مشوار كشف الجهاز السري يبدأ بحظر السفر على الغنوشي

  • 5/28/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يعتبر محللون أن قضية الجهاز السري لحركة النهضة في تونس من أكثر القضايا تعقيدا وما هي إلا خطوة أولى في مشوار الألف ميل للكشف عن حقيقة الاغتيالات السياسية وقضايا الفساد المالي والسياسي التي تُتهم حركة النهضة بالتورط فيها طيلة العشرية الماضية. وأصدر القضاء التونسي مساء الجمعة قرارا بحظر السفر على 34 شخصا في قضية ما يعرف بالجهاز السري لحركة النهضة الذي يواجه اتهامات بينها التورط في اغتيال السياسي اليساري شكري بلعيد والنائب البرلماني السابق محمد البراهمي في 2013. ويشمل القرار رئيس الحركة ورئيس البرلمان المنحل راشد الغنوشي ، وفق تأكيد المتحدثة باسم محكمة أريانة القريبة من العاصمة. وأفاد رئيس منظمة الأمن والمواطن عصام الدردوري، وهي منظمة مدنية حقوقية تعنى بإصلاح العلاقة بين المواطنين ورجال الأمن، في تصريح خاص لـ"ميدل إيست أونلاين" أن قرار حظر السفر على الغنوشي هو" تأكيد على أن الجهاز السري الذي عمل على تخريب مؤسسات الدولة موجود". وكان الدردوري، وهو نقابي أمني شغل منصب كاتب عام نقابة أمن مطار تونس قرطاج الدولي، هو أول من كشف للرأي العام التونسي منذ 2013 عن وجود جهاز سري مسلح لحركة النهضة متورط في الاغتيالات السياسية وفي ملف تسفير الشباب إلى بؤر التوتر كسوريا والعراق. وأشار إلى أن النواة الأولى لهذا الجهاز تكونت من خلال شخص يدعى فتحي بوصيدة وشخص آخر يدعى عبد الكريم العبيدي المتهم في قضية الراحل محمد البراهمي، مضيفا أنه تم تعيين بوصيدة في وقت ما ملحقا أمنيا بالسفارة التونسية بالقاهرة رغم إبلاغ وزارة الداخلية بشبهة تورطه. وكان نائب رئيس حركة النهضة علي العريض هو من يشغل منصب وزير الداخلية في تلك الفترة. وهي فترة يقول محللون إنها شهدت تفككا واضحا لهياكل الوزارة  التي ضعف أداؤها بفعل الاختراقات الأمنية التي أدت إلى الاغتيالات السياسية والأمنية ونشط خلالها الإرهابيون في الجبال الغربية التونسية وعلى الحدود التونسية الليبية بشكل لافت. وروى الدردوري لـ"ميدل إيست أون لاين" أنه "لاحظ خلال مباشرته عمله بمطار تونس قرطاج أمورا مريبة ومشبوهة تحصل داخل فرقة حماية الطائرات التى اتضح أن عبد الكريم العبيدي هو من كان يشرف عليها والذي اتهم لاحقا في قضية اغتيال البراهمي". وتتقاطع شهادة الدردوري مع ما صرحت به هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي التي قدمت وثائق تثبت أن "تأسيس الجهاز السري لحركة النهضة كان بدعم من قيادات إخوانية مصرية". وفي اتصال مع شقيق بلعيد، قال عبد المجيد بلعيد لـ"ميدل إيست أونلاين" إن عائلة بلعيد متفائلة بقرار حظر السفر عن الغنوشي، معربا عن أمله في أن يتوسع القرار ليشمل الدائرة المحيطة بالغنوشي من الذين وصفهم بـ"الغرباء الذين لم ولن يقبلهم الجسم التونسي". وعلق بلعيد على القرار بأنه "يضع حدا لـ9 سنوات من عبث قضاء البحيري بالملفات القضائية"، مطالبا بالتعجيل في استكمال التحقيقات و"تنظيم محاكمات علنية للجناة يتابعها أحرار العالم في كل مكان".. ويُتهم وزير العدل الأسبق نور الدين البحيري، وهو قيادي في حركة النهضة الإسلامية بمحاولة "تدجين القضاء التونسي والتلاعب بالملفات التي تدين إرهابيين وتورطهم في قضايا تمس من الأمن القومي التونسي، حسب اتهامات وجتها له وزارة الداخلية وهيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي وناشطون حقوقيون