بعد دقائق من دخول عملية وقف إطلاق النار، التي حددت بمدة أسبوع قابلة للتمديد، حسب المبادرة التي تقدم بها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، والتي بدأت أمس الثلاثاء الساعة الثانية عشرة ظهرًا، اخترقت ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح الهدنة ولم تلتزم بوقف إطلاق النار بمحافظة تعز، الواقعة إلى الجنوب من العاصمة صنعاء. وعلمت «الشرق الأوسط» أن الحوثيين وأتباع المخلوع علي عبد الله صالح، قاموا بخرق الهدنة التي بدأت الساعة التاسعة (بتوقيت غرينتش) أمس، واستهدفت 28 عملية عسكرية، قام بها الانقلابيون، الحدود السعودية، خصوصًا قوة العمليات المشتركة السعودية في منطقة جازان (جنوب السعودية)، وأشارت المصادر إلى عملية خرق للهدنة واستهداف مواقع على الحدود السعودية، لمدة 3 ساعات. وأوضحت المصادر أن خرق الهدنة بدأ بعد سريانها بدقيقة واحدة، أمس، واستهدفت مدفعية قطاع جازان، وبعد 3 دقائق، استهدفت 4 صواريخ مركز الجابري الحدودي، وكذلك استهدف القناصة الحوثيون الحدود السعودية. وقالت المصادر إن الحوثيين وأتباع المخلوع صالح، استخدموا صواريخ «هاون»، و«آر بي جي»، وأشعلوا النيران على الحدود السعودية، وبلغ عدد العمليات التي قاموا بها أمس، 28 عملية عسكرية لخرق الهدنة، حيث كانت كل عملية تختلف عن الأخرى من حيث كمية الأسلحة ونوعها. وأشارت المصادر إلى أن العمليات بدأت بعد الهدنة مباشرة، وبين كل عملية والأخرى، مدة زمنية تتراوح بين دقيقة و30 دقيقة، على طول الشريط الحدودي السعودي - اليمني، من جانب منطقة جازان. وذكرت المصادر أن الحوثيين يخرقون الهدنة، ويشنون هجومًا على «لواء النصر» التابع للمنطقة العسكرية السادسة في مديرية خب والشعف، شمال محافظة الجوف اليمنية، مؤكدة أن «هناك اشتباكات لا تزال مستمرة»، حتى مغيب شمس يوم أمس. وقامت الميليشيات بقصف عنيف بقذائف الهاون مصحوبة بأعمال قنص لمواقع مقاتلي المقاومة الجنوبية والجيش الوطني بمناطق الشريجة الحدودية التابعة لمحافظة تعز والمطلة على منفذ لحج الجنوبية. وقال العقيد الركن منصور الحساني، الناطق الرسمي للمجلس العسكري بتعز، لـ«الشرق الأوسط» إن «ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح لم تلتزم بالهدنة وخرقوها بالنصف الساعة الأولى من بدء سريانها وقاموا بإطلاق صاروخ إلى جبل صبر من منطقة الكردة بدمنة خدير، شرق مدينة تعز، وبعدها بعشر دقائق أطلقوا صاروخين آخرين، وقصفوا حي الدمغة وثعبات بمدافع الهاون والمدرعات و23 مضاد طيران والرشاشات من مواقع تمركزها جوار منزل عبد الله القاضي وموقع المكلكل وحي حسنات شرق المدينة». وأضاف أن «الميليشيات الانقلابية تواصل مسلسل خرق الهدنة من خلال قصفها للأحياء السكنية من أماكن تمركزها في تبة الاريال، غرب مدينة تعز، حيث قامت بقصف حي الدحي بالرشاشات، وكذا حي الجحميلة، شرق مدينة تعز، وأصيب فيها أحد عناصر المقاومة جراء استهداف مواقعهم». وأكد الناطق أن «ميليشيات الحوثي وصالح أطلقت النار على المواطنين في معبر الدحي ومنعتهم من الدخول باتجاه المدينة، وتطلق النار على أي شخص يريد الدخول من موقع تمركزها في تبة الاريال». وفي تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» أكد نبيل القعيطي المصور الإعلامي بأنه رصد خلال جولته الإعلامية أمس الثلاثاء التزام قوات المقاومة الجنوبية والجيش الوطني بالهدنة التي أعلن عنها بهدف إنهاء الحرب في اليمن، في حين رفضت ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح الالتزام بهذه الهدنة وواصلت أعمال قصفها لمواقع المقاومة الجنوبية بمناطق الشريجة الحدودية بين محافظتي لحج وتعز. وأوضح القعيطي بأن قائد جبهة الشريجة اللواء فضل حسن أصدر توجيهات لمقاتليه بعدم إطلاق النار والالتزام بالهدنة بين القوات الموالية للشرعية والانقلابين. في المقابل، شهدت مديرية حيفان، الواقعة في الجزء الجنوبي من محافظة تعز، بعض الهدوء الحذر بعدما شكلت جبهة قتال فيها ودخول الميليشيات إليها في محاولة منها لإعاقة القوات المشتركة التي تضم قوات التحالف والجيش الوطني والمقاومة الشعبية إلى مدينة الراهدة عن طريق حيفان. وقال الصحافي حسام الخرباش، من أبناء منطقة حيفان، لـ«الشرق الأوسط» إن «المديرية شهدت هدوءًا حذرًا مع احتفاظ أطراف الصراع