الترنبيل - قاسم الرويس

  • 7/9/2013
  • 00:00
  • 28
  • 0
  • 0
news-picture

الحق أصابك يالترنبيل أصابك أنته نشيط وجيت فأول شبابك يوم الجمل يمشي وهذا مصابك وإلا الذي شبّة جهنّم تمشّيه أشرنا في المقالة السابقة إلى أن دخول السيارة إلى بلادنا في عهد الملك عبدالعزيز قد أحدث ضجة كبيرة وكان مبعث ردة الفعل السلبية نتيجة الجهل بمكونات هذه الآلة التي كان دخولها نقلة حضارية في وسائل النقل والمواصلات فقد تلاشت تلك المعارضة الفكرية خلال فترة قصيرة فأصبحت وسيلة النقل الأفضل لكل سكان الجزيرة العربية. لقد أطلقوا على السيارة في أول ورودها إلى البلاد مسمى (الترنبيل) أو (الترمبيل) ثم مسمى (الموتر) وكلا المسميين كما يبدو مستقاة من الألفاظ الإنجليزية مع العلم أن لفظة (الموتر) لا زالت مستعملة إلى اليوم. وانطلق الشعراء يتعجبون منها ويستخدمونها في (الإركاب) أو (التنجيب) في مطالع قصائدهم ويجتهدون في وصفها بعد أن كانت السيطرة لسفينة الصحراء (الجمل) الذي ارتبطوا به ارتباطاً عاطفياً قوياً لا يمكن الانفكاك منه بسهولة ولا شك أن قدوم السيارة في صالح الجمل الذي أرتاح قليلاً رغم استمرار الاعتماد عليه مع وجود السيارة فترة طويلة عقد خلالها الشعراء المناظرات الشعرية الخيالية بين الجمل والسيارة كما فعل مستور المطرفي وأحمد عطية الغامدي والتي سنعرض لها في مقالة لاحقة. ما نستطيع تأكيده أن جمل الأمس كانت السيارة تسبب له رعباً كبيراً هو وغيره من الحيوانات بمجرد سماعه لصوتها بعكس جمل اليوم الذي لا يطيب له المرعى إلا بجانب الطريق متحدياً لجميع أنواع السيارات!! وقد حرصت الحكومة قبل حوالي 90 سنة على حفظ حقوق الجمل ورفاقه من سطوة السيارات (المرعبة) آنذاك حتى نص أو نظام لتسيير السيارات عام 1345ه على: « يجب على سائقي السيارات إنذار أصحاب الجمال بالمنبه قبل الاقتراب منها خشية نفورها وتقليل سرعة السيارة عند المرور بجانبها» كما نص نظام سائقي السيارات الصادر في سنة 1351ه على: « على كل سائق أن يستمر على إرسال صوت المنبه بمجرد اقترابه من ماش على قدميه أو راكب حيوان أومن الجمال وسائر الحيوانات الأخرى وأن يخفف سرعة سيارته بالدرجة التي لا يتسبب معها وقوع الخطر حتى ينتبه الذي أمامه وينتحي عن الطريق وإذا ذعرت الحيوانات من صوت المنبه ومن صوت محرك السيارة فعليه إيقاف صوت المنبه وصوت المحرك حتى تنجنب تلك الحيوانات عن طريقه» وكان عدم الالتزام بهذه المادة من نظام سائقي السيارات يعتبر مخالفة يعاقب عليها السائق بالحبس من 4 8 أيام وبالغرامة من 55 120 غرشاً أميرياً. والحقيقة أن العلاقة بين الجمل والسيارة في البدايات كانت علاقة تنافسية حضارية حيث بلغت السيارات في الحجاز في سنة 1346ه عدداً مقداره 541 سيارة وبقدر ما كان يزداد استخدام السيارات في كل يوم فقد كان يتناقص استخدام الجمل ولكن في ناحية أخرى كانت للناس علاقة عاطفية قلبية تحفظ للجمل دوره الكبير في صحراء الجزيرة العربية ومع ذلك فلم تمض سنوات قليلة إلا والسيارة تخدم الجمل وتنقله من مكان إلى مكان ولكن يبدو أن ذلك لم يرضه وهو المشهور بالحقد حيث لم يزل الجمل منتقماً يترصد السيارات في جوانب الطرق ليقتل السائقين وقانا الله وإياكم من خطر حوادث السيارات مهما كانت.

مشاركة :