شحة المياه تؤثر على محصول القمح في العراق

  • 5/30/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تجوّل صلاح شيلاب في أرضه الزراعية مترامية الأطراف والواقعة جنوب بغداد وتفقد بذورها التي لاحظ أنها كانت أخف بعدة غرامات مما كان يأمل، وهو ما أرجعه إلى نقص المياه الذي تسبب في تراجع نوعية المحصول. وزرع شيلاب جل المساحة في أرضه البالغة 10 أفدنة (4 هكتارات)، لكنه لم يتمكن من ري ربعها إلا بعد أن فرضت وزارة الزراعة حصص مياه صارمة خلال موسم الزراعة ويخشى أن يتلف باقي المحصول. حميد النايف: لا يتوفر حتى الآن سوى 373 ألف طن من القمح في المستودعات وفي الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار القمح العالمية بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، يقول المزارعون العراقيون إنهم يدفعون ثمن قرار الحكومة بخفض الري في المناطق الزراعية بنسبة 50 في المئة. واتخذت الحكومة هذه الخطوة في مواجهة النقص الحاد في المياه الناجم عن ارتفاع درجات الحرارة والجفاف الناجم عن تغير المناخ، بالإضافة إلى ارتفاع استهلاك البلدان المجاورة لمياه نهري دجلة والفرات. ويُعتبر التصحر عاملا مسببا لموجة العواصف الرملية التي ضربت المنطقة خلال السنة الحالية. وسُجّل ما لا يقل عن 10 منها في البلاد خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث غطّت المدن بطبقة كثيفة من الغبار برتقالي اللون، وأوقفت الرحلات الجوية وأرسلت الآلاف من الناس إلى المستشفيات. وقال مدير عام الدائرة الفنية في وزارة البيئة، عيسى الفياض “نحتاج إلى المياه لحل مشكلة التصحر، لكننا نحتاجها أيضا لتأمين إمداداتنا الغذائية. وليس لدينا ما يكفي للغرضين”. ويعتمد العراق على نهري دجلة والفرات لتلبية جلّ احتياجاته المائية. وهما يتدفقان إلى البلاد من تركيا وإيران. وقد شيّدت الدولتان المذكورتان سدودا أوقفت تدفّق المياه أو حوّلته، مما سبب النقص الكبير الذي يعاني منه العراق اليوم. وقال وزير الموارد المائية مهدي رشيد إن منسوب الأنهار انخفض بنسبة 60 في المئة مقارنة بالعام الماضي، وهو ما أثّر مباشرة على كمية محاصيل الحبوب ونوعيّتها. فعلى سبيل المثال، أنتج المزارع شيلاب 30 ألف طن من القمح سنة 2021، و32 ألف طن في 2020، لكنه لا يتوقع أن يتخطى عتبة 10 آلاف طن سنة 2022 لأنه يعتمد على مياه الأمطار وعلى قناة من نهر الفرات. عيسى الفياض: نحتاج إلى المياه لحل مشكلة التصحر، لكننا نحتاجها أيضا لتأمين إمداداتنا الغذائية وقال إنه اضطر إلى الاعتماد على مياه النهر خلال الموسم الحالي بسبب انخفاض مستويات هطول الأمطار. ويقول المسؤولون الحكوميون إن التغيير ضروري. حيث لا تعتبر الطريقة المعتمدة فعّالة ولا تعدّ مستدامة على المدى الطويل. وتضيّق ندرة المياه الخيارات وتشدّد الضغط لتحديث تقنيات الزراعة القديمة والمهدرة. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الزراعة حميد النايف “لدينا خطة استراتيجية لمواجهة الجفاف نظرا لشح الأمطار والاحتباس الحراري وقلة الري بسبب الدول المجاورة حيث لم نحصل على نصيبنا من المياه”. واتخذت الوزارة إجراءات لابتكار أنواع جديدة من القمح المقاوم للجفاف وإدخال طرق لمضاعفة المحاصيل. وصرّح النايف “ما زلنا نتعامل مع أنظمة الري التي كانت مُعتمدة في الخمسينات. ويجب على الدولة أن تجعلها فعالة، ويجب أن ندفع المزارع إلى قبولها”. ويعتمد المزارعون العراقيون على الدولة في إنتاج الغذاء، وهو ما يستنزف الأموال الحكومية حسب صناع القرار والخبراء. وتدعم وزارة الزراعة المزارعين من خلال توفير كل ما يلزمهم من أدوات الحصاد والبذور والأسمدة والمبيدات بسعر مدعوم أو مجانا. كما تتوفّر المياه المحولة من الأنهار للري دون أي تكلفة. وتخزّن وزارة التجارة بعد ذلك المنتجات أو تشتريها من المزارعين لتوزيعها على الأسواق. ويبقى القمح محصولا استراتيجيا رئيسيا، حيث يمثل 70 في المئة من إجمالي إنتاج الحبوب في البلاد. مهدي رشيد: منسوب الأنهار انخفض بنسبة 60 في المئة مقارنة بالعام الماضي ويبدأ موسم الزراعة في أكتوبر ويبدأ الحصاد عادة في أبريل ويمتد حتى يونيو في بعض المناطق. وخفّضت وزارة الزراعة دعمها للأسمدة والبذور والمبيدات في 2021، وهي خطوة أثارت غضب المزارعين. ويقدّر الطلب المحلي على المواد الغذائية الأساسية بما بين 5 و6 ملايين طن سنويا. لكن الإنتاج المحلي يتقلص مع مرور كل سنة. وقد أنتج العراق 4.2 مليون طن من القمح سنة 2021، حسب وزارة الزراعة التي سجّلت 6.2 مليون طن في 2020. وقال حميد النايف “قد نحصل اليوم على 2.5 مليون طن في أحسن الأحوال”. وسيتطلب ذلك من العراق زيادة الواردات. وعادة ما يُباع معظم محصول القمح إلى وزارة التجارة. وأشار النايف إلى أنه لا يتوفر حتى الآن سوى 373 ألف طن من القمح في مستودعات وزارة التجارة، وهو ما يُعتبر مؤشرا على انخفاض المحصول. وغيّرت الحكومة مؤخرا سياستها للسماح لجميع المزارعين العراقيين ببيع منتجاتهم إلى مراكز تخزين وزارة التجارة لتلبية المطالب وسط أزمة سوق الحبوب العالمية الأخيرة، حيث كانت هذه الميزة تقتصر على المزارعين الذين يعملون ضمن خطة الحكومة. وقال شيلاب الذي بدا قمحه جاهزا للنقل “صحيح أننا في حاجة إلى تطوير أنفسنا، لكن التغيير يجب أن يكون تدريجيا وليس فوريا”.

مشاركة :