صاحبة أول مركز تدريبي من نوعه لغرس المفاهيم والقيم الإنسانية عن طريق تنمية المواهب التربوية زينب نعمة الهاشمي لـ«أخبار الخليج»: يقول المفكر الأمريكي زيغ زيغلر «سوف يجعلك التفكير الإيجابي تفعل أي شيء بشكل أفضل وهو الذي يمنح قدراتك الحقيقية كامل الحرية والتصرف»! كي تصبح رائد أعمال ناجح في مجال عملك، يستدعي الأمر بعضا من الابتكار والبراعة، وامتلاك مهارة التفكير خارج الصندوق، أي التحرر من الإطار التقليدي، والتحلي بقدر من الحكمة والذكاء والتفكير الإيجابي المنطقي العميق، وهذا هو سر نجاح هذه المرأة التي أطلقت مشروعا تدريبيا للأطفال هو الأول من نوعه بالبحرين. التربوية، سيدة الأعمال زينب نعمة الهاشمي، صاحبة مركز «سمائي» لغرس المفاهيم والقيم الإنسانية عن طريق تنمية المواهب لدى النشء، والذي أطلقته بعد 12 عاما من العمل بوزارة التربية والتعليم، وذلك بعد أن استشعرت مدى حاجة الجيل الجديد إلى الخروج من الاطار التقليدي التعليمي الذي لم يعد نافعا أو جاذبا له. لقد وهبت نفسها لتأدية رسالتها على أكمل وجه، والتي ترتكز على تنمية المهارات الحياتية المختلفة لدى الأطفال، وذلك باستخدام أساليب جديدة تصقل من مواهبهم المتنوعة، إيمانا منها بأنه لا تطور للمجتمع ولا نمو له ولا تقدم إلا بالابتكار والثورة على المألوف. حول هذه التجربة المتفردة كان الحوار التالي: *ما فكرة مشروعك؟ - فكرة المركز ترتكز على تنمية المواهب لدى الأطفال، وغرس المفاهيم والقيم الإنسانية عن طريق تنمية المواهب، وقد تأسس المشروع عام 2017، بعد حوالي 12 عاما من العمل بوزارة التربية كإدارية، حيث أدركت من خلال تعاملي مع الطلبة خلال هذه السنوات الطويلة مدى الحاجة إلى هذه الفكرة للخروج من الإطار التقليدي للتعليم، وخاصة أنني أتمتع بمواهب عديدة ساعدتني على تنفيذ فكرتي. *مواهب مثل ماذا؟ - لقد فكرت خارج الصندوق، وخاصة أنني أتمتع بمواهب عديدة كالرسم والخط وعزف البيانو وغيرها، وشعرت بأنني أستطيع توصيل مفاهيم كثيرة للأطفال بطرق سهلة ومبسطة، وتحويلها إلى برامج وحقائب تدريبية تنمي وتصقل من شخصيتهم. *وما أهم تلك القيم؟ -أنا أركز في عملية التدريب على كل مفاهيمنا وقيمنا الإنسانية الأصيلة، وعلى مهارات الحياة المختلفة والمتنوعة بشكل عام، إضافة إلى تنمية الروح القيادية لدى النشء، حيث لم يعد التعليم التقليدي مجديا أو كافيا أو نافعا، فالأطفال عامة يجذبهم كل شيء جديد ومبدع ومبتكر، ولله الحمد أنا أتمتع بقدرة على تقديم ذلك لهم، وبرغبة شديدة في توصيل الكثير من المبادئ إلى الجيل الجديد وذلك من خلال المواهب والفنون المتنوعة، ويعد مشروعي هو الأول من نوعه في البحرين. *ماذا عن عملك السابق؟ - لقد عملت قبل إطلاق مشروعي لدي وزارة التربية والتعليم، وذلك مدة 12 عاما تقريبا، اكتسبت خلالها خبرات طويلة رغم عملي الإداري وتعرفت فيها على احتياجات هذا الجيل، وبعدها قررت التفرغ لمشروعي الخاص، ولا شك أن التعريف به وإيصال فكرته ومفهومه الجديد غير المألوف إلى المجتمع قد استغرق وقتا طويلا، وشيئا فشيئا بدأ يتمتع بسمعة طيبة، وحظي على ثقة الناس، سواء من داخل البحرين أو خارجها. *أصعب تحدٍ؟ يمكن القول إن أصعب تحد واجهني كان يتمثل في مشكلة عامل الوقت، وخاصة أنني أم وزوجة وموظفة وصاحبة مشروع خاص، الأمر الذي يتطلب نوعا من الموازنة بين كل هذه المسؤوليات المتعددة، وبالفعل واجهت في فترة من الفترات بعض الصعوبات للإيفاء بواجباتي المتشعبة، ولكن سرعان ما شعرت بنوع من الارتياح تجاه ذلك إلى حد كبير. *وكيف تم التعاطي مع أزمة كورونا؟ - من خلال تجربتي الشخصية يمكنني أن أزعم بأن أزمة كورونا كان لها تأثير إيجابي كبير، حيث تفرغت خلالها للتدريب أون لاين من خلال الورش، كما مثلت فرصة كبيرة لي للوصول إلى الأطفال داخل وخارج البحرين، وإلى حدوث تعاون أوسع مع دول المنطقة، حتى أولياء الأمور أنفسهم تفاعلوا معنا بشكل لافت وذلك بسبب إلمامهم بتقنية التعلم الرقمي الذي فرضته تلك الجائحة، ومن ثم أصبحوا مهيأين لذلك، وكثيرا ما نظمت ورش خاصة شارك فيها الأطفال وآباؤهم يحضرونها في ذات الوقت. *ما أهم ورشة؟ - أذكر أن أهم ورشة نظمتها شارك فيها حوالي ألف شخص جمعت فيها بين الكبار والصغار، وكانت تطوعية وبعنوان: «عطلة صيفية فارقة»، حيث كان الجميع متعطشا للمعرفة حول هذا الموضوع المهم والذي يمثل مشكلة بالنسبة إلى البعض، وقد تم الاستفادة منها على نطاق كبير سواء داخل البحرين أو خارجها، وكانت فرصة لكل المربين أن يتعاملوا مع العطلة الصيفية بطريقة مختلفة، وفق خطة أو برنامج أو نظام متكامل في المنزل، وقد خرج الأطفال منها بمواهب فارقة، وبتحصيل لافت من دون الاعتماد على أحد، مع تأكيد أهمية التخطيط لذلك بشكل أساسي. *في رأيك ماذا يهدد الجيل الجديد اليوم؟ - أنا أرى أن التكنولوجيا المفتوحة هي الخطر الأكبر الذي يهدد أبناءنا اليوم، فهي تمثل نافذة شاسعة على العالم كله، ومن الصعب على أولياء الأمور حصرها أو مراقبتها، هذا فضلا عن أنها صنعت جيلا مختلفا لا يحب العمل كثيرا، وبحاجة إلى تعزيز قيمنا ومبادئنا الأصيلة بصورة أكبر، ولعل أكثر القيم التي يجب التركيز عليها هي غرس المسؤولية في نفوسهم، بحيث يصبحون مسؤولين عن خياراتهم وقرارتهم، وأن يتمتعوا بثقة كبيرة في أنفسهم، وفي قدراتهم، هذا فضلا عن إعادة تعزيز الترابط الأسري الذي غاب كثيرا في هذا العصر بسبب الحاجز الذي نراه بين الآباء والأبناء، حيث يعيش كل طرف في عالم افتراضي خاص به. *ما نصيحتك للآباء عند تعاملهم مع أبنائهم؟ لعل أكبر خطأ يرتكبه الآباء اليوم في حق أبنائهم هو انشغالهم عن أبنائهم، وترك الفرصة لكثير من وسائل التربية الأخرى للقيام بدورها في التأثير فيهم كالخادمة، أو وسائل التواصل، والأصدقاء، وغيرها، فالطفل يحتاج إلى وقت واهتمام ولي الأمر بالدرجة الأولى، وأنا أناشد كل أب وأم أن يستثمرا الوقت مع أبنائهما، فكل طفل يمثل في داخله سماء خاصة به، بلا حدود، تحوي الكثير من الآمال والطموحات والقيم، وعلى الأبوين أن يطلقا ما بداخل أبنائهم من مواهب، ومساعدته على التوصل إلى شغفه، وتحديد هدف يسعى إلى تحقيقه بمساعدتهما. *هل أثرت طفولتك على أرائك تلك؟ -نعم لقد أثرت طفولتي بشكل كبير في صقل شخصيتي ورؤيتي نحو المستقبل، فقد عشت طفولة سوية وسعيدة، وكان والداي يقضيان معي أوقاتا طويلة، ويقدمان لي أي مساعدة أو دعم لخدمة مواهبي وكذلك مع إخوتي، وخاصة خلال أيام العطلة الصيفية، وكانا يضعان دوما خطة أو مشروعا لكل إجازة، ويمكن القول بأنهما قد وفرا لنا كل ما يتمناه الأبناء من أولياء أمورهم، الأمر الذي ساعدني كثيرا خلال مسيرتي، ونمى لدي مواهب عديدة، أما عن دراستي فقد حصلت على بكالوريوس إحصاء وبحوث العمليات، وبعد التخرج مباشرة توظفت كمدير تحرير في إحدى المجلات ثم انتقلت إلى العمل بوزارة التربية والتعليم. *وكيف تم تطوير المهارات لديك؟ - لقد التحقت بالعديد من الكورسات والدورات التي تتعلق بمجال الكوتشينج بشكل عام، وبتعليم الأطفال، بالتعلم الذكي وغيرها وذلك أون لاين من جامعات خارجية مختلفة، كما شاركت في فعاليات ومعارض داخلية متنوعة، ومع مرور السنوات بدأت أحدد شغفي، وهدفي، وطموحي، وبعد 12 عاما من الوظيفة، شعرت بأنني حصرت نفسي في مجال روتيني ولا بد من التغيير والتطوير، وتولد بداخلي رغبة شديدة في تطوير شخصيات الأطفال، الأمر الذي لا يوفره إطار التعليم التقليدي ومن هنا انطلقت فكرة مشروعي. *ماذا عن المنافسة؟ - لا شك أن المنافسة موجودة، ولكني لا أهتم بها أو أتوقف عندها، بل جل تركيزي يكون على البحث عن كل ما هو جديد ومبتكر، وعموما الحياة مليئة بالتحديات وقد خلقنا من أجل مواجهتها والانتصار عليها، والمهم ألا نستسلم أو ننكسر، وهي تمنحنا القوة حين نتخطاها بنجاح، وتبني شخصيتنا وتصقلها، فمن الطبيعي أن يمر كل منا بإخفاقات وإحباطات، ولكن لا يجب أن توقفنا عن المسيرة وتحقيق الهدف الذي لا بد وأن نرفع رأسنا نحوه ولا ننظر إلى الأسفل مطلقا. *من أكثر الداعمين لك؟ - زوجي شريك لي في كل خطوة من خطواتي وهو أكبر داعم لي، وأبنائي هم كل حياتي، وأتمنى أن أراهم عناصر ناجحة في مجتمعهم وأن يؤمنوا بأنفسهم وبقدراتهم، ويكون لهم بصمة في حياة الآخرين من حولهم، وأتوجه هنا بالشكر إلى كل من دعم المركز طوال السنوات الماضية سواء كانوا أهلا أو شركاء أو مؤسسات. *هدفك الحالي؟ - أسعى حاليا إلى غرس المفاهيم الإنسانية الراقية في قلوب أكبر شريحة من الأطفال، وأن أساعدهم على العيش بقوة وسعادة ورضا، وهناك أفكار كثيرة لمشروعي أتمنى أن أطبقها على أرض الواقع، وأن تصل رسالتي وجهودي إلى أطفال العالم العربي بشكل عام.
مشاركة :