من المحتمل أن يستمر النمو الضعيف خلال العقد الحالي بسبب ضعف الاستثمار في معظم أنحاء العالم ومع وصول التضخم حاليا إلى أعلى مستوياته على مدى عدة عقود في كثير من الدول، وتوقع توسع جانب العرض ببطء، ثمة خطر ببقاء وتيرة نمو الأسعار أعلى لفترة أطول مما هو متوقع حاليا. علاوة على ذلك، وصل الدين العام الخارجي في الاقتصادات النامية إلى مستويات قياسية اليوم، وأغلبه تدين به لدائنين من القطاع الخاص، وكثير من هذه الديون لها أسعار فائدة متغيرة يمكن أن تقفز فجأة. ومع تشديد أوضاع التمويل في العالم وانخفاض قيمة العملات، بدأت حالات المديونية الحرجة تنتشر إلى الدول متوسطة الدخل، بعد أن كانت مقتصرة في السابق على الاقتصادات منخفضة الدخل. يمثل إنهاء الطابع التيسيري للسياسات النقدية في الولايات المتحدة والاقتصادات المتقدمة الأخرى، جنبا إلى جنب مع الزيادة الناشئة في تكلفة الاقتراض على مستوى العالم، وضعا آخر معاكسا وغير موات إلى حد كبير أمام الدول النامية. إضافة إلى ذلك، سيتم على مدى العامين المقبلين إنهاء أغلب تدابير الدعم من المالية العامة المقدمة عام 2020 لمكافحة الجائحة، رغم أن مستويات الدين ستظل مرتفعة. ومع إنهاء الطابع التيسيري للسياسات، سيكون من المهم الحد من عدم المساواة والبحث عن دخل أعلى للجميع من خلال استخدام الأدوات المالية والنقدية التي تقوي سلاسل الإمداد، وتعزز منشآت الأعمال الصغيرة، وتحسن عملية تخصيص رأس المال. غير أن الأوضاع الحالية تختلف عن سبعينيات القرن الـ 20 أيضا في عدة نواح مهمة. فالدولار الذي كان شديد الضعف وقتها قوي الآن. أما أسعار النفط التي زادت بمقدار أربعة أضعاف في الفترة من 1973 - 1974، وبمقدار ضعفين في الفترة من 1979 - 1980، هي اليوم لا تتجاوز ثلثي مستواها الذي وصلت إليه عام 1980 بعد استبعاد أثر التضخم. كما أن المركز المالي لكبرى المؤسسات قوي عموما، في حين كان معرضا للخطر في سبعينيات القرن الـ 20. إن الاقتصادات في جميع أنحاء العالم تتسم اليوم بمرونة أكبر مما كانت عليه في سبعينيات القرن الـ 20، فالجمود الهيكلي في الأجور وأسواق العمل أصبح أقل، وواضعو السياسات اليوم في وضع أفضل يمكنهم من التخلص من الأوضاع المعاكسة المسببة للركود التضخمي. كما أن أطر السياسة النقدية ذات موثوقية ومصداقية أكبر: فالبنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة وكثير من الاقتصادات النامية تعمل بتكليفات واضحة لتحقيق استقرار الأسعار. وكل ذلك بدوره، علاوة على تمتع التكنولوجيا ورأس المال في الوقت الحالي بالقدرة على إحداث زيادات هائلة في جانب العرض، قد ساعد على تثبيت توقعات التضخم في المدى الطويل. تشير آخر تنبؤات للبنك الدولي إلى أن من المتوقع أن يتباطأ النمو العالمي بنحو 2.7 نقطة مئوية في الفترة بين عامي 2021 و2024، وهو ما يتجاوز ضعف التباطؤ الذي حدث في سبعينيات القرن الـ 20 في الفترة من 1976 إلى 1979. ولتجنب الدخول في فترة طويلة من الركود التضخمي، يجب على واضعي السياسات في العالم التركيز على خمسة مجالات رئيسة... يتبع.
مشاركة :