اشترط المبعوث الخاص للرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، والمستشار الدبلوماسي المكلف بملف الصحراء المغربية والمغرب العربي عمار بلاني، رحيل الحكومة الإسبانية الحالية التي يقودها بيدرو سانشيز، ووصول أشخاص آخرين جديرين بالثقة لعودة العلاقات الطبيعية بين البلدين إلى وضعها الطبيعي، ما ينذر بتصاعد الأزمة بين مدريد والجزائر. وذكر بلاني في تصريح لصحيفة “الكونفيدينسيال” الإسبانية أن “الحكومة الإسبانية الحالية تمارس الكذب والتضليل والهروب إلى الأمام، وتصريحات وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس والنائبة الثالثة لرئيس الحكومة، تدمير لأي إمكانية لرأب الصدع وعودة العلاقات الثنائية بين البلدين”. ولفت المتحدث في تصريحه إلى أن “الجزائر لم تخل بأي ثقة، عكس الحكومة الإسبانية التي أخلت بالتزاماتها التاريخية تجاه قضية الصحراء المغربية”، في إشارة إلى الذريعة التي تحججت بها الجزائر لإعلان تعليق اتفاق الصداقة والتعاون وحسن الجوار، المبرم بين البلدين العام 2002. وذكرت تقارير جزائرية أن 1400 شركة إسبانية طلبت من الحكومة تعويضها الخسائر التي تكبدتها نتيجة قطع العلاقات التجارية مع الجزائر، لكن الغموض لا يزال يكتنف قرار القطيعة التجارية المعلن من طرف الجزائر. عمار بلاني: الحكومة الإسبانية تمارس الكذب والهروب إلى الأمام ففيما أبلغت الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية قرارا لمنتسبيها لوقف التحويلات البنكية إلى إسبانيا، أشار بيان لوزارة الخارجية الجزائرية إلى أن “المسألة أُوّلت بشكل سريع وخاطئ، ولا شيء من هذا القبيل قد اتخذ، وأن الجزائر ملتزمة بتعاقداتها مع مدريد، لاسيما في ما يتعلق بتوريد الغاز”. وتصاعد السجال الدبلوماسي بين الطرفين بشكل لافت في الآونة الأخيرة، حيث صارت التصريحات والتصريحات المضادة بين مسؤولي البلدين هي اللغة السائدة، الأمر الذي يرشح الأزمة إلى المزيد من التعقيد، خاصة في ظل تضامن الاتحاد الأوروبي المحتمل مع إسبانيا. ونفت الجزائر فشلها في حشد الدعم العربي لموقفها في الأزمة مع إسبانيا، موجهة أصابع الاتهام إلى المغرب حول ترويج هذه الأنباء. وقالت الجزائر إن “المغرب يقف وراء حملة على شبكات التواصل الاجتماعي للترويج لفشلها في جمع تأييد عربي عبر الجامعة العربية في أزمتها مع إسبانيا، وذلك من خلال عدم استجابة أعضاء الجامعة العربية لدعوتها من أجل عقد اجتماع طارئ يتوج ببيان دعم وتأييد لها”. وذكر بيان لوزارة الخارجية الجزائرية أن الجزائر “تنفي الأخبار الزائفة التي لا تمت إلى الواقع بصلة وتتنافى تماما مع قيم الدبلوماسية الجزائرية التي تمارس مهامها بكل شفافية وبكل سيادة، وأنها تؤكد مرة أخرى الطابع الثنائي والسياسي للأزمة الراهنة مع الحكومة الإسبانية الحالية، بسبب إخلال هذه الأخيرة بواجباتها تجاه تصفية الاستعمار في الصحراء المغربية طبقا للشرعية الدولية”. وأضاف أن “الجزائر الواثقة من صواب موقفها وصحة ما اتخذته من قرارات سياسية سيادية في هذا الشأن، في غنى عن استصدار مواقف مؤيدة لها سواء من دول شقيقة أو صديقة أو من منظمات دولية”. وكانت برقية لوكالة الأنباء الرسمية قد علقت على نشاط الدبلوماسية الإسبانية لاستجلاب الدعم الأوروبي لها، بالقول “تثير تنقلات رئيس الدبلوماسية الإسبانية مؤخرا بين مدريد وبروكسل تساؤلات حول قدرات دبلوماسي لا يليق بهذا البلد المتوسطي الكبير وبشعبه العظيم الذي فرض دوما الاحترام”. ووصفت رئيس الدبلوماسية الإسبانية خوسي مانويل ألباريس بـ”المثير للفتن”، وذكرت في معرض الحديث عنه “تمكن السيد ألباريس، الذي تسلل إلى الدبلوماسية ولم يكف قط عن ارتكاب الأخطاء (يجب أن نعترف له بذلك!)