قراءة لسينمائية النص واشكاله في «احبك وكفى» للشاعر علي الستراوي

  • 6/18/2022
  • 09:08
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

إن‭ ‬سيمائية‭ ‬النص‭ ‬ودلالاته‭ ‬لاتقل‭ ‬أهمية‭ ‬عن‭ ‬تفكيك‭ ‬شفراته‭ ‬وأشكال‭ ‬معناه‭ ‬ومضامينه‭ ‬منذ‭ ‬أول‭ ‬نقطة‭ ‬مضيئة‭ ‬في‭ ‬الإدراك‭ ‬الى‭ ‬الشعور‭ ‬الضمني‭ ‬بالسكينة‭ ‬في‭ ‬رقة‭ ‬أفعال‭ ‬المحبوبة‭ ‬وتنتهي‭ ‬الى‭ ‬أول‭ ‬تحول،‭ ‬فكل‭ ‬لفظ‭ ‬حالة‭ ‬فعل‭ ‬يربط‭ ‬فيه‭ ‬الحدث‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬بدأ‭ ‬بلفظ‭ (‬هي‭ ‬مدركة‭) ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬الرؤية‭ ‬بالعين‭ ‬تطرفا‭ ‬أحيانا،‭ ‬فالإدراك‭ ‬بالوعي‭ ‬أو‭ ‬بالمخيلة‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬معطيات‭ ‬واقعية‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يصبو‭ ‬إليه‭ ‬الشاعر‭ ‬ليقارن‭ ‬البعد‭ ‬بالحرب‭ ‬المدمرة‭ ‬التي‭ ‬تلغي‭ ‬الأماكن،‭ ‬يستحضرها‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬كلمة‭ ‬غبار‭ ‬التي‭ ‬تمحو‭ ‬الوضوح‭ ‬عن‭ ‬المشهد‭ ‬ليصبح‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬غائبًا‭ ‬بغيابها‭..‬ ثم‭ ‬يطلب‭ ‬العودة‭ .. ‬لاشتياقه‭ ‬بكونها‭ ‬القمر‭ ‬المضيء‭ ‬مرة‭ ‬هلال‭ ‬ومرة‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الاكتمال،‭ ‬ليرى‭ ‬الشاعران‭ ‬هذا‭ ‬التجسيد‭ ‬لا‭ ‬تقف‭ ‬أمامه‭ ‬عوائق‭ ‬وصخب‭ ‬فالبحر‭ ‬بتناغم‭ ‬أمواجه‭ ‬يقاوم‭ ‬ضوضاء‭ ‬المدينة‭ ‬والزمن‭ ‬لحظتها‭ ‬واستعاد‭ ‬الزمن‭ ‬سيولته‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬اللحظة‭ ‬التي‭ ‬تنبع‭ ‬من‭ ‬المستقبل‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬ينضب‭ ‬هاربًا‭ ‬نحو‭ ‬الماضي‭ ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬وعاء‭ ‬لا‭ ‬يمتلئ‭ ‬لتخزن‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬الدم‭ ‬،‭ ‬مشرعًا‭ ‬للسفن‭ ‬قلبه‭ ‬في‭ ‬المكان‭ ‬الأزرق‭ ‬المطلق‭ (‬اللانهائي‭ ) ‬فضاء‭ ‬شاسع‭ ‬يُشعر‭ ‬بالحرية‭ ‬والرحابة‭ ‬وامكانية‭ ‬الحياة‭.‬ والنور‭ ‬في‭ ‬الشموع‭ ‬يمثل‭ ‬الصفاء‭ ‬والهدوء‭ ‬الذي‭ ‬يفتقده‭ ‬حتى‭ ‬بات‭ ‬ينتظر‭ ‬العودة‭ ‬لتغسل‭ ‬قلبه‭ ‬كالموج‭ ‬ينعش‭ ‬حبات‭ ‬الرمل‭ ‬أو‭ ‬كالهواء‭..