رفضت المحكمة الكبرى الإدارية دعوى طبيب طالب بإلغاء قرار وزارة الصحة بانتدابه من المستشفيات الحكومية إلى المراكز الطبية حيث اكدت المحكمة على أن ندب الموظف هو من الأمور التي تترخص فيها الجهة الإدارية، بما لها من مطلق التقدير في كل ما يتعلق بتنظيم العمل وتوزيع الاختصاصات على الموظفين وفقًا لصالح العمل، ولا يمنعها من ذلك سوى أن يكون قرارها مقترنا بإساءة استعمال السلطة. وكان المدعي رفع دعواه طلب فيها الغاء القرار الإداري الصادر بندبه للعمل بأحد المراكز الطبية وما ترتب عليه من آثار بإلغاء البيانات الوظيفية للمدعي وبصمة الحضور والانصراف الخاصة به من النظام الإلكتروني لمجمع السلطانية الطبي، وقال أنه يعمل طبيبا مقيما بالسلمانية منذ 10 سنوات إلا أنه فوجئ برفع البيانات الوظيفية كونه تابعا إلى المستشفيات الحكومية لمجمع السلمانية الطبي، وصدر قرار بندبه واخرين لتغطية العجز في احد المراكز الطبية وقد ترتب على ذلك أن بصمة الحضور والانصراف الخاصة به قد تعطلت. وأشار الى أنه خاطب الخدمة المدنية يطلب فيه إعادة بياناته الوظيفية باعتباره طبيبا تابعا للمستشفيات الحكومية وليس المراكز الطبية التابعة لوزارة الصحة منذ تعيينه، حيث انه علق تنفيذ قرار الندب على اعادة كافة البيانات الوظيفية الخاصة به ومنها بصمة الحضور والانصراف إلى ما كانت عليه كونه تابعا للمستشفيات الحكومية مجمع السلمانية الطبي وتحديد مدة الندب، زاعما ان القرار صدر من دون موافقة الخدمة المدنية ولم يحدد مدة الندب. وبينت المحكمة في حيثيات الحكم شروط الانتداب حيث بينت أن يكون الندب داخل الجهة الحكومية بقرار من السلطة المختصة بعد موافقة جهاز ديوان الخدمة المدنية وأن يكون الندب إلى جهة حكومية أخرى بقرار من السلطة المختصة في الجهة المنتدب منها بالتنسيق مع السلطة المختصة في الجهة المنتدب إليها بعد موافقة الخدمة المدنية، وأشارت إلى أنه يشترط أن تكون الوظيفة شاغرة بسبب غياب شاغلها أو لا يوجد موظف يشغله وأن يكون المنتدب مستوفياً للشروط والمعايير المعتمدة لشغل الوظيفة المنتدب إليها. وحول مدة الانتداب قالت المحكمة أن النَّدْب يكون لمدة سنة واحدة قابلة للتجديد لمدة أقصاها ثلاث سنوات، واستثناءً من ذلك يجوز تجديد النَّدْب لمدد لا يزيد مجموعها على ثلاثة أضعاف هذه المدة؛ وذلك لأداء مهام الخِدْمات المشترَكة كما يجوز أن يكون الندب جزئياً بالإضافة إلى عمله الأصلي أو كلياً بتفرغ كامل كما أشارت إلى أن الجهة الحكومية المنتدب إليها، أو حسبما يتم الاتفاق عليه بين الجهتين، تتحمل راتب الموظف والمزايا الوظيفية ويحدد الخدمة المدنية التعويض المناسب عن فترة الندب للموظف المستحق له وأشارت الى أنه يحق للموظف في نهاية مدة الندب الكلي العودة إلى نفس الوظيفة التي كان يشغلها قبل الندب ويحتفظ بكافة مميزات الوظيفة التي كان يشغلها قبل الندب. وأشارت الى أن الخدمة المدنية قد فوضت السلطة المختصة بالجهات الحكومية صلاحية ندب الموظفين إلى وظائف أخرى لا تشمل الندب على الوظائف العليا دون الحاجة إلى العرض المسبق على ديوان الخدمة المدنية، على أن تلتزم الجهة الحكومية بضوابط واشتراطات وقواعد الندب المعمول بها في الخدمة المدنية، وحول النعي على القرار بعدم مشروعية القرار لعدم تحديد مدة للندب، فقالت المقرر ان الندب إجراء مؤقت بطبعه لا يكسب العامل حقاً بالبقاء في الوظيفة المنتدب إليها وأنه يجوز إنهاء هذا الندب في أي وقت وأنه إجراء تنفرد به السلطة المختصة بالندب لما تمليه عليها ظروف ودواعي العمل في الوظيفة المنتدب منها والمنتدب إليها (حاجة الوظيفة المنتدب إليها للعمل بها وإمكان الاستغناء عنه في وظيفته الأصلية) وفي سبيل تحقيق التوازن والتوفيق بين حاجات العمل وبين مصلحة العامل في الاستقرار بوظيفته الأصلية فقد حرص المشرع على وضع حد أقصى لمدة الندب ما لم يكن هناك حالة ضرورة لاستمرار الندب. وقالت لما كان المدعي قد تم ندبه واخرين حتى اشعار اخر، وذلك لحاجة العمل ولتغطية النقص في ذلك المركز، ولما كانت فترة ندب المدعي لم تتجاوز حتى تاريخ إقامة هذه الدعوى مدة الندب المحددة في التنفيذية لقانون الخدمة المدنية المذكورة أعلاه لمدة سنة واحدة قابلة للتجديد لمدة أقصاها ثلاث سنوات، واستثناءً من ذلك يجوز تجديد النَّدْب لمدد لا يزيد مجموعها على ثلاثة أضعاف هذه المدة؛ وذلك لأداء مهام الخِدْمات المشترَكة الامر الذي يكون معه هذا النعي في غير محله. وانتهت المحكمة إلى ان ندب الموظف هو من الأمور التي تترخص فيها الجهة الإدارية، بما لها من مطلق التقدير في كل ما يتعلق بتنظيم العمل وتوزيع الاختصاصات على الموظفين وفقًا لصالح العمل، ولا يحدها في ذلك سوى أن يكون قرارها مبرئًا من شائبة إساءة استعمال السلطة، وهو ما لم يقم عليه دليل من الأوراق، وإذ خلت الأوراق مما يفيد أن قرار ندب المدعي تنكب وجه المصلحة العامة او تضمن إساءة إليه أو تنكيلاً به، الأمر الذي يكون معه هذا القرار قد صدر مستهدفًا حسن سير العمل والصالح العام متفقًا وصحيح حكم فلهذه الأسباب حكمت المحكمة برفض الدعوى وألزمت المدعي برسوم ومصروفات الدعوى.
مشاركة :