المعارضة السورية: معركة الحل السياسي

  • 12/15/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يعد اتفاق المعارضة السورية في الرياض، يوم الخميس الماضي، تطورا نوعيا في مواجهة نظام بشار الأسد ومن يستقوي بهم من قوى دولية وإقليمية على الشعب السوري والدولة السورية، استعدادا لخوض معركة الحل السياسي للأزمة السورية، تتويجا لجهد دبلوماسي وسياسي سعودي كبير، ما فتئ يدعم الشعب السوري منذ اندلاع ثورته ضد ظلم وجبروت وطغيان حزب البعث، بقيادة عصابة الأسد، الذي حكم سوريا بالحديد والنار لما يقرب من أربعة عقود ونصف. هذا الإنجاز للسياسة الخارجية السعودية، ليس غريبا على الدبلوماسية السعودية، انطلاقا من موقف المملكة القومي الثابت تجاه نصرة قضايا العرب، دفاعا عن مصالح النظام العربي وذودا عن أمن العرب القومي. كان للمملكة العربية السعودية سابقة في هذا المجال عندما نجحت في رعاية اتفاق الطائف بين الفرقاء اللبنانيين في سبتمبر ١٩٨٩، الذي أنهى حربا أهلية في لبنان اشتعلت لسبع عشرة سنة. الجبهة السياسية الوطنية السورية الموحدة الممثلة في الهيئة العليا للتفاوض التي انبثقت عن مؤتمر الرياض، أكيد لن تجد طريقها للحل السياسي الذي يضمن وحدة الشعب والدولة في سوريا، مفروشا بالورود.... إطلاقا، على العكس: ستمضي في طريق مليء بالأشواك.. ومفخخ بالألغام، ومسمم برائحة المؤامرات والدسائس.. وفي أفضل الأحول مفعم باللامبالاة وانعدام الإحساس، من قبل الكثير من القوى الفاعلة في النظام الدولي، التي تبلد الإحساس لديهم حتى على المستوى الإنساني، بمأساة الشعب السوري والمصير المظلم، الذي يأخذ سوريا إليه أعداؤها من الداخل.. وأطماع الأطراف الإقليمية والدولية من الخارج. هذه الهيئة العليا للتفاوض، الذي شكلها المؤتمر، ستلقى - ولا ريب - مقاومة شرسة من نظام الأسد.. وستواجه بتدابير أكثر شراسة من قبل الأطراف الدولية والإقليمية التي تستخدم عمالة نظام الأسد لها من أجل تحقيق أطماعها في التوسع والهيمنة.. وأيضا، للأسف: من قبل بعض العرب الذين تاهت بهم وعنهم بوصلة الأمن القومي العربي!؟ لعل أقسى ما يمكن أن يواجهه هذا الفريق التفاوضي للمعارضة السورية، هو، كما سبقت الإشارة إليه: هذه اللامبالاة والتردد المريب التي يصطبغ بها الموقف الدولي، الغربي على وجه الخصوص. الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، استمرأ إرسال رسائل متناقضة، حول الأزمة السورية، تحكمها اعتبارات استراتيجية قصيرة النظر.. وتحالفات قائمة.. ومصالح متضاربة، أكثر منها إحساس مسؤول بخطر ما يحدث في سوريا على سلام العالم وأمنه، بل وحتى على مصالح الغرب نفسه، في أهم مناطق العالم حيوية بالنسبة لمصالحه وأمنه. تلك المتغيرات التي تحكم خارطة الصراع في سوريا والمنطقة، هي: أهم التحديات التي ستواجه المعارضة السورية في معركة الحل السياسي القادمة. الموقف لا يتطلب فقط الإبقاء على روح الاصطفاف السياسي التي أوجدها مؤتمر الرياض للمعارضة السورية، بل أيضا: استمرار القتال على مسرح المعارك مع النظام ومن يسانده من قوى إقليمية ودولية، لكسب المزيد من الأرض كأهم رصيد استراتيجي متراكم لدعم المركز التفاوضي للمعارضة السورية. بالأكيد: من الناحية الاستراتيجة، أن اتفاق الرياض لفصائل المعارضة السورية سوف ينعكس إيجابا على أدائها القتالي في أرض المعركة، بعد أن كان كل فصيل بدا وكأنه يقاتل من أجل أجندته الخاصة، بدلا من أن تقاتل المعارضة المسلحة معا من أجل وحدة سوريا وإرادة الشعب السوري الحرة. لا شك أن اتفاق الرياض، لو حوفظ على الزخم السياسي الذي انعكس في البيان الختامي للمؤتمر، وانعكس على أداء المعارضة استراتيجيا في مسرح العمليات داخل سوريا، فإن هذا لن يدعم المركز التفاوضي للوفد السوري الموحد، فقط في جولة مفاوضات الحل السياسي القادمة التي سترعاها الأمم المتحدة.. بل أيضا: سينعكس إيجابيا على سلوك وتوجه أشقاء سوريا وأصدقائها، الذين وقفوا إلى جانب الثورة السورية على نظام الأسد، وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية، التي دعت واستضافت ورعت مؤتمر الرياض. الكرة الأن في ملعب المعارضة السورية ومرمى الحل السياسي تحتشد دونه كل قوى الشر وعدم الاستقرار في المنطقة والعالم، وليس من خيار أمام الوفد التفاوضي الموحد، الذي شكل في مؤتمر الرياض، إلا أن يسدد الكرة تجاه المرمرى محرزا أكبر عدد من الأهداف لتنتهي مباراة الحل السياسي لصالحه، انتصارا للشعب السوري والدولة السورية الموحدة والمستقلة، ذات السيادة الكاملة.

مشاركة :