ليفربول لا يزال بحاجة للتحسن كي يفوز بالبطولات الكبرى

  • 6/2/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

إلى أين سيتجه ليفربول بعد خسارة المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا أمام ريال مدريد؟ لقد كان الموسم يقترب من الكمال بالنسبة لليفربول، حيث كان هدف أقل لمانشستر سيتي أو هدف آخر لأستون فيلا في الجولة الأخيرة من الموسم كفيلاً بأن يحصل ليفربول على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز، كما أن تصدياً واحداً أقل من تيبو كورتوا كان يعني وصول المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا إلى الوقت الإضافي. في الحقيقة، لم يكن أي نادٍ قريباً من الحصول على الرباعية التاريخية بنفس الشكل الذي كان ليفربول قريباً من تحقيقها، ومع ذلك لم يحقق ليفربول أكثر من الإنجاز الذي حققه آرسنال في موسم 1992 – 1993، ومع كل الاحترام لستيف مورو، وجون جنسن، وآندي لينيغان، فلا أحد يتحدث عنهم كواحد من أعظم الفرق عبر كل العصور! من المؤكد أن السياقات تتغير، وأن الفريق الحالي لليفربول هو فريق رائع للغاية، حيث تمكن يورغن كلوب والفريق الكبير من المتخصصين الذين يعملون معه من تحقيق شيء استثنائي، وكوّنوا فريقاً مثيراً للإعجاب وقادراً على منافسة مانشستر سيتي بقوة رغم أن صافي الإنفاق لدى ليفربول يقل عما أنفقه نادٍ مثل إيفرتون –حتى لو تفوق مانشستر سيتي عليه فيما يتعلق بالصراع على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز. دعونا نتفق على أن الفريق الحالي لمانشستر سيتي قوي للغاية، لكنّ الأمر تطلب إنفاق مبالغ مالية ضخمة على التعاقدات الجديدة ومرافق التدريب وفريق العمل في الغرف الخلفية والمدير الفني حتى يصل الفريق إلى هذا المستوى. وعلاوة على ذلك، تم بناء الفريق الحالي لمانشستر سيتي بذكاء شديد، خلافاً لمعظم الاستثمارات الضخمة السابقة في مجال كرة القدم، حيث تعاقد النادي خلال السنوات الأخيرة مع اللاعبين الجدد بشكل مدروس وبعناية فائقة. وبالتالي، فمن الرائع أن ينجح ليفربول في منافسة مانشستر سيتي بصافي إنفاق بلغ 200 مليون جنيه إسترليني فقط على مدى ست سنوات. يعد ليفربول أحد أندية النخبة في إنجلترا، بفضل تاريخه الكبير والاستثمارات التي تضخها مجموعة «فينواي سبورتس» (التي، لكي لا ينسى أي شخص، كانت حريصة كل الحرص على القفز على مشروع دوري السوبر الأوروبي قبل عام). ومن المثير للإعجاب أن يتمكن ليفربول من منافسة مانشستر سيتي بهذه القوة، وبالتالي فمن الطبيعي أن يكون هناك شعور بأن ليفربول أفضل من معظم أندية الدوري الإنجليزي الممتاز. من المفهوم أن كلوب كان يحتقر إلى حد كبير الكؤوس المحلية في إنجلترا في الماضي، لكنه أدرك بعد ذلك أن الفوز بأي بطولة مهم للغاية، وكان يتعين عليه أن يفوز على مانشستر سيتي وتشيلسي في نصف النهائي والنهائي لكي يفوز بالكؤوس المحلية هذا الموسم، لكن التغلب على شروزبري وكارديف سيتي ونوريتش سيتي ونوتنغهام فورست هو ما ينبغي عليه القيام به. وهكذا نصل إلى واحدة من المفارقات الغريبة التي طرحتها كرة القدم الحديثة ومواردها المالية، وهي أن الإنجاز الأكبر لليفربول هو المنافسة حتى الرمق الأخير على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز، وليس الفوز ببطولتي الكأس. يأخذنا هذا الأمر إلى نقطة أخرى عن العظمة، وهي أن الفوز جزء من العظمة، وأن عبقرية كلوب واضحة للجميع، لأنه كوّن فريقاً قوياً وكان من الشخصيات الرئيسية في إعادة تعريف كرة القدم الحديثة، وقد فعل ذلك في كلٍّ من الدوري الألماني الممتاز والدوري الإنجليزي الممتاز بموارد أقل من منافسه بكثير. لكن من الغريب أيضاً أنه لم يفز في عدد كبير من المباريات النهائية التي وصل إليها. لقد خسر ست مباريات