‬ بعد‭ ‬مغادرتنا‭ ‬للمقطع‭ ‬السابق‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬فيه‭ ‬الايقاع‭ ‬صاخبا‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬التأزم‭ ‬والشعور‭ ‬بالوحدة‭ ‬والانعزال‭ ‬والاضطراب‭ ‬الوجداني‭ ‬لنجد‭ ‬ان‭ ‬الشاعر‭ ‬يسير‭ ‬بنا‭ ‬الى‭ ‬وجهة‭ ‬الاهتمام‭ ‬بوجود‭ ‬من‭ ‬يحب‭ ‬كالاهتمام‭ ‬بالوطن‭ ‬فكل‭ ‬باب‭ ‬مشرع‭ ‬هو‭ ‬قلب‭ ‬وحيد‭ ‬قد‭ ‬يتعرض‭ ‬للغزو‭..‬ لكنه‭ ‬يعترف‭ ‬في‭ ‬القفلة‭ ‬انهما‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬مازالا‭ ‬معا‭ ‬يجمعهما‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬تجاوز‭ ‬جرحهما‭ ‬العميق‭ ‬المشترك‭ ‬الذي‭ ‬الم‭ ‬بهما،‭ ‬ولعمقه‭ ‬الكبير‭ ‬صار‭ ‬وكأنه‭ ‬أزلي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاوزه‭ ‬زمنيا‭ ‬وبالتالي‭ ‬احتوائه‭ ‬واردا،‭ ‬لتتحقق‭ ‬عودتهما‭ ‬معا‭.. ‬كيف‭ ‬ستكون‭ ‬هذه‭ ‬العودة‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬قيل ختم‭ ‬بكلمة‭ ‬واحدة‭ ‬ذات‭ ‬معنى‭ ‬عظيم‭..‬ أحبكِ‭ ‬التي‭ ‬اختزلت‭ ‬كل‭ ‬المعاني‭ ‬ثم‭ ‬اتبعها‭ ‬ب‭ ‬كفى‭. ‬   احبك‭ ‬وكفى‭ !‬ هي‭ ‬مدركة‭ ..‬ إنها‭ ‬والعيدُ‭ ‬سرَّ‭ ‬شغفي احتضنك‭ ‬في‭ ‬هدوء‭ ‬الكون اذهبُ‭ ‬حيث‭ ‬تذهب‭ ‬بك‭ ‬الموسيقى لا‭ ‬اغنية‭ ‬ارق‭ ‬من‭ ‬وشوشتك دعيني‭ .. ‬فالغياب‭ ‬بَعْدِك‭ ‬ضياع لا‭ ‬الحرب‭ ‬فاصلةٌ‭ ‬بين‭ ‬محيطين ولا‭ ‬غبارُ‭ ‬العواصفَ‭ ‬حكمة‭ ‬الاغبياء كوني‭ ‬كما‭ ‬عرفتك‭ ..‬ أول‭ ‬هلال‭ ‬الشهر‭ ..‬ وآخر‭ ‬اكتمال‭ ‬البدر‭ ..‬ في‭ ‬مدن‭ ‬لا‭ ‬تحبُ‭ ‬الضوضاء ولا‭ ‬تنشغلُ‭ ‬ببكاء‭ ‬الاطفال لأنكِ‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬زوبعةِ‭ ‬البحر هوى‭ ‬امرأةٌ‭ ‬احبها‭ ..‬ واعيدُ‭ ‬شموعها‭ ‬في‭ ‬دماء‭ ‬قصائدي وانتظر‭ ..‬ لا‭ ‬لحرب‭ ‬الغباءُ‭ ‬تركتكِ ولا‭ ‬لشهوة‭ ‬السقوط‭ ‬في‭ ‬الدم‭ ..‬ شرَّعت‭ ‬للسفن‭ ‬ابوابها‭ ..‬ وأبقيتُ‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هنا‭ ..‬ اضمحلَّ‭ ..‬ ليعودُ‭ ‬من‭ ‬جديد كالموج‭ ‬يغسلُ‭ ‬الرملَ ويتنفسُ‭ ‬صبا‭ ‬ولهكِ‭ ..‬ من‭ ‬رئتي‭ ‬الهواء لأني‭ ‬بعدكِ‭ ‬يعصرني‭ ‬التراب واذوب‭ ‬في‭ ‬قلقٍ‭ ‬لا‭ ‬يرحم‭ ..‬ ولا‭ ‬يدرك‭ ‬إن‭ ‬ابوابنا‭ ‬المشرعة لا‭ ‬يدخلها‭ ‬الغزاة‭ ..‬ احبك‭ ‬وكفى‭ !‬

مشاركة :