تألمت كثيراً عندما قرأت عن الجريمة الوحشية التي ارتكبها شاب في الثامنة عشرة من عمره في إحدى المدارس الابتدائية عندما اغتال 19 طفلاً بين السابعة والعشر سنوات ومدرستين وزاد عليهم منذ أيام موت زوج إحدى المدرستين عندما توقف قلبه من الحزن على موت زوجته التي كانت حب حياته وتزوجا منذ 27 عاماً وترك وراءه أربعة أبناء أبرياء.. لا نعلم أي مستقبل مؤلم ينتظرهم بعد أن فقدوا والديهم. كم هن مفجوعات أولئك الأمهات بعد أن شاهدن جثث أطفالهن الذين ذهبوا إلى مدارسهم ببراءة ولم يتوقعوا لا هم ولا آباؤهم أن هذا اليوم المأساوي سيكون آخر يوم في حياتهم القصيرة. ما هو السبب النفسي الذي دفع شابا هادئا.. لم يعتد قط على أحد.. ليرتكب هذه الجريمة البشعة.. ما هي الكمية الهائلة من الحقد في نفس هذا الشاب الذي حطم سعادة 23 أسرة بريئة.. ما قرأته في الإنترنت أنه من أسرة فقيرة مفككة.. لا يجد أي اهتمام من والديه.. وأمه مدمنة على المخدرات.. وكان يتعرض كثيراً للاستهزاء والتجريح بسبب فقره من الطلبة في نفس المدرسة التي هاجمها.. وكان يتحمل كل هذا التنمر الحقير من هؤلاء الطلبة المعقدين.. دون أن يرد عليه.. لينطوي ويعزل نفسه عنهم.. بعد أن أحالوا حياته إلى عذاب مستمر لينفجر مرة واحدة من خلال جريمته البشعة وهو لم يكمل بعد الثامنة عشرة من عمره بدل أن يفكر في بناء مستقبله. وكلنا نعلم أن الطلبة المتنمرين هم أيضاً ضحايا لآبائهم المعقدين الذين يضربون ويحقرون أبناءهم دون رحمة.. فيضعون قهرهم في من أقل منهم مادياً أو في شخص هادئ منعزل عن زملائه في المدرسة.. ويتراكم القهر في نفوس هؤلاء الأطفال المساكين ويصبرون متألمين مع ظروفهم القاسية التي يعيشونها.. ليصبوا يوماً عذابهم في اعتداء وحشي نذل مثل هذا الاعتداء الذي قام به هذا الشاب الذي حمل رشاشاً وارتدى قميصاً ضد الرصاص واتجه إلى مدرسته التي عانى فيها كثيراً من تنمر أولاد صفه عندما كان يدرس بها ليحطم حياة 23 ضحية بريئة ويحيل حياتهم إلى حزن مستمر من الصعب نسيانه. الذي يدهشني حقا إهمال القوانين في أمريكا في الحد من انتشار الأسلحة في جميع الولايات الأمريكية.. كيف تسمح الحكومة الأمريكية أن يباع رشاش لشاب في سن المراهقة.. دون فحص لقواه العقلية.. وخلفيته.. إنني لا أعرف بلدا متقدما ينتشر فيه اغتيال الناس في الشوارع بكل بساطة مثلما يحدث في أمريكا.. واضح أن شركات الأسلحة الأمريكية التي يسيطر عليها أباطرة المال ومعظمهم صهاينة.. يقفون ضد تحجيم بيع السلاح حتي لا تتقلص أرباحهم.. والغريب أن هذه الدولة تعد من أكثر الدول في التقدم العلمي والثراء الاقتصادي في العالم.. ورغم ذلك يوجد بها فوضي عبثية وعدم اهتمام بأرواح الناس الأبرياء فقط لأن الأثرياء الرأسماليين لا يريدون أن يتقلص انتاج السلاح لزيادة أرباحهم المهولة. أين الديمقراطية وحقوق الإنسان في أمريكا وهم يتشدقون بها حول حكام العرب.. هل يمكن لأحد أن ينتقد الممارسات الإسرائيلية الظالمة للفلسطينيين أصحاب الأرض التي اغتصبوها.. هل يستطيع الكونجرس الأمريكي أن يفرض قوانين الأمن للدولة بمراقبة استخدام الأسلحة لكي لا يكون عدد ضحايا إطلاق النار أكبر من ضحايا الشرطة؟ بالطبع لا.. لأن الشركات الضخمة الصهيونية وغيرها لا تسمح بذلك.. حتى لو تزايد عدد الضحايا الأبرياء.. لذلك عليهم أن يوفروا تصريحاتهم حول حقوق الإنسان التي أزعجونا بها وهم يمارسون عكسها.
مشاركة :