطة فيها نوع من التحدي ، وزاوية تتيح لهم المجال لللإبداع والابتكار ، إلى جانب تخصيص مكتبة قرائية تعج بالكتب الملائمة لفئتهم العمرية وتخصيص وقت أو ساعة للقراءة مع بعض داخل المنزل ومناقشة ما تم قراءته وتلخيصه وهناك العديد من الأفكار التي سيبدع بها أولياء الأمور وأبنائهم لو تم التخطيط لها من الآن ، فلنجعل بيوتنا زوايا تنبض بالسعادة من أجل سعادة أسرية مستدامة. للتواصل مع الكاتبة 0097338887140.
مشاركة :