إن سيمائية النص ودلالاته لاتقل أهمية عن تفكيك شفراته وأشكال معناه ومضامينه منذ أول نقطة مضيئة في الإدراك الى الشعور الضمني بالسكينة في رقة أفعال المحبوبة وتنتهي الى أول تحول، فكل لفظ حالة فعل يربط فيه الحدث بعد أن بدأ بلفظ (هي مدركة) قد تكون الرؤية بالعين تطرفا أحيانا، فالإدراك بالوعي أو بالمخيلة انطلاقا من معطيات واقعية هو ما يصبو إليه الشاعر ليقارن البعد بالحرب المدمرة التي تلغي الأماكن، يستحضرها انطلاقا من كلمة غبار التي تمحو الوضوح عن المشهد ليصبح كل شيء غائبًا بغيابها.. ثم يطلب العودة .. لاشتياقه بكونها القمر المضيء مرة هلال ومرة في غاية الاكتمال، ليرى الشاعران هذا التجسيد لا تقف أمامه عوائق وصخب فالبحر بتناغم أمواجه يقاوم ضوضاء المدينة والزمن لحظتها واستعاد الزمن سيولته التي هي اللحظة التي تنبع من المستقبل الذي لا ينضب هاربًا نحو الماضي الذي يمثل وعاء لا يمتلئ لتخزن في ذاكرة الدم ، مشرعًا للسفن قلبه في المكان الأزرق المطلق (اللانهائي ) فضاء شاسع يُشعر بالحرية والرحابة وامكانية الحياة. والنور في الشموع يمثل الصفاء والهدوء الذي يفتقده حتى بات ينتظر العودة لتغسل قلبه كالموج ينعش حبات الرمل أو كالهواء.. بعد مغادرتنا للمقطع السابق الذي كان فيه الايقاع صاخبا يعبر عن التأزم والشعور بالوحدة والانعزال والاضطراب الوجداني لنجد ان الشاعر يسير بنا الى وجهة الاهتمام بوجود من يحب كالاهتمام بالوطن فكل باب مشرع هو قلب وحيد قد يتعرض للغزو.. لكنه يعترف في القفلة انهما رغم كل البعد مازالا معا يجمعهما البحث عن تجاوز جرحهما العميق المشترك الذي الم بهما، ولعمقه الكبير صار وكأنه أزلي لا يمكن تجاوزه زمنيا وبالتالي احتوائه واردا، لتتحقق عودتهما معا.. كيف ستكون هذه العودة بعد كل ما قيل ختم بكلمة واحدة ذات معنى عظيم.. أحبكِ التي اختزلت كل المعاني ثم اتبعها ب كفى. احبك وكفى ! هي مدركة .. إنها والعيدُ سرَّ شغفي احتضنك في هدوء الكون اذهبُ حيث تذهب بك الموسيقى لا اغنية ارق من وشوشتك دعيني .. فالغياب بَعْدِك ضياع لا الحرب فاصلةٌ بين محيطين ولا غبارُ العواصفَ حكمة الاغبياء كوني كما عرفتك .. أول هلال الشهر .. وآخر اكتمال البدر .. في مدن لا تحبُ الضوضاء ولا تنشغلُ ببكاء الاطفال لأنكِ في وسط زوبعةِ البحر هوى امرأةٌ احبها .. واعيدُ شموعها في دماء قصائدي وانتظر .. لا لحرب الغباءُ تركتكِ ولا لشهوة السقوط في الدم .. شرَّعت للسفن ابوابها .. وأبقيتُ ما لم يكن هنا .. اضمحلَّ .. ليعودُ من جديد كالموج يغسلُ الرملَ ويتنفسُ صبا ولهكِ .. من رئتي الهواء لأني بعدكِ يعصرني التراب واذوب في قلقٍ لا يرحم .. ولا يدرك إن ابوابنا المشرعة لا يدخلها الغزاة .. احبك وكفى !
مشاركة :