توقع محللون نفطيون استمرار تقلبات أسعار النفط الخام خلال الأسبوع الجاري، بعد أن اختتمت تعاملاتها الأسبوع الماضي على تراجع 6 في المائة إلى أدنى مستوى في أربعة أسابيع بسبب مخاوف الركود وضعف الطلب بعد قرار البنوك المركزية الكبرى رفع أسعار الفائدة. وأوضح المحللون أن أسعار النفط تتلقى ضغوطا من ارتفاع الدولار، الذي يرتبط بعلاقة عكسية مع النفط، بينما تتلقى الأسعار دعما من ارتفاع الطلب في الصين بعد تخفيف القيود نسبيا، ومن موسم القيادة الصيفي في الولايات المتحدة. وأشار المحللون إلى قيام مشترين آسيويين بالاستفادة بشكل واسع من الخصومات على أسعار البيع للنفط الخام الروسي، لافتين إلى أن قلة الاستثمار يمكن أن تؤدي إلى نقص إمدادات النفط على المدى الطويل، وهو ما تحذر منه منظمة "أوبك" بصفة مستمرة. وفي هذا الإطار قال لـ"الاقتصادية" روس كيندي، العضو المنتدب لشركة "كيو إتش إيه" لخدمات الطاقة: إن حالة عدم اليقين والتقلبات السعرية تستمر في الهيمنة على سوق النفط الخام، خاصة بعدما أدت العقوبات الغربية على روسيا إلى الحد بشكل كبير من تدفقات النفط إلى أوروبا. وأوضح أنه في المقابل زادت دول بينها الهند والصين وارداتها من النفط الروسي بشكل كبير منذ بدء أزمة أوكرانيا، مستفيدة من التخفيضات الكبيرة في الأسعار، كما أدت اضطرابات الصادرات إلى تداول خام الأورال الرئيس في روسيا بتخفيضات هائلة في الأشهر الأخيرة. من جانبه، يقول دامير تسبرات، مدير تنمية الأعمال في شركة "تكنيك جروب" الدولية: إن سوق النفط تعاني غياب الاستقرار واستمرار ارتفاع المخاطر الجيوسياسية نتيجة استمرار الحرب في أوكرنيا. وسلط الضوء على توقعات صادرة عن تحالف دول "أوبك +" ترجح أن يحقق النمو الاقتصادي للدول النامية تقدما ايجابيا، ما يستدعي مزيدا من الاستثمار النفطي، لافتا إلى قلق السوق من تقليص استثمارات الشركات الكبرى، حيث قد يترتب على ذلك أن يستمر نقص النفط لفترة طويلة. من ناحيته، يقول بيتر باخر، المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة: إن تخلي أوروبا عن الطاقة الروسية سيؤدي إلى تراجع القدرة التنافسية الاقتصادية لدول المنطقة، الأمر الذي انعكس على سعر اليورو مقابل الدولار. وأشار إلى قيام شركة "جازبروم" بخفض كميات إمداداتها من الغاز إلى النمسا، كما تم التضييق على كثير من الإمدادات إلى دول الاتحاد الأوروبي ردا على مواقفه المناوئة لروسيا، كما تضمنت العقوبات الروسية المضادة شرطا يقضي بأنه يجب على المستهلكين الأوروبيين الآن استخدام آلية الدفع بالروبل لشراء الغاز الروسي، وقد تم قطع الإمدادات إلى عديد من الدول لرفضها الامتثال للقاعدة الجديدة. بدوره، أكد محمد باركيندو، الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، أهمية الاستثمار المستدام في صناعة النفط لضمان تلبية العرض للطلب، مشيرا إلى أن هناك حاجة إلى استثمارات إجمالية قدرها 11.8 تريليون دولار حتى 2045، وذلك في إشارة إلى توقعات "أوبك" للنفط العالمي للعام الماضي. جاء ذلك خلال مشاركة باركيندو في الدورة السادسة لمنتدى طاقة العراق بالعاصمة بغداد، الذي يختتم أعماله اليوم الإثنين تحت شعار "أمن الطاقة العالمي في أوقات الصراع والانتعاش الاقتصادي غير المؤكد". وأوضح باركيندو – في بيان لـ"أوبك"- أن أمن الطاقة واستقرار سوق النفط العالمية يجب أن يكون الموضوع الرئيس على أجندة كل الهيئات الدولية والحكومات والشركات، مشيرا إلى أن صناعة النفط تواجه في الفترة الحالية كثيرا من التحديات والصعوبات. وأضاف باركيندو، أنه حضر النسخة الأولى من هذا الحدث في 2016، معتبرا أن هذا المنتدى ينتقل