انطلق مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي من وحي ملاحظات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وهو الأول من نوعة حيث انه مشروع فني لمقاربة أو استقراء الصحراء عبر المسرح الذي وسع كل الفنون في بداياته وامتداده، وذلك لمعاينة واستعادة هذا الفضاء الثقافي والاجتماعي الثري، الذي لطالما بدأ مترحلاً وغامضاً وبعيداً. البيئة الصحراوية وتم افتتاح الدورة الأولى للمهرجان بعرض علياء وعصام، وذلك على الكثبان الرملية بصحراء الكهيف، وهي ملحمة شعرية بحس درامي شيق ومنظور فكري عميق بحيث تتداخل فيها الأزمنة والأمكنة والعلاقات والشخصيات عبر جملة من الاقتراحات التقنية والجمالية المتكاملة. ومن خلال ارتداء الملابس المعبرة ذات الالوان المتنوعة والمتمازجة مع لون الكثبان الرملية والخيام المصنوعة من الشعر، امتطى الممثلون والمؤدون الخيول والإبل التي أضفت على العرض الصدق في التعبير والجمال في الأداء، إضافة إلى إبراز التحديات والمصاعب التي واجهها الانسان في البيئة الصحراوية وشجاعته في مواجهتها. أهازيج وملامح ووسط أجواء باردة تنقلك الأهازيج المنوعة وصوت الربابة لأجواء بدوية ممتعة، مع ممثلين ارتقوا بأدائهم الجميل لنقلنا الى قصة جميلة تعكس الملامح المتنوعة للثقافة الصحراوية من حب وثأر وشجاعة، لتستعيد جانباً من حياة البدو متمثلة في قبيلة رلى التي كانت تقطن في منطقة الشام، من خلال قصة حب عذري جمعت بين علياء وعصام، لتتيح لنا المسرحية بذلك أن نقرأ ونطالع طبيعة المجتمع وأخلاق الناس والقيم والتقاليد التي كانت سائدة حينذاك. وكان العرض من إعداد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وإخراج الرشيد أحمد عيسى، ومن الفنانين المشاركين بالعرض أحمد الجسمي وملاك الخالدي ومحمود أبوالعباس وآلاء شاكر. حب عربي وفي حديث الرشيد أحمد عيسى لـالبيان قال: من خلال أول تجربة لي بالعمل بالملحمة الشعرية، حاولنا أن نمسرح القصيدة من خلال رؤية صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي واشتغلنا على المكان والبيئة وتفاصيلها، ومحاولة أن نعيد سيرة الحب العربي، والعمل على إبراز وإعادة القيم المتمثلة في الحب والوفاء والتضحية. وأضاف: بأن الشارقة دائما تبحث عن فضاءات جديدة لتجديد العلاقة بالجمهور، لكسر قاعدة بأن المسرح لفئة نخبوية فقط، لذلك كان العرض قريبا من الجمهور من خلال تواجده بالصحراء في هذه الاجواء التي يكون فيها أغلبية الناس بالبر. طوي بخيتة علاقة وثيقة بين البدوي والمكان تحدث العرض الثاني والذي كان بعنوان طوي بخيتة، وهي مقتبسة عن رواية بنفس الاسم للكاتبة مريم الغفلي وإخراج يحيى البدري، حيث يجسد العلاقة الوثيقة التي ربطت بين الإنسان البدوي وبيئته الصحراوية القاسية، وكيف تمكن هذا الإنسان من العيش في هذه البيئة وتمكن من توظيف مواردها المحدودة بحياة متقشفة صعبة فيها من المعاناة الشيء الكثير . ورغم ذلك استطاع هذا الانسان البسيط معرفة أسرار هذه البيئة وتعلم طرق العيش فيها معتمداً على شجاعته وفراسته وصبره وينتقل بين كثبانها وأوديتها، سعياً وراء الماء والعشب، ومع أن الرمال لا تحفظ آثار من سار عليها طويلاً إلا أن ذاكرة ابن الصحراء الحاضرة ومشاعره المتقدة حفظت لنا الكثير من قصص تراث هذه الأرض، وطوي بخيتة واحدة من هذه القصص التي تروي لنا صراع انسان حبس بين ذكرياته وبين حاجته لمواصلة حياته الحاضرة. مروءة ووفاء الكاتبة مريم الغفلي قالت بأنها كتبت فصول هذه الرواية على رمال الواحات قبل أن تكتب على الورق، ففي ذلك الزمان كانت رحلة المقيض التقليدية السنوية، مع مطلع كل صيف الى الواحات القريبة مثل ليوا والعين وحماسة وضاية والذيد، وصولاً الى ساحل الباطنة على بحر العرب. والرواية المقتبسة تقدم نبض الحنين والنخيل والإبل، والحبارى والغاف والكروان لتشكل موسيقى تلاعبها أوتار الحماس والآهات، وتعبق برائحة القهوة والمروءة والوفاء.
مشاركة :