قال أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أن جائحة «كورونا» كشفت عن حجم الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة وأسهمت في توسيعها لاسيما من خلال تعثر الجهود الرامية إلى تحقيق التنمية والحد من الفقر. وذكر الشيخ تميم في كلمة افتتح بها «منتدى قطر الاقتصادي 2022» الذي ينعقد تحت شعار «تحقيق المساواة في التعافي الاقتصادي العالمي» أن المؤشرات الإيجابية الصحية ارتفعت إثر رفع القيود وانتعاش حركة التجارة بالإضافة إلى ارتفاع الانفاق العام وزيادة الطلب العالمي على جميع المستويات. وأضاف «إلا أن الاضطراب الذي طرأ على سلاسل التوريد ما زال من أهم عوامل ارتفاع الأسعار وقد أضيفت إليه الآثار المدمرة للحرب الجارية حالياً في القارة الأوروبية على أرض أوكرانيا». وأكد «في هذا المجال ضرورة أن ينتهج المجتمع الدولي مقاربة تترجم الأقوال والنوايا الحسنة إلى خطوات عملية تحقق المساواة في التعافي الاقتصادي بين الدول وإنقاذ أهداف التنمية المستدامة بما يدعم الشعوب الفقيرة وتلك التي تعاني من اضطرابات وحروب». ولفت الشيخ تميم إلى أن التوقعات تُشير إلى تراجع نمو الاقتصاد العالمي بحوالي الثلث في العام الحالي مقارنة بالعام الماضي وذلك على وقع ارتفاع معدلات التضخم على المدى الطويل. ورأى أن هذا قد يكون مقدمة لركود تضخمي لم يشهد العالم مثله منذ الفترة الواقعة بين عامي «1976 و1979» وذلك وفق تقارير البنك الدولي حين أدت الزيادات الحادة في أسعار الفائدة لغرض مكافحة التضخم إلى ركود اقتصادي في بداية الثمانينيات. وقال أن من آثار الأزمة الأوكرانية ارتفاع أسعار الطاقة والحبوب وتأثير ذلك على الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى وجود آثار إنسانية فورية لتفاعل آثار الحرب هناك مع أزمات محلية في أثيوبيا واليمن وسورية على سبيل المثال بما يؤدي الى تعرض فوري لمئات الآلاف لخطر المجاعة. وفي السياق ذاته، لفت أمير قطر إلى أن ثمة قضايا لا حل اقتصادياً لها ومنها الحرب وآثارها المدمرة على أوكرانيا وعلى دول وشعوب كثيرة أخرى، مبيناً أن الحل في هذه الحالة لا يمكن أن يكون سوى سياسي. وشدد على أنه لا يجوز ترك أزمة الغذاء في ظروف الحرب لقانون العرض والطلب كما لا يجوز ترك قضية الفقر الشديد للدول الفقيرة كي تواجهها وحدها، مبيناً أن نجاحنا في تجاوز هذه التحديات يبقى رهين قدرة دولنا كافة على الالتزام بمجموعة من المبادئ وأولها تكريس العدل والمساواة والتضامن ورفض ازدواجية المعايير. وأشار إلى أن دعم الاقتصاد والاستثمار والابتكار بالتوازي مع تعزيز القيم الإنسانية المشتركة وحفظ السلام هو السبيل لبناء القدرات اللازمة لتجاوز الأزمات والتغلب على التحديات التي تواجه الإنسانية جمعاء مثل خطر الأوبئة والتغير المناخي الذي يُعد واحداً من أخطر التحديات التي نشهدها في عصرنا. وذكر أن قطر والمنطقة بأكملها مقبلة على حدث تاريخي مهم وهو استضافة «بطولة كأس العالم 2022» لأول مرة في منطقتنا، معرباً عن ثقته في أن المشاركة الواسعة لدول العالم في هذا الحدث ستفسح المجال ليس فقط لتعزيز الشراكات الاقتصادية الدولية وإنما ستشكل أيضاً منطلقاً لتقوية جسور التواصل والحوار بين مختلف الشعوب. ويشارك في النسخة الثانية من منتدى قطر الاقتصادي عدد من رؤساء الدول وأكثر من 500 من قادة الأعمال حول العالم لمناقشة سبل تحقيق المساواة في التعافي الاقتصادي العالمي. ويتناول المنتدى في جلساته عدداً من الموضوعات حول التحديات العالمية الحالية على غرار التباين بين وظائف المستقبل والقدرات الحالية للقوى العاملة وتحديات سلاسل التوريد وأزمة الديون المتوقعة واتساع فجوات التفاوت في الاقتصاد بهدف إعداد خريطة طريق واضحة للمرحلة القادمة من النمو الاقتصادي العالمي.
مشاركة :