تصاعدت في ليبيا الدعوات إلى العودة لدستور 1951 أي دستور الاستقلال وإعادة الملكية في البلاد في تطور يشي بأن هذا المقترح بدأ يأخذ منحى أكثر جدية في ظل حالة الانسداد الحالية، لكن يبقى من غير الواضح ما إذا سيتم اللجوء إلى هذا الخيار الذي يواجه عقبات هو الآخر. ولعل أبرز تلك العقبات هي ضرورة توافق الليبيين أنفسهم على اللجوء إليه، وما سيتلو ذلك من استفتاء وترتيبات خاصة تمهد الطريق لعودة الملكية في ليبيا، فضلا عن غياب ولي العهد وريث العرش الملكي محمد الرضا السنوسي عن البلاد التي مزقتها الصراعات العسكرية والسياسية وتواجده في بريطانيا. وفي وقت سابق اقتصرت الدعوات للعودة إلى الملكية في ليبيا على دعوات فردية من قبل نواب برلمانيين وغيرها، لكن هذه الأيام اكتسبت زخما كبيرا حيث عُقد السبت في مدينة مصراتة (غرب) ملتقى ضمن سلسلة مؤتمرات ونشاطات للمؤتمر الوطني لتفعيل دستور وعودة الملكية الدستورية لليبيا. كامل المرعاش: انفصال ولي العهد الحالي عن الواقع الليبي يهدد المقترح ويدافع الداعون إلى عودة ليبيا للملكية عن مقاربتهم بأن ذلك سيعيدها إلى الاستقرار بعد أن غرقت في سنوات من الفوضى الأمنية والسياسية تلت سقوط العقيد الراحل معمر القذافي. وقال رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني لتفعيل دستور وعودة الملكية الدستورية لليبيا أشرف بودواوة، في تصريحات أوردتها وسائل إعلام محلية إن عودة الحكم الملكي “تعد المنقذ الوحيد والجذري من الفوضى التي تعيشها البلاد، خاصة بعد الانسداد السياسي والدستوري الحاصل الآن”. ورغم الزخم الذي اكتسبته الدعوات إلى العودة لدستور 1951، إلا أن مراقبين يرون أنه من الصعب أن تقود إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع لعدة أسباب يبقى أبرزها رفض القوى الموجودة في المشهد السياسي الحالي في ليبيا لذلك على غرار رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة وقائد الجيش المشير خليفة حفتر. وقال المحلل السياسي كامل المرعاش إن “تيار عودة الملكية إلى ليبيا أو الفيدرالية كنظام للحكم ضعيف وليست له قواعد شعبية كبيرة من الأساس وهذا لا يسعفه حتى في تحقيق نتائج وازنة له في أي انتخابات قادمة”. وتابع المرعاش في اتصال هاتفي مع “العرب” “هذا ناهيك عن أن الأوضاع والقوى الحالية والتي بالتأكيد لها مواقفها الرافضة لعودة النظام الفيدرالي الملكي إلى ليبيا لن تسمح بذلك”. ومع تصاعد الحراك الداعي للعودة إلى الملكية في البلاد تتزايد التساؤلات حول أسباب غياب ولي العهد عن البلاد رغم مضي أكثر من عقد عن سقوط القذافي. وقال المرعاش إن “كل الأسباب التي سبق ذكرها بشأن ضعف فرص فرض عودة الملكية يضاف إليها افتقاد ولي العهد الحالي إلى الكاريزما القيادية والسياسية وتغيبه وانفصاله عن الواقع الليبي لعقود من الزمن”. Thumbnail واعتبر المحلل السياسي الليبي أن “كل هذه المبادرات والاجتماعات مجرد مضيعة للوقت، لأنها في نهاية المطاف، سواء كانت سليمة أو سقيمة، ستصطدم بالظروف التي سبق ذكرها لكن كذلك بالواقع الأمني السائد على الأرض والذي باتت تحركه القوى الإقليمية والدولية التي تتصارع على النفوذ والهيمنة في ليبيا بأدوات محلية، والأمر لا يكلفها الكثير، بل ربما تجني من هذا الوضع مكاسب مالية لم تكن تحلم بها من قبل، وتركيا مثال صارخ لذلك”. وكان دستور 1951 قد دخل حيز التنفيذ في السابع من أكتوبر من العام المذكور أي حتى قبل استقلال البلاد، ونص على أن نظام الحكم في البلاد ملكي دستور بالملك إدريس الأول إلى أن تمت الإطاحة به في الأول من سبتمبر 1969 بعد انقلاب عسكري قاده القذافي. وتأتي هذه الدعوات في وقت باءت فيه مساعي انتشال ليبيا من المربع الذي تردت فيه بالفشل، لكن هذه الدعوات قد لا تجد صدى لها لدى البعثة الأممية والقوى الغربية التي تحاول إرغام الفرقاء الليبيين على التوافق على قاعدة دستورية تُجرى على أساسها الانتخابات. والأحد انطلقت الجولة الأخيرة من محادثات المسار الدستوري في القاهرة بحضور وفدي البرلمان والمجلس الأعلى للدولة حيث خاطبت المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني ويليامز الحاضرين قائلة إن “هذه هي الجولة الأخيرة من مشاورات المسار الدستوري وأنه لا مجال لأي إخفاقات”.
مشاركة :