كيف يكون مشهد النفط العالمي بعد رفع الحظر الأمريكي على الصادرات؟

  • 12/19/2015
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

مرر أعضاء مجلس النواب الأمريكي في اجتماع لهم وبنسبة تصويت بلغت 261 مقابل 159 صوتاً مشروع قرار يتمثل في رفع الحظر المفروض على الصادرات النفطية الأمريكية منذ نحو 40 عاماً، بيد أن أعضاء مجلس الشيوخ ما زالوا منقسمين حول الاقتراح المطروح، بل إن تلك الأطروحة أدت إلى نقاشات حادة وانقسام كبير في المواقف بين مؤيد ومعارض. تعارض إدارة الرئيس باراك أوباما فكرة رفع الحظر المفروض على المنتجات النفطية الأمريكية وصادراتها، ولوحت بأن تستخدم حقها في نقض مسودة القرار المطروح. وتم فرض هذا الحظر في العام 1974 بعد أن فرضت دول أوبك التي تتزعمها السعودية حظراً نفطياً على بعض الدول، وهو ما لم يكن يصب في مصلحة الاقتصاد الأمريكي، وأدى إلى إلحاق ضرر كبير بقطاعاتها كافة ، علاوة على أزمة كبيرة في الوقود وارتفاع معدلات التضخم بشكل كبير. وهنالك مخاوف كبيرة في أوساط السياسيين من أن يؤدي رفع الحظر إلى زيادة كبيرة في أسعار الوقود، وهو ما سيؤدي بالتأكيد إلى إلقاء كل اللوم عليهم. وكان الحظر المفروض على الصادرات النفطية الأمريكية واحداً من أهم المواضيع والأولويات التي شغلت القطاع النفطي في الولايات المتحدة لفترة طويلة من الزمن، حيث قامت العشرات من الشركات الكبرى العاملة في المجال قبل عام بتشكيل تحالف ضد الكونغرس الأمريكي لإرغامه على رفع الحظر، بدعم من الطفرة الكبيرة التي حققها قطاع النفط الصخري الذي رفع حجم الإنتاج المحلي بأكثر من 40% منذ العام 2008. ويطالب اتحاد الشركات برفع الحظر بسبب أن تلك الخطوة ستعزز من أرباحها، حيث أنهم سيبيعون النفط الأمريكي المحتجز بأسعار أعلى للأسواق العالمية، ما سيعمل على تعزيز ميزانياتها وإنعاش خزائنها، نسبة لأن بيع النفط المحلي في الأسواق الخارجية يتأتى عليهم بأرباح أكبر مما يتحصلون عليها عند بيعه في الولايات المتحدة. إنعاش شركات الإنتاج وأشارت مصادر إلى أن سوق النفط العالمية، وكونها ساحة كبيرة لعرض المنتجات النفطية، فإن رفع الحظر عن الصادرات النفطية يمكن أن يؤدي إلى إنعاش شركات الإنتاج الأمريكية، علاوة على أن أي كمية يتم تصديرها من الولايات المتحدة لن تؤثر في الإنتاج العالمي اليومي الذي يبلغ نحو 93 مليون برميل، بيد أن خبراء أشاروا إلى أنه يجب على الشركات الأمريكية عدم توقع ارتفاع أسعار النفط العالمية بشكل كبير على المدى القريب بالمستويات التي يأملونها في الأسواق العالمية وسوق الولايات المتحدة. وتكهنت بعض الدراسات البحثية المتخصصة بأن تشهد أسعار النفط العالمية انخفاضاً طفيفاً إذا ما تم رفع الحظر بسبب اشتداد حدة التنافس بين منتجي النفط العالميين، وفي الوقت نفسه تحقيق أرباح مرضية للشركات الأمريكية التي تدعي أنها تقبع في دائرة لا متناهية من التعقيدات بسبب بيعها منتجاتها النفطية في الداخل. استقرار ملحوظ وشهدت معدلات الإنتاج الأمريكية استقراراً ملحوظاً في الفترة الحالية، على الرغم من انخفاض الإنتاج في أجزاء متفرقة في الأشهر ال 3 الأخيرة بسبب الضعف الذي تعانيه أسعار النفط على الصعيد العالمي. كما