بغداد - تستعد القوى الشيعية المنضوية في ما يعرف بـ"الإطار التنسيقي" عقد اجتماعات مكثفة خلال الأيام القليلة القادمة مع تحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني من أجل التوصل إلى تفاهمات تفضي في النهاية إلى تشكيل حكومة جديدة ستكون إن كتب لها أن تشكلت "حكومة خدمة وطنية" وذلك بعيد استقالة الكتلة الصدرية صاحبة أكبر عدد من المقاعد في الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر/تشرين الأول، من البرلمان العراقي. وشكلت استقالة الكتلة الصدرية انعطافة في الأزمة السياسية في العراق وبقدر ما أحرجن حلفاء التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر بقدر ما شكلت فرصة لقوى الإطار التنسيقي لإعادة تشكيل المشهد السياسي. ويرى محللون أن استقالة الكتلة الصدرية مناورة من الصدر لإحراج خصومه من القوى الشيعية ومحاولة لتحميلهم مسؤولية الفشل في الخروج من عقدة تشكيل الحكومة، لكن يبقى قرار الاستقالة من البرلمان ورقة قد يعود زعيم التيار الصدري لتنشيطها وهو المعروف بمواقفه المتقلبة. وتأتي هذه التطورات وسط حالة ترقب تعيشها الأوساط السياسية العراقية بانتظار مخرجات الاجتماع المنتظر بين 'تحالف السيادة' و'الحزب الديمقراطي' الكردستاني بإعلان موقفها الرسمي بعد انسحاب حليفهما الثالث في تحالف "إنقاذ وطن" الكتلة الصدرية وتقديم نوابها في البرلمان استقالتهم في 12 يونيو/حزيران الجاري. وأعلن الإطار التنسيقي تشكيل لجنة تفاوضية للحوار مع القوى الوطنية من أجل استكمال الاستعدادات المتعلقة بالاستحقاقات الدستورية وتشكيل حكومة "خدمة وطنية" بعد الفراغ الذي خلفته استقالة الكتلة الصدرية. وعقدت قوى الإطار التنسيقي الذي يضم قوى سياسية شيعية مقربة من إيران أبرزها فصائل الحشد الشعبي اجتماعا أمس الخميس، وصف بـ"المهم" في منزل رئيس حركة عطاء، فالح الفياض. ولأول مرة يستضيف الإطار التنسيقي في اجتماعاته العادية أو الاستثنائية رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي. وقال في بيان إنه "عقد اجتماعه الدوري مساء الخميس، لبحث عدد من القضايا الأمنية والسياسية"، موضحا أن الاجتماع "تضمن محورين، الأول تمت خلاله استضافة رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي لبحث الملف الأمني والتحديات التي تشهدها البلاد في مجال الحرب على الإرهاب، ومشاركة العراق في مؤتمر الرياض للطاقة". وأضاف البيان أن "المحور الثاني من الاجتماع خُصص لمناقشة القضايا السياسية، حيث ناقش المجتمعون الحوارات الجارية بين القوى الوطنية من أجل استكمال الاستعدادات المتعلقة بالاستحقاقات الدستورية وتشكيل حكومة خدمة وطنية"، مشيرا إلى أنه "تقرر تشكيل لجنة تفاوضية للحوار مع القوى الوطنية". وذكر محمد الشمري النائب عن 'ائتلاف دولة القانون' بزعامة رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي وهو أحد أبرز الكتل السياسية في 'الإطار التنسيقي' في تصريحات للصحافة المحلية أن "تشكيل الحكومة لن يكتمل إلاّ بعد صعود النواب البدلاء لتعويض المستقيلين وبعدها تستكمل الإجراءات بعد نهاية العطلة التشريعية في 10 يوليو/تموز المقبل وعلى النواب البدلاء الاستعداد لأداء القسم الدستوري ومن ثم البدء بإجراءات تشكيل الحكومة". بدوره أكد محمد كريم البلداوي النائب عن تحالف 'الفتح' الذي يتزعمه رئيس منظمة بدر هادي العامري أن "الفرصة متاحة الآن أمام الإطار باعتباره الكتلة الأكبر في البرلمان لتشكيل الحكومة". وأضاف في تصريحات لوكالات محلية، أن "حسم التيار الصدري لقضية الاستقالة بعدم عودتهم مطلقا يعني أن الإطار هو الكتلة الأكبر داخل البرلمان مما يضع على عاتقه الأخذ بزمام الأمور وتشكيل الحكومة". وفي المقابل نقل التلفزيون الحكومي العراقي عن القيادي في 'تحالف السيادة' محمد قتيبة البياتي قوله، إن "قادة تحالف السيادة يستعدون لعقد اجتماع في أربيل (شمال) مع قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني لبحث الموقف من تطورات الأزمة". ونقلت صحيفة "وشه" المقربة من الحزب الديمقراطي الكردستاني عن مصادر سياسية في 'تحالف السيادة' قولها، إن "الانسحاب من مجلس النواب قيد الدراسة ونحن نناقشه، لكننا لم نتخذ قرارا نهائيا". ومن المقرر أن تبدأ اجتماعات مكثفة خلال هذا الأسبوع بين 'تحالف السيادة' برئاسة خميس الخنجر والحزب الديمقراطي الكردستاني في مقر إقامة رئيس الحزب مسعود البارزاني في أربيل، إضافة إلى اجتماعات أخرى مع وفد رفيع المستوى من الإطار التنسيقي للتباحث بشأن تشكيل الحكومة الجديدة. وأضافت المصادر لصحيفة "وشه"، أن الاجتماع "سيناقش عدة خيارات منها انسحاب الجانبين (تحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني) من البرلمان العراقي معا، أو اتخاذ قرارات أخرى معا". لكن السياسي الكردي المقرب من الحزب الديمقراطي الكردستاني عماد باجلان ربط في تصريحات سابقة قدرة الإطار التنسيقي على تشكيل الحكومة الجديدة بـ"التحالف مع بقية القوى السياسية، من ضمنها تحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني"، مؤكدا على صعوبة اتفاق قوى الإطار مع التحالف والحزب بعد اتهامها بـ "العمالة والخيانة". وكشف عضو ائتلاف دولة القانون كاظم الحيدري، في تصريحات لـ "بغداد اليوم" عن مساع من قوى سياسية "لإقناع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لإعادة النواب المستقيلين إلى البرلمان". وشدد الحيدري على أن "إمكانية عودتهم إلى العملية السياسية ما زالت قائمة على الرغم من أن الصدر "يبدو مصرا على الانسحاب هذه المرة". وكان زعيم التيار الصدري قد قال في اجتماع مع نواب كتلته المستقيلين في مدينة النجف الأربعاء، "قررت الانسحاب من العملية السياسية، حتى لا أشترك مع السياسيين الفاسدين بأي شكل من الأشكال"، مشيرا إلى احتمال مقاطعته الانتخابات المقبلة أيضا إذا شارك بها "الفاسدون"، في تأكيد جديد لمسألة مقاطعته للحكومة والبرلمان. ويعيش العراق انقساما سياسيا، جراء خلافات بين القوى الفائزة بالانتخابات النيابية التي جرت في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بشأن رئيس الوزراء المقبل وكيفية تشكيل الحكومة. ويسعى الصدر إلى تشكيل حكومة أغلبية وطنية من خلال استبعاد بعض القوى منها وعلى رأسها ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي وهو أمر تعارضه القوى الشيعية ضمن الإطار التنسيقي التي تطالب بحكومة توافقية تشارك فيها جميع القوى السياسية داخل البرلمان على غرار الدورات السابقة.
مشاركة :