نهائية بين عامي 2013 و2018، وعلى الرغم من أن ليفربول أنهى الموسم الحالي بالفوز بكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة وكأس الاتحاد الإنجليزي، فإنه فاز بالبطولتين بركلات الترجيح (والتي يجب أن يُنسب الفضل فيها إلى كلوب نظراً لأنه استعان بشركة (نيرو 11) الألمانية المتخصصة في طب الأعصاب، لمساعدة اللاعبين في تسديد ركلات الترجيح بكفاءة، وهو ما ساعد لاعبي ليفربول على تسجيل 18 ركلة من أصل 19 ركلة جزاء). ولم يسجل ليفربول أي هدف خلال خمس ساعات ونصف من اللعب في المباريات النهائية، لكن كلوب يركز بشكل كبير على التفاصيل ولا يمل من البحث عن أي شيء قد يكون بمثابة ميزة لفريقه، لا سيما في سياق خيبات الأمل في المباريات النهائية. والأكثر من ذلك أن ليفربول لم يفز على أيٍّ من الفرق الأخرى التي احتلت المراكز الأربعة الأولى في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم. فهل يعود السبب في ذلك إلى أن الطريقة التي يلعب بها الفريق، والتي تعتمد على الضغط المتواصل على حامل الكرة والتحولات السريعة من الدفاع للهجوم، تكون أقل فاعلية ضد المنافسين الأفضل في التعامل مع الكرة، والذين يكونون أقل عرضة للشعور بالذعر عندما يتم الضغط عليها؟ ربما هذا هو السبب الذي جعل تياغو ألكانتارا يبدو مؤثراً للغاية بالنسبة لليفربول، كلاعب يمكنه إضافة القليل من الجودة الفنية واللمسات الذكية التي يمكنها تفكيك أفضل خطوط الدفاع. لقد قرر كلوب الدفع به في التشكيلة الأساسية أمام ريال مدريد في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا رغم كل الشكوك المثارة حول لياقته البدنية وجاهزيته، ورغم أنه قام بعمليات الإحماء بمفرده بعيداً عن باقي لاعبي الفريق الآخرين، وهو ما يشير إلى مدى أهمية هذا اللاعب بالنسبة للمدير الفني الألماني. لكن ألكانتارا لم يظهر بالشكل المتوقع في تلك المباراة، وهو ما يعني أن كلوب ربما أخطأ عندما أصر على الدفع به. ربما كان الشيء الأبرز في مباراة دوري الأبطال هذا الموسم هي السرعة التي استقرت بها المباراة، وكيف بدا أن الطرفين يقبلان أدوارهما، حيث كان هناك إحساس بأن ليفربول يفتقر إلى القليل من الدقة ولا يتمتع بالحيوية التي تميزه عندما يكون في أفضل حالاته، لكن هذه لم تكن مفاجأة كبيرة في الحقيقة. ومرة أخرى، هذه هي مشكلة كرة القدم الحديثة، حيث تكون الفوارق بين أندية النخبة ضئيلة للغاية، لكن ليفربول لم يعد إلى أفضل حالاته منذ فترة التوقف الدولية في مارس (آذار) الماضي -وهي الفترة التي لعب خلالها 16 مباراة، حقق الفوز في 11 منها ولم يخسر سوى مرة واحدة فقط (ومن أصل المباريات الأربع التي تعادل فيها كانت المباراة النهائية لكأس الاتحاد الإنجليزي، التي فاز فيها بركلات الترجيح؛ ومباراة في إياب دوري أبطال أوروبا بعد أن حقق فوزاً مريحاً في المباراة الأولى؛ ومباراة أخرى ضد مانشستر سيتي). ومرة أخرى، واجه ليفربول صعوبات كبيرة في التغلب على خطوط دفاع الأندية الكبيرة. هذا هو ليفربول الذي حقق ثاني أعلى مجموع من النقاط لفريق لم يفز بلقب الدوري، وهو فريق جيد للغاية، لكن لكي يكون فريقاً عظيماً ويمكنه تحقيق الفوز بالبطولات والألقاب الكبرى وتخطي مانشستر سيتي، فإنه بحاجة إلى المزيد من المكر والدهاء الكروي! ورغم إخفاق ليفربول في تحقيق حلمه بالتتويج بالرباعية التاريخية، وذلك عقب خسارته لقبي الدوري الإنجليزي ودوري الأبطال. وبعد مرور أقل من 24 ساعة على خسارته نهائي بطولة دوري أبطال، حظي الفريق باستقبال الأبطال بعد عودته إلى إنجلترا، قادماً من العاصمة الفرنسية باريس. واصطف عشرات الآلاف من المشجعين في طريق بطول ثمانية أميال لحضور احتفال الفريق بالحصول على لقبي كأس الاتحاد الإنجليزي وكأس رابطة الأندية المحترفة.

مشاركة :