وسياسيون. وخضع البحيري في كانون أول/ ديسمبر الماضي للإقامة الجبرية على خلفية "تقديم وثائق هوية ووثائق الجنسية بشكل غير قانوني وشبهة إرهاب جدية"، بحسب بلاغ رسمي لوزارة الداخلية التونسية التي قررت إخلاء سبيله في آذار/ مارس الماضي. وعبّر عبد المجيد بلعيد، وهو أيضا قيادي بحزب الوطنين الديمقراطيين اليساري (وطد) الذي كان يشغل شقيقه شكري بلعيد منصب أمينه العام قبل اغتياله في 2013، عن ثقته في أن "رئيس الجمهورية قيس سعيّد لن يخضع للمساومات ولن يتاجر بقضية الشهيدين"، مشيرا إلى أن حركة النهضة تعتمد أسلوب المساومة والابتزاز في كل مناسبة يتم الإعلان عن فتح تحقيق جدي في قضية الجهاز السري لحركة النهضة وتورطه في قضايا إرهابية. وعن الأدلة التي تورط الجهاز السري لحركة النهضة يقول الدردوري لـ"ميدل إيست أونلاين" إن هناك أدلة "تورط مصطفى خضر الذي كان مكلفا من الحركة بجمع المعلومات الشخصية عن عناصر الأمن والصحفيين وحتى سائقي سيارات الأجرة الذين يمكن للحركة التعويل عليهم في تنفيذ مخططات مشبوهة". وأضاف أن "الرقم الصعب الآخر في الجهاز السري هو محرز الزواري المدير العام السابق للمصالح المختصة بوزارة الداخلية وعادل مرابط اللذين كانا يمثلان أحد أبرز أذرع خضر في وزارة الداخلية". وطلب الدردوري العودة إلى جلسة البرلمان ليوم 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 عندما قدم ملفا للجنة برلمانية كانت تحقق في تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر. وأضاف أن "الملف يضم وثائق تثبت تورط النهضة وهو ما قابله نواب الحركة في البرلمان بالغضب ومقاطعة الجلسة وتهديده بالتصفية الجسدية". وأشار الدردوري إلى أن القرار القضائي بحظر السفر على الغنوشي هو "خطوة في مشوار الألف ميل مشيرا إلى أن الملف معقد ومتشابك وتتداخل فيه أطراف إقليمية ودولية متواطئة مع النهضة". ونفت حركة النهضة تلقيها ورئيسها راشد الغنوشي إعلاما بحظر السفر عليه بقرار قضائي. وقالت النهضة في بيان، مساء الجمعة 27 مايو/أيار، إن رئيسها لا ينوي السفر إلى الخارج رغم الدعوات العديدة إلى المشاركة في عدة تظاهرات دولية بصفته رئيسا للبرلمان. واعتبرت الحركة ما يحصل "عملية ممنهجة لإلهاء الرأي العام وصرفه عن الاهتمام بالمشاغل الحقيقية وواقع الأزمة السياسية والاقتصادية". وأضافت النهضة أن زعيمها راشد الغنوشي يبقى على ذمة القضاء العادل والمستقل لإيمانه بأن ملف “الجهاز السري” مزعوم من قبل هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي. من جهته أبدى النائب في البرلمان المنحل المنجي الرحوي، وهو قيادي بحزب الوطد، استبشاره بالقرار قائلا "تحية إلى شعب تونس الأبي الذي أسقط حكم الإخوان سلميا". وينشط الرحوي في حزب الوطد ويُعتبر من أشد المقربين لبلعيد. وهو معروف في أوساط التونسيين بمناوءته الشديدة لحركة النهضة وكثيرا ما وجه لها تهم الاغتيالات علنا في جلسات برلمانية مباشرة.  وأكدت وزارة الداخلية التونسية في 2013 أن قيادات في تنظيمات إرهابية هي من نفذت عمليات الاغتيالات التي أدخلت البلاد في أزمة سياسية أجبرت حركة النهضة على إثرها على الخروج من الحكم بعد تمسك منفذي اعتصام الرحيل بموقفهم وتم وقتها تعليق عمل المجلس التأسيسي مؤقتا. وعادت قضية الجهاز السري لواجهة الأحداث في تونس بعد الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها رئيس الجمهورية قيس سعيّد. وفتحت السلطات القضائية التحقيق في هذه القضية في يناير الماضي.

مشاركة :