على الدراجات النارية أو في السيارات، يجوب الرحالة بلدان العالم، محولين سياراتهم إلى أماكن صالحة للعيش، بإضافة المعدات التي تتيح لهم النوم وإعداد الطعام فيها. هؤلاء الرحالة، الذين أمضوا سنين من حياتهم في التنقل، والتعرف على الثقافات والبلدان، اجتمعوا في دبي، في الدورة الرابعة من مهرجان دبي للرحالة، الذي افتتحه سمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس نادي دبي الدولي للرياضات البحرية، أول من أمس، في حديقة مشرف. يبرز المهرجان، الذي نظم من قبل نادي رحالة الإمارات، وبدعم من مؤسسة حمدان بن محمد لإحياء التراث، نمط حياة مختلف لا يقوى على عيشه إلا من يملك شغف المغامرة والاستكشاف. دراجة الدراجة النارية هي الوسيلة التي اختارها، سامويل تاندوريكات، للسفر مع صديقه، فبدأوا يجولون البلدان، وقطعوا ما يقارب 15 دولة، ومازالت الرحلات في البداية، إذ إن الخطة هي قصد أستراليا، وبعدها أميركا، مشيراً إلى أنه يحمل مبلغاً من المال، وسيتوقف عن الرحلات حين ينفد المال لديه، أي بعد ما يقارب العامين. وأكد أن الرحلات ليست عالية الكلفة طالما أنه قادر على النوم في أي مكان، والطبخ، لكن تصبح عالية الكلفة حين تمطر، إذ لابد من الاستعانة بالفنادق، وشدد على أن الترحال بالدراجة أفضل من السيارة، فهو غير محاصر، ويتواصل بشكل مباشر مع الأماكن والناس. يقام المعرض، الذي يستمر حتى 19 ديسمبر، تحت رعاية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، ويقدم خلال دورته الحالية الموروث الشعبي الإماراتي، ويبرز جوانب ثقافية في البلد من خلال الخيم التي نصبت لتمثل أجنحة للمشاركين، وكذلك من خلال الرقصات الشعبية والبرامج المصاحبة التي حملت روح التراث، بهدف تعزيز التبادل الثقافي من خلال المهرجان. وقال نائب رئيس اللجنة المنظمة للمهرجان، عارف السويدي، إن عدد المشاركين في هذه الدورة 24 رحالة، ومن تخصصات مختلفة، فمنهم من الذين يرحلون بالسيارات أو الدراجات، سواء النارية أو الهوائية، إلى جانب رحالات من النساء متخصصات في الإبحار، وكذلك فرق إماراتية، إلى جانب من سجلوا أرقاماً قياسية في رحلاتهم. وأضاف أن المشاركة الإماراتية تتمثل في فريق رحالة الإمارات، وفريق للدراجين الذين قاموا برحلة من جنوب إفريقيا إلى دبي خلال ثلاثة أشهر، كما أن هناك فريقاً إماراتياً ـ كويتياً تحدى الثلوج في سيبيريا، ولفت إلى أن المشاركات في ارتفاع، مشيراً إلى أن النخبة المشاركة والمتميزة في إنجازاتها هي الأهم، وأن اختيار حديقة عامة للحدث، هو بهدف تقديمه للجمهور كي يتمكن من رؤية الفعالية، مع الحرص على إيجاد التراث الإماراتي، لنقل ثقافة الإمارات إلى كل الشعوب. ومن أبرز المشاركات في الدورة الرابعة، مشاركة الألماني، غونجا هولتورف، الذي جال بسيارته 260 بلداً، قاطعاً مسافة تقارب مليون كيلومتر، مع زوجته التي رافقته منذ بداية رحلاته إلى أن توفيت منذ خمس سنوات، فبدأ ابنه يشاركه الرحلات بدلاً منها. وقال عن رحلاته بدأت عام 1988، وكانت الخطة أن أسافر من أوروبا إلى جنوب إفريقيا بهدف استكشافها، واستغرقت الرحلة خمس سنوات بدلاً من سنتين ونصف السنة، كما كنت مخططاً، لذا قررنا بعدها السفر إلى جنوب أميركا، ثم نيوزيلندا وأستراليا، ولكن واجهنا بعض الصعاب، ولاسيما بالوصول إلى بلدان كانت تعاني من حروب. ولفت إلى أن الرحلات جميعها كانت من دون الإقامة في فنادق، وكذلك من دون تناول الطعام في مطاعم. الأمير بندر بن خالد بن فهد آل سعود، شارك تجربته في المهرجان، وقال لـالإمارات اليوم: تسلقت القمم السبع، وبحثت فيها عن تحدٍّ جديد وصعوبات، وبدأت التسلق في عمر صغير، وبعد