رضاب نهار (أبوظبي) في حضور معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، والدكتور زكي نسيبة المستشار الثقافي في وزارة شؤون الرئاسة، أقيم مساء الخميس على مسرح قصر الإمارات في أبوظبي حفل (أدونيس ونصير شمّة: انعكاس الهوية الثقافية على مرآة الشعر والموسيقى)، وذلك ضمن فعاليات مهرجان موسيقى أبوظبي الكلاسيكية في دورته الحالية التي تنظّمها هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة. عكست الأمسية كيف يمكن للشعر والموسيقى أن يحتويا على مضامين السرد ذاته في جذور ثقافتنا العربية المستقبلة للآخر دوماً، إذ كانت أشبه بحوار فني يقوم على عناصر إبداعية عذبة جعلت لكل منهما لغته الخاصة التي سمعناها وفهمناها بأسلوب ينشد العالمية ما بين السطور والإيقاعات. إن ما قدّمه أدونيس من البداية وحتى النهاية، كان بحثاً عن طفل مفقود، عن رجل ضائع لم يصل بعد، عن الأعياد والحكايات القديمة، لكن حالات الوصول كانت غالباً ما تفشل، حتى تلك التي تسعى إلى امرأة أتعبته وأرهقته معلناً لها ولنا «أنتِ لا أنتِ». وربما الخلاصة تكمن في بحثه عن وطن لأجنحته الشعرية. إذ قال: «كلا.. كلا.. ليس لي وطن إلا في هذه الغيوم التي تتبخر في أبحار الشعر». وهكذا لم يترك لنفسه ولنا إلا اللغة العربية، لغة الضاد، ليعلّقها «تميمةً في هذا الوقت»، تحرسه وتحرسنا، وقد تكون خلاصنا الوحيد وسط زمن مليء بالحرائق والرماد والتعب وفي عصر تغدو جميع كلماته عادية. المشهد على المسرح، منذ البداية، جاء ملوناً بجنسيات وثقافات مختلفة اجتمعت لتعزف أنماطاً موسيقية موسومة بروح الشرق. فمن إسبانيا وباكستان وإيطاليا والعالم العربي حضر أعضاء الفرقة مقدّمين مقطوعات موسيقية جالت بالحاضرين في بقاع الدنيا، أخذتهم من أماكنهم وسافرت بهم نحو أماكن الطفولة، مخابئ الصبا، عتبات الشباب، وأخيراً هبطت بهم في ذاك المسرح الكبير ليصفّقوا وكأنهم وصلوا أخيراً إلى الملاذ الأخير. لم تختصر الموسيقى على المسرح مهمتها، في أن تكون خلفية أو مجاورة للشعر أثناء إلقائه. ففي حين كان أدونيس يجتثّ الكلمة ويقتلعها من صميم الألم والحسرة ربما، كان شمّه والعازفون معه، يبحثون عن الأمل والفرح ليمنحونا إياه. لذا جاءت أسماء المقطوعات الموسيقية تنبض بالحب والتفاؤل، مثل «إشراقة» و«غد أجمل».. وبين الكلمة واللحن كنا نحن جسر العبور وصلة الوصل.
مشاركة :