انهيار الائتلاف الحكومي يُعيد نتنياهو للواجهة السياسية

  • 6/21/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

القدس - تتوجه إسرائيل إلى انتخابات برلمانية مبكرة في الخريف هي الخامسة خلال أقل من أربع سنوات، الأمر الذي يهدد بتوسع دائرة الانقسامات بين أحزاب الائتلاف الثمانية التي تفككت على وقع اصطدام بالصراع المعقد مع الفلسطينيين، لكن أيضا ستفتح الانتخابات المبكرة الباب أمام عودة محتملة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي أزاحه ائتلاف هش من السلطة بعد 12 عام من الهيمنة. وكان يُفترض أن تتجنّب حكومة نفتالي بينيت وهي الوحيدة في تاريخ إسرائيل التي دعمها حزب عربي وتم تشكيلها للإطاحة بنتنياهو، إثارة القضايا الخلافية، لكن في نهاية المطاف تعثرت بسبب واقع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المعقد. والثلاثاء وافقت لجنة برلمانية على طلب تسريع إجراءات مشروع قانون قدمه اثنان من أعضاء الائتلاف يقترح حل الكنيست سيطرح للتصويت الأربعاء في قراءة أولى، على أن "تجري الانتخابات في غضون 90 يوما من المصادقة على القانون". وقبل حصوله على الموافقة النهائية، سيعرض مشروع القانون على لجنة مختصة ويلي ذلك ثلاث قراءات إضافية قبل اعتماده. ويتوقع مراقبون أن يكافح رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو للعودة ولو جزئيا إلى الحكومة مستغلا الانقسامات بين الأحزاب اليهودية اليمينية والعربية الإسرائيلية التي نجحت في الاستمرار لعام كامل. وتعهد وزيران من الجناح اليميني في الحكومة الائتلافية الإسرائيلية المنتهية ولايتها اليوم الثلاثاء بمنع عودة نتنياهو مع استعداد البلاد لخامس انتخابات برلمانية في ثلاث سنوات دون أن تستطع استطلاعات الرأي التنبؤ بفائز واضح. وأعلن رئيس الوزراء نفتالي بينيت الذي أنهى الاقتتال الداخلي أغلبيته البرلمانية الهشة، يوم الاثنين أنه سيتحرك لحل البرلمان وسيتولى وزير الخارجية يائير لابيد منصب رئيس الوزراء لتصريف الأعمال. ومن المقرر إجراء تصويت مبدئي على هذا الاقتراح غدا الأربعاء. وتسبب احتمال إجراء انتخابات في أوائل أكتوبر/تشرين الأول في أن يشعر نتنياهو بالسعادة وهو أطول رئيس وزراء بقاء في السلطة في إسرائيل وقد أطاح به بينيت بعدما قاد ائتلافا نادرا يضم ساسة من اليمين المتشدد وليبراليين وعربا. وقال نتنياهو يوم الاثنين إن حزب ليكود الذي يتزعمه سيقود الحكومة المقبلة معلنا أن "شيئا عظيما قد حدث"، فيما أعطت استطلاعات الرأي باستمرار حزب ليكود نحو 30 من مقاعد البرلمان المؤلف من 120 مقعدا مما يجعله أكبر حزب لكن الأمر سيتطلب استعانة نتنياهو بحلفاء لهم نفس التوجه الفكري ومن بينهم شركاء حاليون في ائتلاف بينيت. واستبعد وزير المالية أفيغدور ليبرمان ووزير العدل جدعون ساعر التعاون مع نتنياهو، الذي يحاكم حاليا بتهم فساد ينفيها. وقال ساعر لإذاعة الجيش "لن أُعيد بيبي (نتنياهو) مجددا. كل أعضاء الحزب يتفقون معي. ولن ينصاع أحد للإغراءات (الانشقاق عن حزب ليكود)". وقال ليبرمان في مؤتمر إن نواب الائتلاف ربما يربطون التحرك لحل البرلمان بمشروع قانون من شأنه أن يمنع أي شخص يواجه اتهامات جنائية من رئاسة الحكومة، لكن متحدثا باسم الكينست قال إن حدوث مثل هذا الربط مستبعد من الناحية الفنية في التصويت المقرر يوم الأربعاء. وخلال آخر عامين له في السلطة، حالت المصاعب القانونية التي واجهها نتنياهو دون تشكيل التحالف اليميني القوي الذي سعى إليه على مدى أربع انتخابات. ووجد استطلاع للرأي بثته محطة 103 إف إم الإذاعية بتل أبيب اليوم الثلاثاء أن نتنياهو وحلفاء يمينيين أو يهودا أرثوذوكس متشددين على الأرجح ربما يحصلون على 59 مقعدا في الانتخابات البرلمانية المقبلة بما يخالف توقعات بأن تحصل أحزاب الائتلاف الحالي على 55 مقعدا. وحصل حزب عربي لا يُتوقع أن يدعم أيا من الكتلتين على ستة مقاعد. لكن الخريطة السياسية قد تتغير في نهاية المطاف إذا اختفت الأحزاب الأصغر أو وحدت صفوفها