لم يلمس الخبير الأممي المعني بحقوق الإنسان، أداما دينغ، خلال زيارته الثانية للسودان، التي اختتمها أمس، أي تقدم يذكر، في مجال تحسين أوضاع حقوق الإنسان في البلاد، معبراً عن إدانته بـ«مأساة» حملة القمع التي أدت إلى مقتل 99 متظاهراً منذ إعلان الجيش السوداني، عن إجراءاته التي استولى بموجبها على السلطة في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، داعياً إلى محاكمة الجناة واتخاذ تدابير «ملموسة وشجاعة». وأثناء لقائه مسؤولين سودانيين يوم أول من أمس الجمعة قتل متظاهر شاب بطلق ناري. وقال دينغ في مؤتمر صحافي: «لقد دعوت أمس إلى ضبط النفس، لكن دعوتي لم تلق آذاناً مصغية واستخدمت الذخيرة الحية». وأشار إلى أن مصرع الشاب المتظاهر يستدعي «فتح تحقيق فوري ومحاكمة الجاني». وأضاف: «لا مبرر لاستخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين». ورحب في المقابل برفع حالة الطوارئ التي فُرضت بعد إجراءات 25 أكتوبر. كما تطرق إلى الإفراج مؤخراً عن النشطاء والمتظاهرين، مستنكراً «التعذيب وسوء المعاملة في السجون». وأعلن كذلك أن السلطات السودانية أكدت ارتكاب «أربع حالات عنف جنسي» ضد المتظاهرات. ودعا «إلى مزيد من التدابير الملموسة الشجاعة لتحسين وضع حقوق الإنسان وبناء الثقة». وحث الخبير الأممي السودانيين على المشاركة والإسهام لإجراء التسوية السياسية في السودان. وتقتصر مهمة الخبير الأممي التي حددها مجلس حقوق الإنسان بقيادة حوار بين أطراف الأزمة لتحسين الوضع الإنساني في البلاد لحين تشكيل حكومة مدنية، ورصد تطور حالة حقوق الإنسان في السودان. وذكر الخبير الأممي أن الغرض الرئيسي من زيارته مواصلة الحديث مع السلطات بشأن الشواغل ومباعث القلق المتعلقة بحقوق الإنسان. ورغم إعلان قادة الجيش السوداني رفع حالة الطوارئ لتهيئة الأجواء للحوار، فإن أجهزة الأمن واصلت التصدي بعنف للاحتجاجات السلمية. ولم تقدم السلطات العسكرية التي تحكم البلاد منذ الإطاحة بالشريك المدني في أكتوبر الماضي، أي شخص أو جهة للقضاء بخصوص مقتل المتظاهرين السلميين، إذ توجه أحزاب المعارضة أصابع الاتهام مباشرة للأجهزة الأمنية بالتورط في أحداث القتل والانتهاكات. ودعا دينغ إلى إجراء تحقيق كامل ومحاسبة المسؤولين في الأحداث التي شهدتها منطقة «كرينك» بغرب دارفور في أبريل (نيسان) الماضي، وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 172 شخصاً، وتشريد الآلاف. ومن المقرر أن يقدم الخبير الأممي تقريراً لمجلس حقوق الإنسان في منتصف يونيو (حزيران) الحالي عن حالة حقوق الإنسان في السودان، أعد بالتعاون مع المكتب المشترك لحقوق الإنسان في السودان. وتم تعيين أداما دينغ خبيراً مستقلاً للأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان في السودان، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بموجب الولاية الممنوحة من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، لمراقبة سجل حقوق الإنسان جراء حالات القتل والانتهاكات الجسيمة ضد المتظاهرين السلميين. من جهة ثانية، التقى نائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو حميدتي في الخرطوم بالخبير الأممي، حيث قدم شرحاً وافياً حول الجهود التي تبذلها الحكومة في مجال حقوق الإنسان على ضوء التطورات السياسية والاقتصادية التي تشهدها البلاد، مؤكداً التزام السودان بالتعاون مع جميع آليات الأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، لترقية وتطوير حقوق الإنسان بالبلاد. ودعا دقلو إلى أهمية التعاون مع السودان بما يُعزز الجهود الوطنية التي تسهم في تحقيق الاستقرار في المجالات كافة، مشيراً إلى اهتمامهم بمتابعة تنفيذ جميع التوصيات المتعلقة بترقية حالة حقوق الإنسان بالبلاد، إلى جانب متابعة القضايا والتطورات التي تحدث من وقت لآخر في جميع أنحاء السودان. بدوره دعا الخبير الأممي جميع الأطراف إلى الاستعجال في إنهاء الأوضاع السياسية الراهنة التي قال إنها تؤثر سلباً على الأوضاع الاقتصادية وأوضاع حقوق الإنسان. وأشار إلى أنه حث المجتمع الدولي عبر السفراء المعتمدين في السودان على ضرورة تقديم الدعم والمساندة للسودان، مؤكداً أن السودان أحد أهم الدول في المنطقة لما يتمتع به من إمكانات كبيرة.
مشاركة :