من قوة إلى قوة ليصبح حدثا مؤثرا ليس فقط للعراق، ولكن لمنطقة الشرق الأوسط بأكملها، حيث يجذب شخصيات بارزة في مجال الطاقة من جميع أنحاء الصناعة العالمية. واستضاف العراق إطلاق كتاب تاريخ أوبك بعنوان "أوبك 60 عاما وما بعدها: قصة شجاعة وتعاون والتزام" في قاعة الشعب في بغداد بحضور باركيندو والقيادات العراقية. من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، تراجعت أسعار النفط بنحو 6 في المائة إلى أدنى مستوى لها في أربعة أسابيع، الجمعة وسط مخاوف من أن رفع البنوك المركزية الكبرى لأسعار الفائدة قد يبطئ الاقتصاد العالمي ويخفض الطلب على الطاقة. كما ضغط على الأسعار، ارتفاع الدولار الأمريكي هذا الأسبوع إلى أعلى مستوى له منذ كانون الأول (ديسمبر) 2002 مقابل سلة من العملات، ما جعل النفط أكثر تكلفة بالنسبة للمشترين الذين يستخدمون عملات أخرى. وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت 5.6 في المائة لتبلغ عند التسوية 113.12 دولار للبرميل، بينما هبط خام غرب تكساس 6.8 في المائة ليستقر عند 109.56 دولار. وكان هذا أدنى إغلاق لخام برنت منذ 20 أيار (مايو) وأقل مستوى لخام غرب تكساس منذ 12 أيار (مايو)، إضافة إلى أنه أكبر انخفاض يومي بالنسبة المئوية لبرنت منذ أوائل أيار (مايو)، وأكبر تراجع لخام غرب تكساس منذ أواخر آذار (مارس). وعلى مدار الأسبوع، تراجعت العقود الآجلة لخام برنت للمرة الأولى في خمسة أسابيع، بينما انخفض خام غرب تكساس الوسيط للمرة الأولى في ثمانية أسابيع. وخلال الأسبوع، رفع الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة، إضافة لبنك إنجلترا والبنك المركزي السويسري. وقال جون كيلدوف، الشريك في شركة Again Capital LLC في نيويورك "مع قيام البنوك المركزية بتحركات كبيرة للحد من النمو من خلال رفع أسعار الفائدة والتشديد النقدي، يظهر هنا في قطاع البترول". كما تراجعت العقود الآجلة للبنزين والديزل في الولايات المتحدة بأكثر من 4 في المائة وسط مخاوف من أن يؤدي ارتفاع أسعار الضخ إلى خفض الطلب. قالت مجموعة السيارات AAA إن سعر الديزل في المضخة سجل رقما قياسيا مرتفعا عند 5.798 دولار للجالون الجمعة، بينما سجل سعر البنزين أعلى مستوى قياسي له عند 5.016 دولار في وقت سابق من الأسبوع. في غضون ذلك، قال نائب وزير الطاقة الروسي الجمعة، إن روسيا تتوقع زيادة صادراتها النفطية في 2022 رغم العقوبات الغربية والحظر الأوروبي، بحسب ما نقلته وكالة "تاس" للأنباء. من جانب آخر، ارتفع إجمالي عدد منصات الحفر النشطة في الولايات المتحدة بمقدار سبعة هذا الأسبوع فقد ارتفع إجمالي عدد الحفارات إلى 740 هذا الأسبوع - 270 منصة أعلى من عدد الحفارات هذه المرة في 2021، لكنها غير كافية لتهدئة مخاوف السوق في سوق النفط الضيقة الحالية. وذكر تقرير "بيكر هيوز" الأمريكي الأسبوعي المعني بأنشطة الحفر أن الحفارات النفطية في الولايات المتحدة ارتفعت بمقدار أربعة هذا الأسبوع إلى 584 وارتفعت منصات الغاز بمقدار ثلاث إلى 154 وبقيت الحفارات المتنوعة على حالها عند 2. وأشار التقرير إلى أن عدد الحفارات في حوض بيرميان ظل ثابتا هذا الأسبوع عند 345 بينما ارتفع عدد الحفارات في إيجل فورد بمقدار 1 إلى 69 وحفارات النفط والغاز في بيرميان أعلى بمقدار 108 من حيث كانت هذه المرة من العام الماضي. ونوه التقرير إلى ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام إلى 12 مليون برميل يوميا للأسبوع المنتهي في 10 حزيران (يونيو)، وهو أعلى مستوى منذ نيسان (أبريل) 2020 عندما انتشر الوباء، وفقا لأحدث بيانات إدارة معلومات الطاقة.
مشاركة :