بمواقعهم، فيما تشهد تأزمًا بالجانب الإنساني، حيث وصل عدد النازحين الذين لا يمتلكون أبسط مقومات الحياة إلى قرابة ألف نازح، وتم تجهيز المدارس لهم لإيوائهم وسط جهود محلية لا تكفي لسد احتياجاتهم ويفتقرون للغذاء والدواء وأغطية فصل الشتاء». وأشار إلى أن المديرية كانت تحتضن أكثر من 50 ألف نازح لكن بعد دخول الميليشيات الانقلابية غادر المواطنون المديرية وتنقلوا إلى الجبل والقرى والمجاورة. على الصعيد ذاته، وفي محافظة الحديدة الساحلية، غرب اليمن، شنت غارات التحالف التي تقودها السعودية، قبل البدء بسريان وقف إطلاق النار، غاراتها على تجمعات لميليشيات الحوثي وصالح بالقرب من النادي الرياضي في دينة حيس جنوب محافظة الحديدة، الواقعة غرب البلاد، وأحد الهناجر في منطقة رأس عيسى بالحديدة يعتقد أنه كانت تستخدمه الميليشيات كمخزن أسلحة لها. من جهة ثانية، تمكنت قوات التحالف العربي والجيش الوطني والمقاومة الجنوبية أمس الثلاثاء من السيطرة الكاملة على جزيرة جبل زقر في البحر الأحمر، وذلك بعد أيام من سيطرتها الكاملة على جزيرة حنيش الكبرى، وفق ما صرح به أمس الثلاثاء لوسائل الإعلام العميد أحمد عسيري الناطق باسم قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية لاستعادة الشرعية في اليمن، وذلك قبل ساعات من سريان هدنة لوقف إطلاق النار ترعاها الأمم المتحدة بين الشرعية اليمنية والانقلابين. وتعد جزيرة «زقر» ضمن أرخبيل من الجزر اليمنية في البحر الأحمر كانت ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح المتحالفة مع إيران تستخدمها في تخزين الأسلحة وتهريبها إلى اليمن. وتقع جزيرة زقر اليمنية بين سواحل اليمن وإريتريا، بالقرب من مضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر وخليج عدن. وعلى الرغم من قربها من القارة الأفريقية، فإن جزيرة زقر تعتبر جزءًا من آسيا لأنها تقع على الصفيحة القارية الآسيوية. وكانت جزيرة زقر متنازعا عليها بين اليمن وإريتريا عام 1995، إضافة إلى جزر حنيش في هذا الأرخبيل. أدى هذا الصراع إلى نزاع على الجزر، لكن عام 1996، حسمت المحكمة الدولية في لاهاي النزاع ومنحت سيادة الجزر، بما في ذلك زقر، إلى اليمن. لجزيرة «زقر» أهمية استراتيجية قصوى لموقعها القريب من مضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر وخليج عدن. وفي غضون ذلك يشير الخبير العسكري العميد فيصل حلبوب في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بأن جزيرة زقر واحدة من أرخبيل جزر حنيش الذي يقع إلى جنوب البحر الأحمر ويبعد عن الساحل اليمني 26 كلم وإلى باب المندب مسافة 135 كلم. ويعتبر الأرخبيل استراتيجيًا لموقعه على ممر الملاحة الدولية، بحكم أن الممر الدولي يمر بين أرخبيل حنيش والسواحل اليمنية، ولهذا اكتسبت مجموعة الجزر المذكورة أهميتها الاستراتيجية العالمية وليست المحلية فقط. وأوضح الخبير العسكري حلبوب أن جزر أرخبيل حنيش عبارة عن مجموعة من الجزر المنتشرة أمام الساحل اليمني وتبعد عن بعضها بعضا قليلا، وتفصلها مسافة ليست كبيرة عن الساحل. إضافة إلى أنها تختلف عن بعضها بعضا في المساحة. أما أوجه التشابه بينها فتكمن في التضاريس وطبيعة أراضيها فتكون في إجمالها عبارة عن صخور رسوبية، إضافة لتشابه تكوينها الجيولوجي وتتابعها الطبقي سواء أكان صخريًا أو رسوبيًا. وأشار العميد فيصل حلبوب بأن أهمية جزر الأرخبيل تكمن في موقعها الاستراتيجي؛ لأنّها تقع في ممر مائي مهم، كما أنها تمتد جغرافيًا إلى أن تصل لليمن. ويحاول الجغرافيون إجراء مسح شامل لهذه الجزر من أجل استغلالها سياحيًا، بحيث يطلق عليها أرخبيل جزر حنيش، وتتألّف من حنيش الصغرى وحنيش الكبرى، وزقر، والقمة، وكوين، والمدورة والصخر، والوسطي، إضافة لمجموعة جزر أخرى صغيرة. وجزيرة زقر، بحسب الخبير العسكري العميد فيصل حلبوب تعتبر الأهم بحكم كبر مساحتها وفيها جبال يصل ارتفاعها إلى 430 مترًا وتطل على السواحل اليمنية والممر الدولي للملاحة. والسيطرة على هذه الجزيرة تعطي قوة للتحكم. أما مساحتها فتبلغ 65 ميلاً مربعًا. وهي تصلح لتكون منتجعات سياحية أو قواعد بحرية عسكرية. وقد سبق وأن حاولت ألمانيا بناء فندق فيها لكن سوء أحوال اليمن اضطرتها لإيقاف العمل، واستخدم المبنى بعد ذلك سكن للحامية العسكرية.
مشاركة :