أو إذا تمكن نتنياهو أو لابيد، الذي يأتي حزبه (هناك مستقبل) في المركز الثاني، من الوصول إلى شركاء غير محتملين. وفي يونيو/حزيران 2021 وبعد أكثر من عامين من أزمة سياسية قادت إسرائيل إلى أربع انتخابات، أعلن زعيم اليمين المتطرف نفتالي بينيت والزعيم الوسطي يائير لبيد تشكيل ائتلاف بين تشكيلات متباعدة أيديولوجيا للإطاحة ببنيامين نتنياهو الذي أمضى 12 عاما متتالية في الحكم ويُتهم بالفساد في سلسلة من القضايا. واتحد بينيت ولبيد "ضد بيبي"، لقب بنيامنين نتنياهو، وأبرما اتفاقا مع أحزاب أخرى يسارية ويمينية ووسطية إلى جانب القائمة العربية الموحدة، وذلك للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل. وكانت رسالة الحكومة الجديدة هي محاولة "جمع" كل أفراد المجتمع الإسرائيلي و"تجنّب" الموضوعات التي تفرّق بينهم. وأمضى التحالف الصيف الماضي ما يشبه فترة شهر عسل وتمكن في الخريف من تمرير أول موازنة منذ أكثر من عامين، لكن في الربيع، بدأ يتفكّك على خلفية مواجهات بين متظاهرين فلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في محيط المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة. وأقدمت القائمة العربية الموحدة حينها على "تجميد" دعمها للحكومة. في بداية يونيو/حزيران، تعرض الائتلاف الحاكم لنكسة بعدما رفض النواب العرب في الائتلاف تمديد سريان القانون الإسرائيلي الذي ينص على اعتبار المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة إسرائيليين لديهم الحقوق نفسها لسكان إسرائيل. وكان هذا القانون يجدَّد تلقائيا كل خمس سنوات. وسقط التجديد في القراءة الأولى، وفي حال عدم المصادقة عليه بحلول الأول من يوليو/تموز، لن يحصل أكثر من 475 ألف مستوطن إسرائيلي على الحقوق نفسها التي يتمتع بها بقية الإسرائيليين ومنها حق التصويت. ورفض بنيامين نتنياهو أيضا دعم الحكومة في تجديد القانون الذي يؤيده حزبه الليكود بقوة بهدف إضعاف الحكومة وإبراز الانقسامات داخل الائتلاف الذي لم يعد لديه دعم داخلي كاف لتمرير قانون أساسي. واتهم نتنياهو (72عاما) الائتلاف الحكومي "بالاعتماد على دعم الإرهاب" و"التخلي عن الطابع اليهودي لإسرائيل"، قائلا "من الواضح للجميع أن الحكومة الأفشل في التاريخ أنهت مسارها... هناك غالبية يمينية في الكنيست، لكن البعض فضلوا التحالف مع حزب عربي بدلا مني. أنا لا أشكل تحالفا مع منصور عباس"، رئيس القائمة العربية الموحدة. ويقول المحلل السياسي أفيف بوشينسكي المسؤول السابق في مكتب نتنياهو "اعتقد جزء من اليمين في إسرائيل أن وجود عرب إسرائيل في الحكومة ربما يكون تجربة مثيرة للاهتمام، لكن الثمن النهائي الذي تعيّن دفعه كان باهظًا للغاية". وأضاف "إنهم (عرب إسرائيل) يريدون أكثر مما كنا مستعدين لتقديمه لهم. إذا فاز اليمين في الانتخابات، سيبقى منصور عباس في المعارضة وقد لا يتم حتى انتخابه"، إذ أن العديد من الناخبين العرب يأخذون عليه أنه عقد اتفاقا مع حكومة إسرائيلية. وكتبت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الأكثر مبيعا في عنوانها الرئيسي الثلاثاء "ينبغي أن يكون أحد المحاور الرئيسية للحملة الانتخابية المقبلة ما يلي: اليهود ضد العرب". وأضافت "سيقول الليكود إن ضمّ حزب عربي إلى الائتلاف كان خطيئة لا تغتفر وخيانة للبلاد. استطلع الليكود آراء الإسرائيليين اليهود بينت أن هناك نوعا من الكراهية أو الرغبة في الانتقام من كلّ هذه الأقلية" التي تشكّل حوالي 20 بالمئة من سكان إسرائيل البالغ عددهم 9.6 ملايين. وقالت المحللة داليا شيندلين إن هناك درسا يمكن تعلمه من التحالف الحكومي المتنوع، وهو أنه "في النهاية، لا تستطيع أي حكومة تنحية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني جانبا". وتابعت "أعتقد أنه منذ البداية، كان نتنياهو، وهو سياسي محنك، يعلم أن هناك أشياء كثيرة يمكن أن يتفق عليها الائتلاف، لكن هناك شيء واحد كبير يقسمه وهو الاحتلال والصراع، وحاول نكأ هذا الجرح".

مشاركة :