منذ أن تولّى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الأمين رئيس الوزراء الموقر (حفظه الله ورعاه) رئاسة مجلس الوزراء، وقبل ذلك إبان تقلده منصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، كانت جهوده واضحة وجلية، على صعيد التنمية الإدارية للجهاز الحكومي بالمملكة، وتطوير منظومة العمل بهذا الجهاز، وتحديث أساليب الأداء وتسريع وتيرته. وقد أجمع كثيرون على الشخصية الفريدة القيادية لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، وما يتمتع به من فكر استراتيجي، ورؤى حكيمة، وأفكار اقتصادية خلاقة، وأبعاد تحديثية تطويرية، وتشهد الإنجازات الكثيرة التي تحققت، في حقل المشاريع الإستراتيجية، وبرامج الإصلاحات الاقتصادية، والطفرات النوعية الحديثة، لبرامج التحديث الإداري المستمر وغيرها، تشهد على ما نقوله، بل تؤكد ما تحقق وسيتحقق على أرض الواقع. سمو ولي العهد الأمين رئيس الوزراء، هو حقيقة قائد للتحولات الكبرى المختلفة في العمل الحكومي، بمملكة البحرين، فحباه الله بخصال كاريزما القائد الطموح المتطلع إلى إنجازات كثيرة، وقد استلهم هذه القيادة العظيمة من جده المغفور له بإذن الله صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة راعي نهضة مملكة البحرين الحديثة، ومن والده جلالة الملك المعظم، قائد مسيرة الإصلاح والتطوير بالمملكة، ولقد تطورت ملكة القيادة هذه، بما اكتسبه من خبرات، جراء تقلده العديد من المناصب القيادية. إن التنظيم الإداري للمملكة، مرّ بمراحل متعددة، وشهد التطور الهيكلي المؤسسي للمملكة، تطوراً ملحوظاً، وقد تواكب ذلك مع آفاق التحول الاقتصادي الكبير، والمشاريع الاستراتيجية، والتطور الخدمي العظيم، الذي شهدته المملكة. سمو الأمير سلمان بن حمد – حقيقة– يُعد رائداً كبيراً في مجال الفكر التخطيطي الاستراتيجي، فهو قائد ملهم بالفطرة، نذر نفسه لخدمة الدين والوطن والشعب. ومن يتأمل الحس الإداري في شخصية سموه، يجده ملموساً في أساليب إدارته، ومنهجيته في التنظيم. ونرى في الفكر الإستراتيجي المؤسسي لسموه، عدة مناحٍ مهمة: * منها: المنحى القيادي. * منها: المنحى التنظيمي. * منها: المنحى الابتكاري. يقول علماء الإدارة، إن تحقيق إدارة ناجحة وعصرية، لابد من توافر خمسة عناصر مهمة وأساسية: * عمليات التخطيط: وهنا يتوقع ما في المستقبل، وتحديد المسارات السامية، لتحقيق الأهداف، والتخطيط هي عملية مستمرة ودائمة. * عمليات التنظيم: ولابد من إدارة ناجحة من توافر هيكل تنظيمي يوزع المهام، والاختصاصات، فالتنظيم هو من أسس الفكر القيادي الناجح. * اختيار الكفاءات وهو عمل جوهري لنجاح الإدارة، اختيار وتعيين الشخص المناسب في المكان المناسب هو القانون الذي يجب الالتزام به. * التوجيه: وتكاد هذه العملية أن تكون من أهم العمليات في حقل الإدارة الناجحة، إن الإرشاد والتحفيز والعلاقات الإنسانية، مهمة لتشكل الإدارة الناجحة. * عمليات الرقابة: ولتحقيق الأهداف المنشودة، لابد من مراقبة الأداء، فالرقابة جزء مهم من عمليات الإدارة الناجحة. ويرى