مخاطر الركود التضخمي وتباطؤ وتيرة النمو «2 من 2»

  • 6/8/2022
  • 23:46
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تختلف المرحلة الحالية المستمرة أيضا عن سبعينيات القرن الماضي في عدة أبعاد، وهي: قوة الدولار، وهو ما يختلف اختلافا صارخا عن ضعفه الشديد في سبعينيات القرن الـ 20، وانخفاض نسبة الزيادة في أسعار السلع الأولية بشكل أكبر، وقوة الميزانيات العمومية للمؤسسات المالية الكبرى عموما. بيد أن الأمر الأهم هو أنه على عكس سبعينيات القرن الـ 20، تمتلك البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة وعديد من الاقتصادات النامية الآن تكليفات واضحة لاستقرار الأسعار، وخلال العقود الثلاثة الماضية، حققت تلك البنوك سجل أداء قوي وموثوق في الوصول إلى أهدافها المتعلقة بالتضخم. ويتوقع أن يتراجع التضخم العالمي في العام المقبل، لكنه سيبقى على الأرجح أعلى من أهداف التضخم في كثير من الاقتصادات. ويشير التقرير إلى أنه إذا ظل التضخم مرتفعا، فإن تكرار قرارات فترة الركود التضخمي السابقة يمكن أن تترجم إلى هبوط حاد في النشاط الاقتصادي العالمي جنبا إلى جنب مع أزمات مالية في بعض اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية. كما يجب تبني رؤى وأفكار ثاقبة جديدة حول آثار الحرب على أسواق الطاقة وكيف تلقي بظلالها على الآفاق المستقبلية للنمو العالمي. فقد أدت الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع حاد في الأسعار في مجموعة كبيرة من السلع الأولية المرتبطة بالطاقة، وسيؤدي الارتفاع في أسعار الطاقة إلى انخفاض الدخل الحقيقي، وارتفاع تكاليف الإنتاج، وتشديد الأوضاع المالية، فضلا عن زيادة القيود في سياسات الاقتصاد الكلي، ولا سيما في الدول المستوردة للطاقة. ومن المتوقع أن تزداد حدة تباطؤ النمو في الاقتصادات المتقدمة من 5.1 في المائة عام 2021 إلى 2.6 في المائة عام 2022، أي: أقل بمقدار 1.2 نقطة مئوية عن توقعات كانون الثاني (يناير). كما يتوقع أن يزداد تراجع النمو ليصل إلى 2.2 في المائة عام 2023، وهو ما يعكس إلى حد كبير مواصلة تقليص دعم سياسة المالية العامة والسياسة النقدية الذي كان يقدم خلال الجائحة. إضافة إلى ما سبق، من المتوقع أن ينخفض النمو في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية من 6.6 في المائة عام 2021، إلى 3.4 في المائة عام 2022، أي: أقل بكثير من المتوسط السنوي البالغ 4.8 في المائة الذي ساد خلال الفترة من 2011 إلى 2019. ولن تؤدي التداعيات السلبية للحرب إلى تحييد أي انتعاش قريب الأجل يشهده بعض الدول المصدرة للسلع الأولية من ارتفاع أسعار الطاقة فحسب، بل ستفوقه أيضا. وجرى تعديل تقديرات النمو لعام 2022 بالخفض في نحو 70 في المائة من اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، ويشمل ذلك أغلب الدول المستوردة للسلع الأولية، علاوة على 80 في المائة من الدول منخفضة الدخل. ويلاحظ الحاجة إلى اتخاذ إجراءات حاسمة على صعيد السياسات الوطنية والعالمية لتجنب أسوأ عواقب الحرب الدائرة في أوكرانيا على الاقتصاد العالمي. وهذا بدوره سيتضمن جهودا عالمية للحد من الأضرار الواقعة على المتضررين من جراء الحرب، وتخفيف آثار الضربة الناجمة عن ارتفاع أسعار النفط والغذاء، وتسريع تدابير تخفيف وطأة الديون، وكذلك توسيع نطاق حملات التلقيح في الدول منخفضة الدخل. كما سيتضمن ذلك استجابات فعالة وقوية في جانب العرض على المستوى الوطني مع الإبقاء على تشغيل أسواق السلع الأولية العالمية بشكل فعال. علاوة على ذلك، ينبغي لواضعي السياسات الحد من السياسات التشويهية، مثل: ضوابط الأسعار، وإعانات الدعم، وفرض الحظر على الصادرات، التي يمكن أن تفاقم الوضع السيئ الناجم عن الزيادة الأخيرة في أسعار السلع الأولية. وفي ضوء هذه البيئة الصعبة التي تتضمن ارتفاع مستويات التضخم، وضعف النمو، وتشديد الأوضاع المالية، فضلا عن حيز التصرف المحدود المتاح من خلال سياسات المالية العامة، سيتعين على الحكومات إعادة ترتيب أولويات الإنفاق لمصلحة المساعدات الإغاثية الموجهة للفئات السكانية الأكثر احتياجا.

مشاركة :