شهدت الساعات الأربع والعشرون الماضية انهيارًا كبيرًا في صفوف الميليشيات الحوثية في عدد من المحافظات وجبهات القتال، حيث تمكنت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وبمساندة من رجال القبائل وقوات التحالف من تحرير محافظة الجوف، بعد نحو 7 أشهر على سقوطها بيد المتمردين، إضافة إلى استمرار تحرير مناطق في محافظة مأرب. وقالت مصادر رسمية وعسكرية في الجوف لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الشرعية بسطت سيطرتها على مدينة حزم الجوف، عاصمة المحافظة، قبل أن تنتقل إلى مديرية الغيل، في حين شهدت الساعات التي سبقت عملية تحرير الجوف، مواجهات عنيفة، سقط خلالها قتلى وجرحى من الطرفين، وتوجت بالسيطرة على مدينة الحزم، بعد انهيار الميليشيات وفرار عناصرها وأفرادها في اتجاهات مختلفة. وقال العميد الشيخ حسين العجي العواضي، محافظ الجوف لـ«الشرق الأوسط»، إن «الانتصار في الجوف، جاء نتيجة لتراكم تضحيات المقاتلين والمقاومين والجيش الوطني»، وإنه وعقب سقوط معسكر «ماس» التابع للحرس الجمهوري في منطقة الجدعان بمحافظة مأرب «حدث انهيار كبير وتام للقوات الانقلابية في الجوف، لأن الجدعان بمأرب تشكل الجهة اليسرى لمعسكر لبنات ووادي سيل في بالجوف، وتحرك لواءي الانطلاقة والنصر والمنطقة العسكرية السادسة ودارت المعارك وسط انهيار وفرار كبير للميليشيات». وأضاف المحافظ العجي، أن «التحرك العسكري في الجوف، جاء، أيضًا، نتيجة خروقات الحوثيين، لأنهم حاولوا استغلال حالة وقف إطلاق النار، في ضوء توجيهات من الرئيس عبد ربه منصور هادي وبالاتفاق مع قوات التحالف، وقاموا بمهاجمة مواقع المقاومة والجيش الوطني، بالتزامن مع بدء المشاورات في جنيف، بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة»، مؤكدا أنه «لم يكن أمام المقاومة سوى الرد على العدوان واستثمار المعركة التي فتحها المتمردون». وردًا على سؤال عما إذا كانت هذه التطورات العسكرية والميدانية الهامة سوف تؤثر على مسار مشاورات جنيف، قال العميد العواضي لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يعتقد أن هذا التطور سوف يعرقل «بل في اعتقادي إنه سوف يسهل المفاوضات، لأن الانقلابيين سوف يدركون أن مصيرهم هي الهزيمة وأن النصر هو للشرعية والمقاومة». وأكدت مصادر محلية في الجوف لـ«الشرق الأوسط» أن رجال القبائل في محافظة الجوف، وبالأخص دهم وهمدان، ساهمت بشكل كبير في استعادة السيطرة على الجوف من أيدي الانقلابيين، ووصف المحافظ العجي تحرك القبائل بـ«الانتفاضة»، وقال إن «أبناء الجوف اليوم يردون الاعتبار لـ(جنيف1)، حيث سقطت مدينة الحزم في يد الانقلابيين أثناء تلك المشاورات واليوم أبطال المقاومة والجيش الوطني والقبائل يستردون الحزم أثناء هذه المشاورات». ودعا العجي وفد الحكومة الشرعية في سويسرا إلى «استثمار هذا النصر الكبير بالضغط على الانقلابيين للتسليم بالإرادة الشعبية والدولية واحترام وقف إطلاق النار في الجبهات الآخر وفك الحصار عن تعز الباسلة وإطلاق الأسرى والمعتقلين وفي مقدمتهم وزير الدفاع اللواء محمود سالم الصبيحي والآخرون، دون شرط أو قيد ودون تأخير». وأردف العميد العجي أنه «سبق وقلنا إن المعركة في الجوف سوف تكون خاطفة وسريعة، واليوم يتلقون الدرس، ولدينا المزيد من المفاجآت»، مشيرًا إلى أنه في حال التزام الانقلابيين بوقف إطلاق النار في كل الجبهات.. «فسوف نوقف الزحف وإن استمروا في خروقاتهم في أي جبهة، فقد (جنت على نفسها براقش)، فإن المقاومة والجيش الوطني سوف يستمران في التقدم نحو العاصمة صنعاء». وفي حين اعتبر محافظ الجوف سقوط المشروع الانقلابي «سقوطًا لكل المشاريع الأخرى كـ(القاعدة) و(داعش)، التي استمدت حضورها من خلال أفعال وممارسات هذه الثلة السلالية المذهبية القادمة بأفكارها ودعمها من طهران»، فقد طالب الحكومة والتحالف بسرعة تقديم الدعم الإنساني والإغاثي لمحافظته التي «تعاني من شحة في كل المجالات، حيث عانى أبناء المحافظة من الحروب السابقة وزاد الوضع سوءًا أثناء سيطرة الانقلابيين، كما أطالب بفتح المنافذ للتجار لإيصال المواد التموينية وفي مقدمها الدقيق والمحروقات»، مؤكدًا أنه سيتم العمل على «إعادة ترتيب أوضاع المحافظة لتمارس السلطة المحلية المدنية مهامها في خدمة المواطنين في كل المجالات وإصلاح ما خربه الانقلابيون وهذا يحتاج إلى دعم ومساندة الرئيس والحكومة والتحالف وبالذات الشقيقة الكبرى السعودية»، لأن «الجوف فقيرة من كل شيء، لا توجد مواد تموينية ولا محروقات ولا مستشفيات تعمل ولا رواتب للموظفين». كما شهدت الساعات الماضية، تطورات ميدانية هامة، حيث تمكنت القوات المشتركة من السيطرة على مناطق في محافظة مأرب، بينها «مفرق الجوف»، لتنحصر المساحة التي يتحركون فيها في هذه المحافظة، وذكرت المعلومات أن هذه القوات تمكنت أيضًا من تحرير مدينة حرض في محافظة حجة، وهي مدينة حدودية هامة بين اليمن والسعودية ومن أهم المنافذ والمعابر بين البلدين، وجاء تحرير حرض بعد ساعات على سيطرة القوات المشتركة على مدينة وميناء ميدي على ساحل البحر الأحمر، وهو من أهم المواني التي كان يستخدمها الحوثيون لتهريب السلاح الإيراني، وفقًا للمراقبين والسلطات، منذ سنوات طويلة. وفي التطورات العسكرية المتسارعة، فتح التقدم الكبير الذي تحقق في مأرب والجوف الطريق نحو العاصمة صنعاء، وقالت المقاومة الشعبية في إقليم آزال إنها تمكنت، أمس، وبمساندة من قوات الجيش الوطني وقوات التحالف، من السيطرة على أول منطقة في محافظة صنعاء. وأضافت المقاومة، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أنه «تمت استعادة السيطرة على جبل الصلب التابع لعزلة عيال غفير بمديرية نهم»، وأن «قوات المقاومة الشعبية توغلت في المنطقة عبر وادي حريب نهم».
مشاركة :