أعلنت الأمانة العامة للجامعة العربية أمس، عن عقد اجتماع على مستوى وزراء الخارجية في الرابع والعشرين من الشهر الحالي لمناقشة التوغل التركي العسكري في الأراضي العراقية، وفي موقف لافت أعلنت الولايات المتحدة ابتعادها عن قيام تركيا بإدخال قوات مدرعة إلى عمق الأراضي العراقية. وقالت السفارة الأميركية في بغداد في بيان لها إن «نائب الرئيس الأميركي جو بايدن أجرى محادثة هاتفية مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، عقب الاتصال الهاتفي الذي أجراه مع رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو الاثنين الماضي»، مبينًا أن «الجانبين تناولا انتشار القوات التركية التي تم مؤخرًا في شمال العراق دون الحصول على موافقة مسبقة من الحكومة العراقية». وأضاف البيان، أن «الزعيمين رحبا بالمؤشرات الأولية للانسحاب الجزئي للقوات التركية والمضي قدمًا في هذا الاتجاه»، مشيرًا إلى أن «الجانبين أكدا أن وجود أي قوات أجنبية في العراق يمكن أن يتحقق فقط من خلال التنسيق مع الحكومة العراقية وبعد موافقتها». وأكد نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، بحسب البيان، «التزام الولايات المتحدة مجددًا بحفظ سيادة العراق وسلامة أراضيه»، داعيًا تركيا إلى «القيام بالأمر ذاته عن طريق سحب أي قوات عسكرية لها موجودة على الأراضي العراقية من دون موافقة الحكومة العراقية». وشدد بايدن على ضرورة «استمرار الحوار بين العراق وتركيا للتوصل إلى حل أي مشكلة عالقة بروح من التعاون المشترك». وفي سياق ذلك، عد عضو البرلمان العراقي السابق والقيادي بائتلاف دولة القانون، سامي العسكري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك سببين لهذا المتغير في الموقف الأميركي حيال دخول القوات التركية إلى عمق الأراضي العراقية وهما أولا أن العلاقة الأميركية التركية لم تعد على ما يرام منذ أن تزعمت واشنطن التحالف الدولي ضد (داعش)، حيث أخذت تركيا موقفا آخر يعود إلى كون أنقرة مستفيدة من (داعش) في جوانب كثيرة». وتابع: «الثاني يعود إلى قوة الموقف العراقي الداخلي سواء كان موقف الحكومة الذي بدا حازما هذه المرة أو موقف الكتل والقوى السياسية حيث رفض الجميع مثل هذا التصرف ولم يجرؤ أحد حتى ممن يصنفون على أنهم أصدقاء تركيا على اتخاذ مواقف أخرى غير الموقف الرسمي». وأضاف العسكري «إن الولايات المتحدة سواء لجهة تحالفها الدولي، أو العلاقة داخل حلف الناتو لا تبدو في وضع جيد، بل هي في وضع لا تحسد عليه. ولذلك فإنها لم تعد قادرة على الدفاع عن الموقف التركي، لا سيما أن المشروع التركي لم يعد منسجما مع الموقف الأميركي في المنطقة بل بات لها مشروعها الخاص. وبالتالي فإن ما تعلنه اليوم واشنطن لبغداد ينسجم مع ذلك تماما، لأنه لم يعد ممكنا الدفاع عن الموقف التركي الذي هو موقف مناوئ لكل القيم والأعراف الدولية والدبلوماسية»، موضحا أنه «لو كان الموقف التركي يأتي في سياق الحرب ضد داعش أو حتى مطاردة حزب العمال الكردستاني، وفي إطار ترتيبات معينة لربما كان الأمر يختلف، لكن أن تأتي بدبابات ومدرعات بحجة حماية مدربين فهو أمر لا يمكن السكوت عليه من أي طرف كان». من جهته أكد شروان الوائلي، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الأمنية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «التطورات اللاحقة بعد التدخل التركي سواء كانت على مستوى تحرك الحكومة العراقية بالمحافل الدولية أو ما صدر عن مجلس الأمن، أو ما سيصدر عن الجامعة العربية، إنما هو أمر أكد على وحدة الموقف العراقي حيال هذه القضية السيادية وعدم الاكتفاء ببيانات الشجب والاستنكار، بل تم القيام بخطوات عملية كان لها إرثها على المواقف الداخلية والإقليمية والدولية». وأضاف الوائلي أن «تركيا فشلت في خلق ثغرة داخل الجبهة الداخلية العراقية، وهو أمر في منتهى الأهمية على صعيد قضية من هذا النوع من الصعب البحث عن مبررات لها، وبالتالي فإن الموقف الأميركي والموقف الدولي جاءا معززين للموقف الداخلي، وهو أمر في غاية الأهمية».
مشاركة :