التجربة الأولى ونجاحها، بدأت بالقمم الأخرى، واستغرقت كامل الرحلات ثلاث سنوات ونصف السنة، لكنها كانت متقطعة، أما التمرين الأكبر فكان في قمة جبل إيفريست، التي استعددت لها أكثر من الجبال الأخرى، ولفت إلى أن التسلق يتطلب رياضة بشكل مكثف جداً، موضحاً أن صحته يجب أن تكون جيدة لأنه يخسر الوزن. أما الصعوبات التي قد تواجه المتسلق، فهي الانهيار الجليدي وانهيار الصخور الجبلية، أو سقوط المتسلق نفسه، أو سقوط متسلقين آخرين من مكان ما عليه، بالإضافة إلى صعوبات الأمراض الناتجة عن الارتفاع العالي، ومنها تجمد الدماغ الذي يسبب الوفاة، في حال عدم النزول بشكل سريع. هدى زويد وميثاء مبارك، من الإمارات، تشاركتا رحلة إلى إفريقيا، وعاشتا خمسة أيام مع إحدى القبائل بطريقة بدائية، من دون وجود كهرباء أو أي وسيلة تواصل مع العالم الخارجي. وقالت زويد إن الجميع يعتقد أن ابنة الإمارات معتادة على الرفاهية، ولا يمكنها عيش الحياة الصعبة، لكن تمكنت من العيش مع القبيلة، من دون أي وسائل أساسية للعيش. بينما أوضحت مبارك أن الصعوبات التي واجهتهما في الرحلة هي ندرة المياه، مشيرة إلى أن التجربة كسرت مفهوم المستحيل لديها، وشجعتها على المتابعة لتقديم ما هو أفضل والتغلب على الصعوبات، موضحة أن الرحلة غيرت فيها الكثير وعلمتها الصبر. شارك الإماراتي، علي آل سلوم وعرض تجربة رحلاته في برنامج دروب، التي يقوم بها بهدف التواصل الثقافي والحضاري. وأشار إلى أنه يوثق الرحلات التي تعرض في البرنامج، الذي يحمل اسم دروب لتعارفوا، وهي بمثابة دعوة كي يتعلم الإنسان من الآخر مهما اختلفت الأعراق، مؤكداً أنه يسافر ثمانية أشهر من السنة، ويواجه صعوبات كثيرة في الحصول على التأشيرات، بينما رأى أن الإلهام والطاقة الإيجابية ونقل القيم، من الأمور الأساسية التي يسعى إلى تحقيقها عبر هذه الرحلات. أما الألماني، ستيفين هوفولي، فبدأ رحلاته مع زوجته وأولاده والكلبين، مشيراً إلى أن زوجته اليوم حامل، وسيتابعون الرحلات إلى الهند، لأنهم قرروا أن يولد الطفل في الهند. وأشار إلى أنه بدأ الترحال في نهاية هذا العام، مؤكداً أن الصعاب التي يمكن أن تواجه الرحالة حول العالم، يتغلبون عليها بسهولة، نظراً إلى المتعة التي تعود من جراء السفر بوساطة السيارة. وفي السياق نفسه، بدأ النمساوي دومينيك غينسير رحلاته في الفترة الأخيرة، مشيراً إلى أنه بدأ في يونيو، وقد زار خلال الأشهر الأخيرة مجموعة من البلدان، ولكنهم يبقون في البلد لفترة بغرض الاستمتاع مع الطفلتين، مبيناً أنه يحرص على البقاء مجهزاً بالأدوية لأي حادث يتعرض له الأطفال، منوهاً بأن السفر أثّر في العائلة، فالأطفال باتوا أكثر سكوناً، أما خطته المقبلة فتشمل مجموعة من البلدان، إذ سينطلق من دبي إلى مجموعة بلدان، منها تركيا. فريق بدأت الألمانية، ألين رودان، السفر مع زوجها منذ سنوات، معتبرة أن هذا القرار يحول الزوجين إلى فريق، كما أن السفر يحمل الكثير من المتعة، وكذلك المصاعب اليومية المتمثلة في التعرف على كيفية الحصول على الطعام والماء في المنطقة، بينما التعرف على الناس هو من أجمل ما تحمله المغامرة، واعتبرت المهرجان فرصة للتعرف على تجارب جديدة، الأمر الذي يمنح الرحالة الدعم للاستمرار والمتابعة. معرض صور على هامش المعرض أقيم في الخيم، التي صممت على شكل أجنحة، معرض للصور للرحالة المشاركين، حيث يتم من خلال كل جناح عرض مجموعة من الصور للرحالة المشاركين، التي التقطوها في مغامراتهم وأسفارهم. وإلى جانب المعرض حمل المهرجان روح الثقافة الإماراتية من خلال الفعاليات المصاحبة، التي تمثلت في الرقصات الشعبية والفلكلورية.
مشاركة :