على مساحة وطن صغير لا رئيس فيه منذ 18 شهرا ومؤسساته الدستورية معطلة اختلف اللبنانيون على كل شيء إلا صوت المطربة فيروز التي منحوها تاج مملكتهم ومنعوا الاقتراب من اسمها بأي سوء. فجارة القمر فيروز هي صاحبة الأغنية التي تنسى دائمًا أن تكبر، وهي التي تجعل الصحراء أصغر وتجعل القمر أكبر. عقود مرت وتحولت فيروز إلى حلم إلى أن اتهمتها مجلة لبنانية بأنها عدوة للناس وعاشقة المال و متآمرة مع الرئيس السوري بشارالأسد وهو ما دفع محبيها للدفاع عنها. وضجت نشرات الأخبار اللبنانية بانتقاد المقال والناشر وزخرت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات الناس الذين عبروا في حملة غير مسبوقة عن دعمهم لمن يعتبرونها سفينة نجاتهم من دنيا الحرب والتعب. فكتب احدهم فيروز هي شراعنا ومرساتنا ولن يتسامح مع قراصنة بحر دخلوا مملكتها بالاكراه. كما تم استحداث صفحة على شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك للضغط على السلطات اللبنانية من أجل منع نشر عدد المجلة. لكن وزير الإعلام اللبناني رمزي جريج اعتبر أن وزارته لا دور لها لأن هذا حق شخصي واتأسف أن يكون هناك أي تطاول واذا هي أو عائلتها يعتبرون أن هناك قدحا وذما بحقها فهناك قضاء يعاقب من يرتكب جريمة القدح والذم بحق أي شخص. وقال: هذه ليست اساءة لفيروز انما هي اساءة للبنان ففيروز تتبوأ منذ نصف قرن عرش الفن في لبنان وعشقها اللبنانيون وملايين العرب ولم ينل منها ومن شهرتها اي تطاول عليها في الإعلام. واعتبر جريج أنّ أفضل رد على الافتراءات التي تناولت السيدة فيروز هي الاعراب عن مدى تعلقنا فيها وتكريمنا لها. وأكد أنه بالتعاون مع وزارة الثقافة سيعمد إلى تسمية الاستديو الرئيسي في إذاعة لبنان باسم استديو فيروز وفي حال موافقتها سيقيم حفل تكريم لها في الإذاعة. بدورها ردت ابنتها ريما الرحباني بنشر بيان على صفحتها الخاصة على موقع فيسبوك عقبت فيه على ما حدث بالقول كل إنسان كبير أو عظيم بأخلاقه وشخصيته ومواهبه ووطنيته وعطاءاته وانجازاته وتضحياته يخلق من حوله كمية حساد فيلفقون اكاذيب وافتراءات ظنا منهم انهم بهذه الطريقة يحجبون عظمته ويخففون من حب الناس له. واعتبرت ريما ان محاولات تسييس فيروز كلها فاشلة. ورغم الحملة عليه إلا أن ناشر المجلة حسن صبرا رفض الاعتذار قائلا في مقابلة تلفزيونية إنه غير نادم بل على العكس ولن اعتذر. وفيروز التي احتفلت مؤخرا بعيد ميلادها الثمانين هي واحدة من الفنانين القلائل الذين بقوا في لبنان طوال مدة الحرب التي اندلعت في البلاد على مدى 15 عاما وانتهت عام 1990. وعلّق وزير الثقافة اللبناني روني عريجي بالقول: فيروز قامة ثقافية فنية وطنية وبالتالي لا يجوز التطاول عليها لا تحت المسمى الفني ولا تحت المسمى الانساني. اذا كان الأمر يتعلق بالنقد الفني طبعا كل الناس مع النقد الفني لكن التطاول على فيروز بهذا الشكل هو برأيي طبعا مرفوض وهو اعتداء على احلامنا وذاكرتنا وذكرياتنا وعلى تراثنا الفني. وأضاف: السيدة فيروز هي التي تقرر أي اجراء يمكن أن تأخذه وهذا طاولها شخصيا فلنترك فيروز في عليائها ونتركها في مكانها ونظل في أمورنا العادية. من جانبه، أكد نقيب الصحافة اللبنانية عوني الكعكي أنّ ما ورد في مجلة الشراع لا يمكن ان يكون مقبولا في حق عمود اساسي من اعمدة الفن في لبنان، مشيراً الى ان الفنانة الكبيرة السيدة فيروز، سفيرتنا الى النجوم، لم يستطع اي فنان لبناني ان يصل الى مستوى فنها. وشدد على ان فيروز علم من اعلام لبنان. وتابع: انها كشجرة الارزة الخالدة وكقلعة بعلبك الازلية. والتعرض لها ما هو سوى اساءة الى كل مواطن لبناني آمن بفن فيروز الخالد على مدى الايام. ولا نرى اي سبب او اي مبرر او اي دافع للاساءة للسيدة فيروز. اما الكلام عن الكرم او البخل او شرب الكحول فمن قال لك، يا استاذ حسن، انك مسؤول عن محاسبة البشر في حياتهم الخاصة؟ ردود الفعل المستاءة خرجت من الاطار اللبناني لتعم عددا من الدول العربية التي استنكرت كلام حسن صبرا بحق أيقونة الفن العربي و سفيتنا الى النجوم فضجت مواقع التواصل الاجتماعي والصحف بتصريحات فنانين ومثقفين إستهجنوا ما جاء في مجلة الشراع جملة وتفصيلا. دوافع حسن صبرا؟ وفي مقابلة تلفزيونية على إحدى الشاشات اللبنانية الاثنين لم يكشف حسن صبرا عن دوافع كتابة هذا المقال بحق فيروز في وقت إتهمه كثيرون انه قام بذلك للتسويق لمجلته التي تراجعت مبيعاتها وأرباحها أو بحثا عن شهرة بعدما أصبح رئيس تحرير المجلة مغمورا في السنوات الأخيرة وبات شبه غائب عن الساحة الاعلامية. صبرا كان كشف عبر مجلته عام 1982 عن صفقة أسلحة أميركية لإيران أطلق عليها إسم فضيحة ايران غيت وأحدث ضجة عالمية، وهو تعرض في سبتمبر 1987 لمحاولة اغتياله ربطها بكشف هذه الفضيحة. فشل صبرا عامي 1996 و 2000 بالفوز بمقعد نيابي في لبنان. نذكر أخيرا أنّها ليست المرة الأولى التي يعتمد فيها صبرا لغة الهجوم والتجريح لجذب الانتباه أو للترويج لنفسه ولمجلته، إذ ما زال اللبنانيون يذكرون حادثة حصلت عام 1998حين تلقى صبرا صفعة من الرئيس اللبناني (الراحل) إلياس الهراوي أثناء التعزية بوفاة في منزل أحد السياسيين، وسبب الصفعة كان عبارات تضمنها مقال كتبه صبرا ضد الهراوي على خلفية السجال حول الزواج المدني الذي صوت على إقراره في مجلس الوزارء اللبناني.
مشاركة :