البعض من أن الإدارة هي فن زيادة الإنتاج وترويج الابتكار في حل المشكلات والعلاقات الإنسانية وقيم التحفيز ورفع الروح المعنوية. هذه المواصفات والخصائص، نجدها واضحة في شخصية سمو الأمير سلمان بن حمد، بل يمتلك سموه خصيصة كبيرة، وهي العلاقات العامة، والاتصال، فسموه على اتصال كبير بالمواطنين، ويدل على ذلك، استقبال سموه المواطنين، واتباع سموه سياسة الأبواب المفتوحة، والاستماع إلى المواطنين، وزياراته المدن والقرى، ورعايته للمناسبات والاحتفالات. دعونا نتأمل كثيراً في جهود سموه، وما قام به من خطوات كبيرة على صعيد (التنمية الإدارية)، وتحسين الأداء، بالجهاز الحكومي، وذلك من خلال الإشارات التالية: * الإشارة الأولى: جاء المرسوم (12) لسنة 2021، والخاص بإعادة تسمية ديوان الخدمة المدنية ليصبح (جهاز الخدمة المدنية)، ويكون تابعاً لمجلس الخدمة المدنية، لوضع أساس جديد، للسلم الهرمي، في أحد أهم الأجهزة الرئيسية للمملكة. بتبعية هذا الجهاز إلى (مجلس الخدمة المدنية)، سيكون له انعكاسات كثيرة، بتوفير أرضية استقلال كبيرة لهذا الجهاز، بما سيعزز وتيرة العمل به، وارتباطه المباشر بمجلس الخدمة المدنية، وسيوفر سرعة تنفيذ القرارات الصادرة من مجلس الخدمة المدنية، بما يؤدي إلى تسارع وتيرة أداء موظفي الخدمة المدنية، بشكل أفضل. * الإشارة الثانية: إنه أسس (الملتقى الحكومي) وهو ملتقى فريد من نوعه، حيث يجمع المسؤولين، والقادة التنفيذيين، وصناع القرار وغيرهم، لمناقشة أمور وقضايا العمل الحكومي، وطرائق تطوير منظومة الأداء المؤسسي الحكومي، والتحديثات، وآفاق المستقبل، وتعزيز كفاءة الإنتاج، والوصول إلى الجودة الشاملة. ويمثل هذا الملتقى منبراً حراً، بإطلاق المبادرات والابتكارات، وطرح الحلول لمختلف القضايا حيال العمل الحكومي. كانت فكرة الملتقى، نابعة من سموه شخصيا، ما يدلل على أن سموه يمتلك حساً ابتكارياً ناصعاً، علاوة على ميول إدارية تطويرية واضحة. ولعل من الأهداف الرئيسية لهذا الملتقى، تطوير أساليب التنمية الإدارية، بروح عصرية، إلى جانب الغاية الكبرى منه، بخلق قادة إداريين أكفاء، يؤمل فيهم النهوض بمملكة البحرين، وهي غايات ترتبط ارتباطا وثيقاً ومباشراً مع رؤية مملكة البحرين الاقتصادية حتى حلول عام 2030م. * الإشارة الثالثة: جاء التنظيم الجديد للمكتب الخاص لسمو ولي العهد رئيس الوزراء الموقر، متماشياً مع الإطلالات العصرية الحديثة المبتكرة. فقد ضم في تنظيمه إدارات عامة معنية بالسياسات، وإدارات مهتمة بسبل التنمية الإدارية إلى جانب وحدات لمراقبة الأداء المؤسسي الحكومي. ولأهمية المشاريع، فقد ضم الهيكل الجديد وكيلاً مختصاً بالبحوث والمشاريع، ووكيلا مساعداً للمشاريع، وهذا من شأنه الدفع بعملية بناء المشاريع والإشراف عليها مباشرة. وفي سبيل عمليات التنمية الإدارية وتطوير العمل المؤسسي الحكومي، تضمن التنظيم الجديد لمكتب رئيس الوزراء، وكيلاً مساعداً لتطوير الأداء الحكومي، وهو يشرف إشرافا مباشرا على (4) إدارات مختصة بهذا الشأن وهي (تطوير الكوادر الحكومية) و(جودة الخدمة