أي سيناريوهات بديلة إذا ما تعذر تشكيل الحكومة اللبنانية

  • 6/2/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يعكس تشاؤم رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي لجهة تشكيل حكومة لبنانية جديدة بسرعة، أن لبنان قادم على شلل سياسي يعمق معاناة اللبنانيين، إلا أن محللين يرجحون سيناريوهات بديلة لتفادي ذلك، أهمها تعويم حكومة ميقاتي، وهو ما لا يتمناه الأخير ولا يرفضه بشكل قاطع. وقال ميقاتي في حديث لوسائل إعلام محلية إن “الأجواء السياسية في البلاد توحي بصعوبة الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة بسرعة”، معتبرا أن أغلب الحديث الذي دار خلال الفترة الماضية هو عن سعي كل فريق سياسي لاستعراض قدراته. وأضاف ميقاتي أنه لا يسعى إلى رئاسة الوزراء، مؤكدا ترحيبه في حال الاتجاه لعدم تكليفه بتشكيل الحكومة، وذلك في إطار رده على ما تردد عن وجود اتفاق بين التيار الوطني الحر ورئاسة مجلس النواب بهذا الشأن. وقال ميقاتي إن مجلس النواب إذا أخذ دوره الكامل، يمكن الاستمرار بحكومة تصريف أعمال لفترة، علما أن حكومته تشكلت بعد 13 شهرا من تصريف الأعمال، مشيرا إلى أن المجلس إن لم يقم بدوره فلا يمكن أن تستمر الحكومة في تصريف الأعمال لأكثر من عام. الرئيس اللبناني قد عبّر عن عدم ممانعته فكرة تجديد الثقة في حكومة نجيب ميقاتي ما لم يتعارض ذلك مع الدستور ورشح ميقاتي عددا من الشخصيات التي يمكن أن تتولى رئاسة الحكومة في الفترة المقبلة من داخل المجلس، موضحا أنه سيكون بجانب أي شخص يتم طرح اسمه. وفي الوقت الذي يُنتظر أن يدعو عون إلى استشارات نيابية لتسمية رئيس وزراء جديد مكلف بتشكيل الحكومة بعد انتخاب رئيس للبرلمان ونائب له، بدأ البحث بالتوازي في خيارات أخرى في حال تعذر تشكيل حكومة جديدة في وقت سريع، وهو ما يرجحه عدد من الخبراء الذين يعتبرون أن موازين القوى في المجلس النيابي وتشكل تكتلات صغيرة وعدم وجود أكثرية واضحة، كلها عوامل ستعقد عملية تأليف حكومة جديدة في بلد يشهد انهيارا ماليا غير مسبوق ويحتاج إلى سلطة تنفيذية فاعلة. وقالت أوساط سياسية إن الرئيس اللبناني قد عبّر خلال لقاءات مع عدد من زواره في قصر بعبدا عن عدم ممانعته فكرة تجديد الثقة في حكومة ميقاتي، ما لم يتعارض ذلك مع الدستور. وتشير ذات الأوساط إلى أن حزب الله لا يمانع بدوره تعويم حكومة ميقاتي. ويتضمن هذا الطرح تعويم حكومة تصريف الأعمال عبر تجديد الثقة بها أمام مجلس النواب الجديد، كي تستعيد فعاليتها للمرحلة المقبلة من الولاية الرئاسية، لتعود إلى تصريف الأعمال بعدئذ، حكومية كانت أم رئاسية في حال تعذر انتخاب رئيس للجمهورية. وتؤكد المصادر أن الأسباب الموجبة لهذا الطرح، أن الفترة المتبقية من عمر الولاية الرئاسية قد تضيع في الاستشارات والمشاورات والمحاصصات، دون التوصل إلى حكومة جديدة لن يتجاوز عمرها في السلطة فترة الأربعة أشهر. وبعملية التعويم هذه، تستمر هيمنة ثلاثي حزب الله وأمل والتيار الحر على الحكومة، بعيدا عن التغييريين، كما استمرت على مجلس النواب من خلال عدم توحد النواب الجدد على موقف واحد من نيابة رئاسة المجلس على الأقل، ما أفضى إلى احتفاظ الثلاثي بالسيطرة على المطبخ التشريعي. Thumbnail وفي المقابل، يرى رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق فؤاد السنيورة أن الأجدى لمأزق الحكومة إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وقبل أربعة أشهر على انتهاء ولاية الرئيس عون، معتبرا أن هذه المدة ليست كبيرة، مع وجود سابقة انتخاب الرئيس الراحل إلياس سركيس قبل انتهاء ولاية الرئيس الراحل سليمان فرنجية بأشهر عدة (5 أشهر). وأظهرت النتائج النهائية للانتخابات احتفاظ حزب الله وحليفته حركة أمل التي يتزعّمها نبيه برّي، بكامل المقاعد المخصّصة للطائفة الشيعية (27 مقعدا)، لكن حلفاءهما، وبينهم التيار الوطني الحر بزعامة النائب جبران باسيل (صهر رئيس الجمهورية ميشال عون)، خسروا مقاعد في دوائر عدّة. وأفرزت الانتخابات النيابية التي جرت في الخامس عشر من مايو المنقضي برلمانا مشتّتا من دون أكثرية واضحة فيه، خصوصا بعد خسارة حلفاء حزب الله العديد من المقاعد، ليفقدوا الأكثرية في مجلس النواب (61 نائبا من أصل 128). وفي المقابل، نجح حزب القوات اللبنانية المعارض لـحزب الله في تحقيق تقدّم كبير يسمح له بتشكيل كتلة من أكثر من 20 نائبا مع حلفائه. ولكن المفاجأة الأكبر في هذا الاستحقاق، جاءت عبر القوى التغييرية التي نجحت في إيصال 15 مرشحا إلى البرلمان الجديد، كان لهم حضور بارز في ساحات التظاهر منذ انتفاضة تشرين 2019. وفي المقابل، أنتجت مقاطعة تيار المستقبل لهذه الانتخابات، وهو أكبر ممثل للطائفة السنّية، تفتّتا في المقاعد السنّية، التي انقسمت بين شخصيات عديدة من دون مرجعية واحدة لها. ويشي هذا الواقع بعدم قدرة حزب الله وحلفائه، أو الكتلة المقابلة التي قد تجمع القوات اللبنانية وأطرافا أخرى، على تأمين أكثرية نيابية واضحة، لتبقى كلمة الحسم لدى النواب التغييريين الذين دخلوا في مشاورات لتشكيل كتلة برلمانية. Thumbnail وخلال عملية تشكيل اللوائح الانتخابية قبل استحقاق الخامس عشر من مايو، كان هناك الكثير من الجذب والشد بين هذه الشخصيات التي لم تنجح في الاتفاق على لوائح موحدة تخوض بها الانتخابات في مختلف أنحاء البلاد. ويستبعد مدير المركز اللبناني للدراسات سامي عطا الله تشكيل حكومة سريعة. وأضاف أن المجموعات داخل البرلمان اللبناني ستدخل في نزاعات عند تسمية رئيس الوزراء المقبل، والتصويت على اختيار رئيس في وقت لاحق من العام الحالي. وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد دعا في بيان صدر الأسبوع الماضي إلى تشكيل حكومة شاملة بسرعة، من أجل تحقيق الاستقرار في الاقتصاد. ودعا أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر في إعلان تبنوه بالإجماع الأسبوع الماضي، إلى “الإسراع في تشكيل حكومة شاملة جديدة” في لبنان بعد الانتخابات التشريعية، وتطبيق إصلاحات، من بينها إقرار موازنة 2022. ومن شأن تشكيل حكومة أن يسمح “بالتوصل السريع إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي”، بحسب الإعلان الذي صاغته فرنسا. كما يؤكد النص الحاجة إلى التدابير المتوقعة لتعزيز “المشاركة والتمثيل السياسي الكامل والكبير وبالمساواة للمرأة بما في ذلك في الحكومة الجديدة”. ويغرق لبنان في أزمة اجتماعية واقتصادية غير مسبوقة تُعزى إلى حد كبير إلى فساد قادته وإهمالهم منذ ثلاثة عقود، فيما لا يبدو اللبنانيون متفائلين باقتراب تجاوز محنتهم.

مشاركة :