أدى انخفاض أسعار النفط العالمية إلى انخفاض كبير في حجم استثمارات رؤوس الأموال المتدفقة إلى الولايات المتحدة، وهو ما سيكون له تأثير مباشر في عملية الإنتاج النفطي مستقبلاً. وقال خبراء اقتصاديون ومراكز بحثية متقدمة، إن أسعار الوقود في الولايات المتحدة لن تشهد ارتفاعا بسبب رفع الحظر تصدير المنتجات النفطية، نسبة لأن الشركات الأمريكية لن تتمكن من بيع كميات أكبر من الوقود في الأسواق الخارجية لأنه غير مشمول في الحظر. وعلاوة على ذلك، فإن المصافي النفطية في كل من السعودية والإمارات تعمل بأقصى طاقاتها بما لا يُمَكن الشركات الأمريكية المنتجة من السيطرة على حيز كبير من الأسواق النفطية العالمية بسبب تنافسيتهما وطاقاتهما الإنتاجية الكبيرة. وإضافة إلى ذلك، أشارت دراسة حديثة أصدرتها مؤسسة آي إتش إس إلى أن رفع الحظر الأمريكي سوف يكون مصحوباً ببعض الفوائد والإيجابيات، حيث أكدت الدراسة أن رفع الحظر سوف يستقطب نحو 750 مليار دولار في شكل استثمارات جديدة ستؤدي بدورها إلى رفع الإنتاجية لتصل إلى 1.2 مليون برميل يومياً، فضلاً عن أن تلك الخطوة ستؤدي إلى إيجاد نحو 360 ألف وظيفة جديدة، وهي احد الجوانب التي يعتمد مؤيدو رفع الحظر عليها في إثبات وتأكيد مطلبهم برفع الحظر. انقسام أمريكي ويبدو الانقسام الأمريكي واضحاً في هذه المسألة التي لم يتم تحديد مصيرها حتى الآن، حيث تعارض شركات الصناعات الكيماوية رفع الحظر بسبب أن النفط هو المادة الخام الأساسية التي تُبنَى عليها منتجاتهم الكيماوية، ما يعني أن رفع الحظر سوف يؤدي حتماً إلى زيادة تكلفة موادهم الأولية في الإنتاج. ويضم فريق المعارضين لرفع الحظر مصافي النفط الوطنية، حيث اعتبروا أن تلك الخطوة من شأنها رفع سعر الوقود للأمريكيين. وقدرت دراسة بحثية أمريكية أخرى خسائر مصافي النفط الأمريكية بنحو 22 مليار دولار حتى العام 2025 في حال تم رفع الحظر خلال وقت قصير، وذلك بسبب ارتفاع أسعار المنتجات المكررة. معارضةشـــديــدة لقيت الخطوة المقترحة معارضة شديدة أيضاً من جانب الناشطين في مجال البيئة والجمعيات العاملة فيها، لأنهم يعتبرون أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى تشجيع إنتاج المزيد من الوقود الأحفوري الذي سيبطئ الولايات المتحدة في طريق تحقيقها لأحد اهدافها المتمثلة في تبني الاقتصاد الأخضر في أقرب فرصة، معززين رأيهم بالقول إن رفع الحظر عن نفط ألاسكا في العام 1996 أدى إلى زيادة في الأسعار واختلافها في منطقة ألاسكا مقارنة بالساحل الآخر من الولايات المتحدة. وبما أن حظر تصدير المنتجات النفطية الأمريكية يعتبر بطريقة أو بأخرى تدخلاً مباشراً في السوق، فإنه يؤدي أيضاً إلى بعض المشكلات وسوء في تخصيص الموارد المتاحة. إضافة إلى ذلك فإن الولايات المتحدة ليست مكتفية بإنتاجها من النفط، حيث إنها تستورد كميات كبيرة من كندا والسعودية وفنزويلا والمكسيك. ومن وجهة نظر العديد فإن رفع الحظر لا يمثل سياسة مثلى إلا إذا تم بصورة جزئية تعزز من قوة الاقتصاد الأمريكي. وبناء على ذلك فإنه يترتب على الحكومة الأمريكية رفع الحظر بشكل جزئي يمكن الدولة من تصدير نحو مليوني برميل يومياً إلى الأسواق العالمية.

مشاركة :