«علياء وعصام» فرجة مسرحية بمتخيل شعري رصين

  • 12/19/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

محمود عبدالله (الشارقة) عرض الافتتاح لمهرجان المسرح الصحراوي «علياء وعصام» والذي صاغه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في رؤية مسرحية شعرية، تجاوزت قصيدة الشاعر السوري قيصر معلوف إلى فضاءات رحبة قابلة للاشتغال المسرحي، وتدين بمخبوء القصيد كافة أشكال العنف والقتل. وفي براعة الكاتب المسرحي القدير تتجمع خيوط المأساة كلها حول عاشقين أسطوريين (علياء وعصام) لتلتف حولهما بؤرة الحدث. في ثماني حركات شعرية تقوم على ثنائية الإلقاء والتجسيد، وأولها شغل سينوغرافي بديع يؤثث لفضاء العرض الصحراوي، باستهلال من الرقص التعبيري لفرقة سمة العالمية، يدخلنا على الفور في مضارب إحدى القبائل العربية: هنا عرب قصورهم من خيام/‏ غزاة ينشدون الرزق دوما/‏ على صهوات خيل لا تضام. حبكة مسرحية وفي متخيل رمزي يتجسد المعنى في معركة يردّ فيها فرسان القبيلة من على صهوات جيادهم أعداءهم، وكأن هذا التعبير الحركي يتماثل ويعوّض عن فن السرد الذي قد يضيّع حلاوة وجمال المعنى الشعري. وتدخلنا اللوحة الثالثة في منطقة صفاء الرّوح الكاشفة عن أروع قصة عشق بين علياء وعصام، قصة تفصح عن هوية المكان بمرور قافلة جمال عابرة على مؤثر لحني من آلة الربابة، وتشتعل النيران في كل ركن إيذانا بحدوث شيء، وتتعزز الرؤية المسرحية بلوحة راقصة تمتزج فيها شفافية الحركة وهندستها في توزيع الراقصين وتجسيدهم حركيا لعوالم النّص المركب بإشاراته ورمزيته ودلالاته، وتهيئة المتفرج لحبكة المسرحية، حينما تطلب الأم من ولدها عصام أن يثأر لأبيه من قاتله، الذي هو والد علياء (الأم لولدها عصام وهي تناوله السيف والترس لخوض معركة الثأر: لقد أصبحت ذا رأي سديد/‏ بثأر أبيك خذ من قاتله/‏ وإلا عابك العرب الكرام). وتنتهي المبارزة بين الخصمين بمقتل والد علياء. وفي المشهد الختامي حيث تتمثل في النص الشعري فخامة المعمار اللغوي، الذي يجمع بين رصانة الأسلوب وجمال العبارة، يستسلم عصام لدموع علياء على والدها القتيل، وسرعان ما يغمد سيفه في خاصرته ليسقط جثة هامدة في وسط الفضاء، فيما يتسلل هدير الموسيقى النادبة، لتغمد علياء المهند في أحشائها لتخر صريعة بجانب الحبيب، في مشهد جنائزي شفيف لا يخلو من قتامة مشعة، وهما محمولان على الأكتاف، والعائلات المتحاربة قد انضمت إلى الركب الجنائزي، والتصفيق الحار من الجمهور يلاحقهم حتى آخر قطرة من المشهد. ‫نجح مخرج العرض الرشيد أحمد عيسى في ان يرتفع إلى مستوى النّص، وأن يستثمر الأداء الصوتي الراقي لكل من: أحمد الجسمي، ملاك الخالدي، آلاء شاكر، محمود ابوالعباس، ولكي يحقق معادلا موضوعيا لعمله القائم على نص شعري ممتلئ، حوّله بخبرته وأدواته وخياله إلى حركات، لتصبح كل واحدة منها بمثابة قطع مسرحية صغيرة داخل مسرحية فرجوية أصيلة، منسجمة مع روح المكان.. ... المزيد

مشاركة :