ارتفع التضخم بشكل كبير في دول الاتحاد الأوروبي، مدفوعا بتداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية التي عرقلت سلاسل الإمداد، ورفعت أسعار الطاقة بعد العقوبات الغربية على موسكو. وذكر مارتينز كازاك عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي أن التضخم مرتفع للغاية، واتخاذ إجراء يتعلق بالسياسة النقدية لمواجهته له ما يبرره. وقال كازاك، وهو رئيس البنك المركزي في لاتفيا وهو من المتشددين، أمام إحدى اللجان في بولندا "إن التضخم مرتفع للغاية وغير مقبول بشكل كبير"، حسب وكالة "بلومبيرج" للأنباء. وقفزت الأسعار بأكثر من أربعة أضعاف الهدف الذي حدده البنك وهو 2 في المائة، في أيار (مايو) الماضي، مسجلة رقما قياسيا آخر. وتأتي هذه التصريحات بعد يوم من التزام البنك بأول زيادة في أسعار الفائدة منذ أكثر من عقد من الزمن، ورسم المسؤولون مسارا مستداما للارتفاع، بدءا بتحرك من ربع نقطة في تموز (يوليو)، متبوعا بنصف نقطة محتملة في أيلول (سبتمبر) العام الجاري. وذكر كازاك أن الاقتصاد سيظل بحاجة إلى مساعدة، لكن يجب أن يأتي ذلك على نحو متزايد في شكل إنفاق حكومي بدلا من تحفيز للبنك المركزي. وفي قاطرة الاقتصاد الأوروبي، قفز معدل التضخم السنوي في ألمانيا إلى أعلى مستوى له منذ ما يقرب من 50 عاما في أيار (مايو) الماضي إلى 7.9 في المائة. ذكر البنك المركزي الألماني أن عواقب الحرب الروسية في أوكرانيا تبطئ النمو الاقتصادي في ألمانيا وتؤدي إلى ارتفاع التضخم. وخفض البنك توقعاته بشأن النمو الاقتصادي أمس، حيث رجح أن يستمر التعافي الاقتصادي بعد تراجع الجائحة لكن بصورة أقل مما توقعه من قبل. ويتوقع البنك أن تسجل ألمانيا نموا اقتصاديا هذا العام 1.9 في المائة. وفي كانون الأول (ديسمبر) الماضي، كان البنك يتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 4.2 في المائة، في 2022. كما تراجعت توقعات البنك بشأن النمو الاقتصادي للعام المقبل، حيث رجح خبراء البنك أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي 2023 بنسبة 2.4 في المائة، بدلا من توقعاته السابقة بارتفاع 3.2 في المائة. وخفض عدد من المؤسسات توقعاته الاقتصادية بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا، بينما يؤكد خبراء البنك المركزي الألماني أيضا أن حالة عدم اليقين بشأن النمو الاقتصادي المستقبلي مرتفعة بشكل استثنائي، بسبب الحرب الروسية على وجه الخصوص. من ناحية أخرى، يتوقع البنك أن تنخفض أسعار الطاقة مرة أخرى إلى حد ما، وأن تختفي اختناقات العرض تدريجيا. وفي الوقت نفسه، يرجح أن تحول الأسر جزءا على الأقل من المدخرات التي جمعتها خلال جائحة كورونا إلى الاستهلاك، وبالتالي تحفيز الاقتصاد. في المقابل، يتوقع البنك أيضا أن يؤدي التضخم المرتفع بشكل غير عادي إلى عدم اليقين بين المستهلكين وإضعاف قوتهم الشرائية. وبالنسبة إلى العام بأكمله، يتوقع البنك المركزي الألماني الآن معدل تضخم يبلغ 7.1 في المائة، بناء على ما يسمى بالمؤشر المنسق لأسعار المستهلك، الذي يستخدمه البنك المركزي الأوروبي لسياسته النقدية. وقال يواخيم ناجل محافظ البنك المركزي الألماني "أسعار المستهلكين سترتفع هذا العام أكثر مما كانت عليه في أوائل الثمانينيات، ضغط الأسعار ارتفع أخيرا مجددا، وهو ما لا تعكسه بالكامل التوقعات المعلنة حاليا. وقال "إذا استمر هذا التطور، فقد يرتفع المؤشر المنسق لأسعار المستهلك لأكثر من 7 في المائة في المتوسط في 2022". ووفقا