، من التلاعب بأحد من أبناء وطنه، زميل في الحزب ووزير خارجية بلده سابقا، الذي هو اليوم على رأس العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي، ضاربا بذلك مصداقية هذه الهيئة القارية بالغة الأهمية التي أقدمت على نشر بيان لا أساس له ضد الجزائر”. الهجوم الإعلامي يوحي بأن الجزائر لم تتراجع عن موقفها في أزمتها مع إسبانيا وأنها ماضية في تصعيدها مع حكومة بيدرو سانشيز وأضافت “يجدر التذكير أيضا بالتصريح التهريجي الذي تم الإدلاء به في اليوم نفسه من أمام مبنى مفوضية الاتحاد الأوروبي، حيث دعا بل وأمر السلطات الجزائرية بالحوار باستعمال لغة وقحة لا تليق بمنصبه، وسرعان ما جاءت ردة فعل الجزائر، من خلال بيان صحافي صدر عن تمثيليتها في بروكسل، استنكرت فيه التدخل المتسرع وغير اللائق للمفوضية الأوروبية في هذه القضية، داحضة المزاعم والأوهام بخصوص المخاطر التي قد تتعرض لها المبادلات التجارية بين البلدين”. وتابعت “حينها سارعت وسائل الإعلام الموالية للحكومة الإسبانية الحالية لتقول بأن الجزائر تراجعت عن موقفها! ولكم هو محزن العرض الدبلوماسي المثير للسخرية الذي قدمته هذه الشخصية المتناقضة مع ما يميز الدبلوماسيين ووزراء الخارجية الموقرين الإسبان الذين عرفتهم الدبلوماسية الدولية.. إلا أن هزلية هذا النكرة، شبه الدبلوماسي، الذي أوكلت إليه مهمة فيها من الصعوبة بمكان، وهي قيادة السياسة الخارجية لمملكة إسبانيا، أوحى عند عودته من بروكسل، لمن يريد سماعه، بأن روسيا بل بوتين نفسه من كان وراء نشوب هذه الأزمة”. ويوحي هذا الهجوم بأن الجزائر لم تتراجع عن موقفها في أزمتها مع إسبانيا وأنها ماضية إلى أبعد الحدود في تصعيدها مع حكومة بيدرو سانشيز، الأمر الذي يجعل فرص احتواء الأزمة غير واردة في الظرف الراهن، وأن بيان الخارجية في حاجة هو الآخر إلى قراءة أخرى، مقارنة بما ورد في برقية الوكالة الرسمية. وحمل تعليق وكالة الأنباء الجزائرية مفردات شبيهة بتلك التي وردت في برقيات سابقة حول بعض فصول الأزمة مع المغرب، خاصة في ما دار من سجال حول تقرير للبنك الدولي بشأن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في البلاد، والذي اتهمت فيه الرباط بالوقوف وراء التقرير المذكور. وقالت البرقية “يا له من نداء مثير للشفقة موجه للولايات المتحدة وللحلف الأطلسي لإنقاذ هذا الوزير الصغير، بعد أن حاول عبثا حشد الاتحاد الأوروبي ها هو يستخدم روسيا كفزاعة من أجل إقناع أقرانه الأوروبيين بالوقوف إلى جانبه، وقد نجح هذا الوزير غير الكفء والهاوي بأكاذيبه السخيفة في وضع حكومته محل سخرية، إذ عزلها على مستوى البرلمان وأمام الرأي العام الإسباني، منتهجا سياسة الهروب إلى الأمام منذ الثامن عشر من مارس المنقضي، بعد إعلان خيانة الإجماع التاريخي الإسباني حول قضية الصحراء المغربية”.
مشاركة :