تقرير إخباري: إطالة أمد الصراع الروسي الأوكراني يهدد الأمن الغذائي لتونس

  • 5/31/2022
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

ترتسم في أفق المشهد العالمي ملامح أزمة غير مسبوقة على الصعيد الغذائي وأخرى مرتبطة بإمدادات الطاقة بسبب تداعيات الصراع الروسي الأوكراني الذي دخل أسبوعها الأول من شهرها الرابع على التوالي. كما اتسعت دائرة دول العالم المُتضررة من هذا الصراع، ومنها الدول العربية التي باتت تُواجه العديد من المخاطر باعتبارها تعتمد كثيرا على المواد الغذائية الأساسية وخاصة الحبوب من روسيا وأوكرانيا. وتُعتبر تونس واحدة من هذه الدول المُتضررة من الصراع الروسي الأوكراني الجاري، حيث يجمع الخبراء على أن إطالة أمد هذا الصراع يهدد الأمن الغذائي للبلاد التي تُعاني أصلا من مشاكل أخرى ناتجة عن الجفاف والأوضاع السياسية الهشة. وكان وزير الاقتصاد التونسي سمير سعيد قد أعلن في بداية الشهر الجاري أن ارتفاع أسعار النفط والحبوب نتيجة تداعيات الصراع الروسي الأوكراني يكلف ميزانية الدولة التونسية خسائر بحوالي 1.7 مليار دولار أمريكي. وتأتي تقديرات وزير الاقتصاد التونسي فيما حذرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) من أن الصراع الروسي الأوكراني يهدد الأمن الغذائي في غالبية أنحاء العالم. ولفتت إلى أن عددا من الدول العربية منها تونس معنية بهذه التداعيات، باعتبارها تعتمد على روسيا وأوكرانيا لضمان 85 في المائة من احتياجاتها من القمح، و73 في المائة من الزيوت النباتية. ووفقا لمنظمة الفاو، فإن روسيا وأوكرانيا هما أكبر وخامس أكبر مصدرين للقمح في العالم، وهما مجتمعان يحتلان 19 في المائة من الناتج العالمي للشعير، و14 في المائة من القمح، و4 في المائة من الذرة، في فترة ما بين 2016\2017 و2020\2021. وأمام هذا الوضع، لم يتردد المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة ديفيد بيزلي من وصف الصراع الروسي الأوكراني بأنه "كارثة فوق كارثة" وسيكون له تأثير عالمي "يتجاوز أي شيء رأيناه منذ الحرب العالمية الثانية". في هذا السياق، اعتبر وزير التجارة التونسي السابق، محمد المسيليني، أن الصراع الروسي الأوكراني له تأثيرات كبيرة على الاقتصاد التونسي لعدة اعتبارات منها أن تونس تستورد جزء كبيرا من احتياجاتها من الحبوب يتجاوز 70 في المائة من استهلاكها السنوي. وأضاف في تصريح خاص لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن تونس تستورد أيضا كميات هامة من احتياجاتها من الطاقة، ما يعني أن تونس ستكون مضطرة لدفع الفاتورة الجديدة لهذا الصراع الذي أدى إلى الارتفاع الكبير لأسعار المواد الأساسية في الأسواق العالمية. ولفت إلى أن تكلفة هذه الفاتورة ستكون باهظة على اقتصاد البلاد، وتوازناتها المالية، خاصة في هذه الفترة التي سجلت فيها قيمة الدينار التونسي تراجعا ملحوظا أمام الدولار. وتُقر السلطات الرسمية التونسية بخطورة الوضع الناجم عن تداعيات هذا الصراع وانعكاساته السلبية على البلاد، فأضطرت الى اتخاذ قرار في منتصف الشهر الجاري، برفع أسعار عدد من المواد الغذائية الأساسية بينها الحليب والبيض والدواجن. واعتبر وزير التجارة التونسي السابق محمد المسيليني أن العقوبات الأمريكية والأوروبية على روسيا "ساهمت في تعميق أزمة الغذاء في العالم، والمنطقة العربية عموما". وأوضح لـ((شينخوا)) أن تلك العقوبات التي وصفها بـ"غير المُبررة" نتج عنها "ارتفاع تكلفة النقل والتأمين"، داعيا في المقابل حكومة بلاده إلى "استغلال الفرصة لكسر الحاجز وتنويع علاقاتها الاقتصادية مع دول من خارج علاقاتها التقليدية". في هذا الصدد، اتفق الناشط السياسي التونسي هشام الحاجي على أن "الأمر يتجاوز تونس إلى عدد كبير من دول العالم"، معتبرا أن الصراع الروسي الأوكراني تحول إلى الصراع الروسي الأمريكي بعد أن ألقت واشنطن بثقلها السياسي والدبلوماسي والاقتصادي فيه. وانتقد هشام الحاجي واشنطن فرض العقوبات الاقتصادية على الدول التي تتعامل اقتصاديا مع روسيا دون أن تفكر في تداعيات ذلك لأن الحصار على الغذاء يفتح الباب أمام تهديد جدي للإنسانية جمعاء في ظل ما يمثله الحصار على الغذاء من مخاطر وتحديات. ومع ذلك، تتجاهل أمريكا حاجة العالم إلى السلام والتنمية، حيث تواصل ضخ السلاح إلى أوكرانيا لإطالة أمد الصراع الروسي الأوكراني، وذلك في الوقت الذي يُواجه فيه أكثر من 800 مليون شخص شبح الجوع في جميع أنحاء العالم، بينما يتأرجح 44 مليون شخص في 38 دولة من حافة المجاعة، وفقا لبرنامج الأغذية العالمي.

مشاركة :