لتقديرات البنك المركزي الألماني، من المفترض أن ينخفض معدل التضخم في ألمانيا تدريجيا بدءا من العام المقبل، وقد يصل في المتوسط إلى 4.5 في المائة، وإلى 2.6 في المائة في 2024. ويهدف البنك المركزي الأوروبي إلى استقرار الأسعار على المدى المتوسط مع معدل تضخم يبلغ 2 في المائة لمنطقة اليورو ككل. وفي سياق متصل، أشار ناجل إلى أنه يتعين على البنك المركزي الأوروبي العمل بقوة من أجل إعادة التضخم إلى معدلاته المستهدفة. ونقلت وكالة "بلومبيرج" للأنباء عن ناجل قوله في بيان "إن "التضخم في منطقة اليورو لن يتباطأ من تلقاء نفسه"، مضيفا أن "السياسة النقدية لا بد أن تتجاوب بحزم من أجل مكافحة التضخم". وذكرت "بلومبيرج" أن مستجدات التوقعات الاقتصادية الخاصة بألمانيا تشير إلى أن ضغوط الأسعار في البلاد تفوق التوقعات السابقة. وعدل البنك المركزي الأوروبي الخميس توقعاته بشأن أسعار المستهلكين، والتزم برفع أسعار الفائدة بواقع ربع نقطة في تموز (يوليو) المقبل. وألمح البنك إلى أنه سيرفع أسعار الفائدة مرة أخرى بعد شهرين، في خطوة تمثل انتصارا بالنسبة إلى الصقور في مجلس حكام البنك المركزي الأوروبي. ويتوقف اتخاذ إجراءات أقوى على التوقعات التي ستصدر في أيلول (سبتمبر) المقبل، حيث صرحت كريستين لاجارد محافظ البنك المركزي الأوروبي بأن رفع أسعار الفائدة سيحدث إذا ما استمرت آفاق التضخم بالحالة السيئة نفسها أو تفاقمت. في سياق متصل، ارتفعت أسعار المستهلكين في النرويج خلال أيار (مايو) الماضي بوتيرة فاقت التوقعات، لتصل إلى أعلى معدلاتها منذ نحو 34 عاما. وذكر مكتب الإحصاء النرويجي أن أسعار المستهلكين ارتفعت بنسبة سنوية تبلغ 5.7 في المائة في أيار (مايو) الماضي، مقابل زيادة نسبتها 5.4 في المائة في نيسان (أبريل) السابق عليه، فيما كان خبراء الاقتصاد يتوقعون ارتفاع التضخم إلى 5.6 في المائة. وهذا أعلى معدل تضخم في البلاد منذ كانون الأول (ديسمبر) 1988، عندما ارتفعت الأسعار 5.7 في المائة، وجاءت الزيادة الأخيرة في الأسعار مدفوعة بارتفاع تكاليف المواصلات 9.4 في المائة. وارتفعت أسعار الأثاث والأجهزة المنزلية وتكاليف الصيانة الدورية في النرويج 8.9 في المائة، فيما سجلت تكاليف الخدمات زيادة 8 في المائة. كما ارتفع التضخم الأساسي 3.4 في المائة في أيار (مايو) مقابل 2.6 في المائة في الشهر السابق عليه، في حين كان من المتوقع أن يرتفع التضخم الأساسي 3.1 في المائة. وعلى أساس شهري، ارتفعت أسعار المستهلكين 0.2 في المائة في أيار (مايو) في أعقاب زيادة 1.2 المائة في نيسان (أبريل). وكان من المتوقع أن تظل الأسعار مستقرة في ذلك الشهر. وفي التشيك، ارتفع معدل التضخم السنوي إلى 16 في المائة، في أيار (مايو) الماضي، بحسب ما أعلنته وكالة الإحصاءات القومية أمس. ويعد هذا أكبر معدل تسجله البلاد منذ كانون الأول (ديسمبر) 1993 عندما سجل 18.2 في المائة. وأشار التقرير إلى أن الارتفاع الأخير جاء بشكل رئيس بسبب ارتفاع تكاليف الإسكان وأسعار الغذاء والوقود. وارتفع سعر الدقيق بصورة خاصة حيث زاد 64.6 في المائة مقارنة بالعام الماضي. ويطبق البنك الوطني التشيكي "البنك المركزي" سياسة تشديد صارمة منذ فترة لمكافحة التضخم، وارتفع معدل التضخم الرئيس أخيرا إلى 5.75 في المائة. ووفقا لمراقبين، أثارت حقيقة أن أليس ميشل الرئيس الجديد للبنك الوطني سيحل محل جيري روزنوك في تموز (يوليو) حالة من الغموض. يشار إلى ميشل هو أحد منتقدي سياسة سعر الفائدة الصارمة لسلفه.
مشاركة :