الحكومية) و(التقييم والتحليل) و(التنسيق والمتابعة). لقد كان الهيكل الجديد بتنظيم المكتب الخاص لسمو رئيس الوزراء الموقر، موفقاً جديداً وعصرياً ومبتكراً، بما احتواه من (وكالات) و(وكالات مساعدة) و(إدارات) و(أقسام) و(وحدات). * الإشارة الرابعة: تعد الهندسة الإدارية، وإعادة هندسة نظم الإدارات وتحديث الهياكل التنظيمية، للقطاع العام، مطلباً أساسياً، وحاجة ملحة، لاسيما في العصر الذي شاعت فيه (الثورة التكنولوجية والمعرفية)، لذا ساد مفهوم (الهندرة) كثيرا لدى المختصين بالإصلاح الإداري والتنمية الإدارية بالقطاع العام. وظهر مفهوم (الهندسة الإدارية) أو إعادة الهندسة (الهندرة)، في تسعينيات القرن الماضي المنصرم، وتحديداً في عام 1992، وذلك بصدور كتاب يحمل عنوان (هندرة المنظمات) للباحثين (مايكل هامر) و(جيمس تشامبي)، ومنذ ذلك الوقت تعالت الصيحات، بتطبيق سياسات إعادة التنظيم، وإدخال أفكار جديدة غير تقليدية، وإحداث تغييرات استراتيجية للأنماط التقليدية الإدارية المتبعة، إلى جانب إدخال منظومات إدارية جديدة، أو الاستغناء عن خدمات موجودة، وبالفعل فإن (الهندرة) قد أحدثت (طفرة حقيقية) في عالم الإدارة، وتطوير القطاع العام. إن إعادة الهندسة الإدارية (الهندرة) نمط إداري منهجي تقوم على إعادة (البنية التنظيمية) من الأساس، وكذا على إعادة تصميم وتنظيم مختلف التطوير الأساسي والطموح في أداء الجهاز الحكومي. لذا فإن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، مدرك تماماً لأهمية (التطوير التنظيمي) لمؤسسات القطاع العام، ويدل على ذلك، إعادة تنظيم الكثير من الوزارات، والمؤسسات الخدمية، وإدخال أنماط جديدة، وأساليب حديثة، ومنها (النظام الوطني للمقترحات والشكاوى)، والذي يتيح للسادة المواطنين أو المقيمين تقديم مقترحاتهم أو شكاواهم بصورة سريعة وسهلة. * الإشارة الخامسة: في إطار السعي الذي يوليه سمو ولي العهد رئيس الوزراء، إلى التطوير، دشنت المسابقة الحكومية (فكرة جيدة)، لتكون منطلقاً للإبداع والابتكار، فيما ما من شأنه بلورة الأفكار الجيدة، باعتبارها رافداً جديداً لتطوير العمل الحكومي وجودته. وتعرض الأفكار المشاركة على لجنة وزارية حيادية مستقلة، لتقييمها واختيار أفضلها. * الإشارة السادسة: ويعد نظام (تواصل) والذي يتيح للمواطنين وغيرهم إبداء شكاواهم ومقترحاتهم واستفساراتهم، عبر منصة إلكترونية موحدة، من أهم الجهود المبذولة للتحسين في الأداء الحكومي. وقد لاقى هذا النظام ترحيباً وتفاعلاً كبيرا من المواطنين، وقلت كثيراً أمور الشكاوى، وأحدث هذا البرنامج، طفرة قوية بسرعة إنجاز معاملات المواطنين، وتيسير الإجراءات. وبعد، فهذه لمحات موجزة وقليلة، لمجمل جهود صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس الوزراء الموقر، في الارتقاء بمنظومة العمل الحكومي، والتحسينات التي أدخلها سموه، لرفع كفاءة الأداء، وهي إن دلت على شيء، فإنما تدل على نجاحات سموه في خلق وإحداث تنمية إدارية شاملة وجديدة وفق تطلعات جلالة الملك المعظم. Sayedhaider65@gmail.com
مشاركة :