اتحاد الشغل يحس بورطته والنهضة تركب على المطلبية النقابية

  • 6/21/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تراجع الخطاب الحماسي للاتحاد العام التونسي للشغل بشأن وزنه وتأثيره على الساحة التونسية، وهو الخطاب الذي سيطر على تصريحات قيادة المنظمة النقابية الكبرى في البلاد قبل الإضراب، وبدا أن الاتحاد أحس بالورطة وهو يسعى لتحميل الحكومة مسؤولية تنفيذ الإضراب. يأتي هذا في الوقت الذي عملت فيه حركة النهضة على ركوب مطالب الاتحاد والاعتماد عليها لتأكيد أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي في تونس لم يعد يحتمل. وقالت أوساط سياسية تونسية مطلعة إن تقييمات داخلية في الاتحاد كشفت أن الاستجابة للإضراب لم تكن بنفس الحماس الذي كان في الإضرابات السابقة، وأن هناك تململا لدى قيادات وسطى ترفض تسييس تحركات الاتحاد والخروج بها عن البعد المطلبي النقابي. وأضافت هذه الأوساط أن القيادة النقابية وجدت نفسها مرتبكة في ظل اتساع دائرة التيار المعارض، خاصة بعد أن قاطعت قطاعات مهمة الإضراب وبشكل علني، ما يجعل من الصعوبة بمكان تطويق “التمرّد المتصاعد” كما وصفه أحد النقابيين البارزين الذي فضل عدم الكشف عن اسمه. تصريحات الطبوبي التي تحمّل الحكومة المسؤولية رسالة إلى داخل المنظمة وسط اتهامات له بأنه لم يعط الوقت الكافي للتفاوض وقال النقابي البارز إنه بعد أزمة المؤتمر الاستثنائي، وتعديل الفصل 20 الذي أتاح بقاء قيادات كانت أنهت مددها القانونية، وجدت هذه القيادة النقابية في الإضراب فرصة للعودة بقوة، وإن الأمين العام نورالدين الطبوبي الذي كان أبرز المتحمسين للإضراب بدأ بالتراجع بعد أن وجد نفسه في ورطة، وهو يسعى للتنصل من المسؤولية عن التصعيد. وأضاف أن تصريحات الطبوبي التي تحمّل الحكومة مسؤولية الإضراب برفضها الحوار هي رسالة إلى داخل المنظمة وسط اتهامات وجهت له بأنه لم يعط الوقت الكافي للحوار مع الحكومة، وأنه كان عازما من البداية على تنفيذ الإضراب بدل البحث عن حل. وقال الطبوبي الاثنين إن الاتحاد “دُفع دفعا للإضراب بعد تعطل لغة الحوار مع الحكومة”. جاء ذلك في تصريحات أدلى بها على هامش الندوة الدولية للتربية المنعقدة بتونس بحضور نقابات التعليم والتربية. وقال متحدثا عن إضراب القطاع العام والمنشآت الدولية الذي نفذه الاتحاد الخميس “سعينا لتجنب الإضراب، ولكن دُفعنا دفعا بعد تعطل لغة الحوار مع الحكومة”. وأضاف “لا يمكن السكوت عن غلاء المعيشة وتدهور المقدرة الشرائية وعدم زيادة الأجور في القطاع العام والوظيفة العمومية خلال 2020 و2021 و2022”. وأفاد الطبوبي أن “الهيئة الإدارية للاتحاد (أعلى سلطة في المنظمة) ستجتمع يومي الأحد والاثنين المقبلين للنظر في المحطات النضالية المقبلة”. وأكد أن “الإضراب ليس الغاية، وإذا كانت الحكومة لها إرادة لإيجاد الحلول، فهناك متسّع من الوقت قبل انعقاد الهيئة الإدارية (للاتحاد)”. Thumbnail والخميس، نفذ الاتحاد إضرابا عاما شاركت فيه 159 مؤسسة عمومية للمطالبة بتحسين أجور الموظفين وتعزيز قدرتهم الشرائية، بجانب مطالب اجتماعية أخرى، وأعلن لاحقا نجاح الإضراب بنسبة بلغت 96.22 في المئة. لكنّ أرقاما أخرى كشفت أن الاتحاد بالغ في النفخ في نسبة المشاركة لمنع تسلل الشك إلى أعضائه الذين كان الكثير منهم معارضا للتصعيد مع الرئيس قيس سعيد، ويعتقد أنه كان على الاتحاد أن يقف في صفه في معركته ضد الفساد، والتخلص من النظام البرلماني الذي قاد إلى صعود حكومات ضعيفة لا تقدر على تحمل مسؤولية التزاماتها. 661.7 ألف إجمالي عدد الموظفين العموميين بفاتورة أجور سنوية تبلغ نحو 6.8 مليارات دولار وجاء الإضراب في ظل أزمة اقتصادية تعانيها تونس هي الأسوأ منذ الاستقلال في خمسينات القرن الماضي، جراء عدم الاستقرار السياسي منذ ثورة 2011، وتداعيات جائحة كورونا، وسط مطالب بإصلاحات اقتصادية. وبحسب بيانات حكومية يبلغ عدد الموظفين العموميين حتى 2021 نحو 661.7 ألف، بإجمالي فاتورة أجور سنوية تبلغ نحو 6.8 مليارات دولار، تعادل قرابة 35 في المئة من إجمالي ميزانية البلاد السنوية. وسابقا أعلن صندوق النقد الدولي، أن على تونس “الساعية للحصول على مصادر تمويل دولية، القيام بإصلاحات عميقة جدا، لاسيما خفض حجم قطاع الوظيفة العامة، الذي يبلغ أحد أعلى المستويات بالعالم”. ومن المؤاخذات التي تلاحق اتحاد الشغل أن الإضراب العام صبّ في خدمة حركة النهضة الإسلامية وحلفائها في معركتهم مع قيس سعيد، وأنه أعطاهم ورقة بأيديهم لإقناع الخارج بوجود أزمة متعددة الأبعاد في تونس. اقرأ أيضا: قيس سعيد يتسلم مسودة الدستور الجديد تمهيدا لعرضه على الاستفتاء ولم تفوّت النهضة فرصة الركوب على مطالب النقابيين وتحرك الاتحاد، وأعلنت عن دعمها له. وقال بيان صادر عن الحركة إن “النهضة تدعم المطالب المشروعة للشغالين واحترام الحق النقابي وتدين كافة أشكال العنف المادي أو اللفظي التي تتعرض لها قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل وقادة الأحزاب والجبهات الذين يتصدون للانقلاب وخياراته لإنقاذ البلاد من المصير المجهول خاصة بعد تفاقم الاستبداد والبطالة والفقر والعزلة الدولية”. ويعتقد مراقبون أن حرص الاتحاد في السابق على النأي بنفسه عن النهضة وأجندتها سقط هذه المرة في المحظور بأن تحول تحركه إلى جزء من مادتها الإعلامية والسياسية في الحرب على الرئيس سعيد، من ذلك ما جاء في تدوينة للقيادي بالحركة علي العريض. وقال العريض إن “الأزمة الاقتصادية والمالية تزداد حدة، والترقيم السيادي في نزول، والمفاوضات مع اتحاد الشغل لم تثمر، ومع صندوق النقد الدولي تراوح مكانها، والثقة في تراجع كبير، ثقة المستهلك وثقة المستثمر”.

مشاركة :