لندن - عبر رئيس الوزراء الليبي المعين من قبل البرلمان فتحي باشاغا اليوم الأربعاء عن رفض حكومته استمرار الوجود الأجنبي في بلاده والذي يشمل قوات تركية وبضعة آلاف من المرتزقة السوريين كانوا قد شاركوا في القتال إلى جانب قوات وميليشيات حكومة الوفاق السابقة في مواجهة هجوم أطلقه قائد الجيش الوطني خليفة حفتر في 2019 لتطهير طرابلس من "الإرهاب". وقال باشاغا إن حكومته تؤيد إخراج كل المقاتلين الأجانب والمرتزقة من البلاد، وفقا لتوصية لجنة تشكلت لدعم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بعد صراع دار في الفترة بين عامي 2014 و2020. وفي مقابلة مع رويترز في لندن، حيث يحاول حشد الدعم لتولي حكومته مقاليد الأمور في طرابلس، قال باشاغا إنه يؤيد بشدة لجنة 5 زايد 5 التي اتفقت على وجوب إبعاد المقاتلين الأجانب وهي اللجنة التي عرفت لاحقا باسم "لجنة الـ10". وأضاف باشاغا (59 عاما) أن حكومته بدأت عملها في مدينة سرت بشرق البلاد على الرغم من رفض عبدالحميد الدبيبة الذي عُين العام الماضي رئيسا للوزراء عبر عملية دعمتها الأمم المتحدة، للخطوة مما أدى لأزمة سياسية. ومنذ أبريل/نيسان الماضي أغلقت جماعات في الشرق العديد من منشآت النفط للمطالبة بتولي باشاغا السلطة في العاصمة، مما أوقف جانبا كبيرا من إنتاج الخام الليبي ووضع ضغوطا جديدة على أسعار الطاقة العالمية. وكان باشاغا قد أعلن أن عودة تدفق النفط يبقى رهين الحصول على أموال الموازنة من البنك المركزي في طرابلس وهي الموازنة التي أعلنتها حكومته وصادق عليها البرلمان. وتحدث باشاغا عن المرتزقة الذين جلبتهم تركيا من دون ذكرها بالاسم كما تحدث عن مجموعة فاغنر الروسية العسكرية، مؤكدا أنه يساند توصية لجنة 5+5 المعنية بوقف إطلاق النار والتي تضم خمسة ضباط من طرفي صراع 2014-2020، والتي تقول إن على كل القوات الأجنبية مغادرة البلاد. وسُلط الضوء على دور مجموعة فاغنر في أفريقيا منذ غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير/شباط وسط مخاوف من أنها قد تزعزع استقرار المنطقة أكثر. ودخلت مجموعة فاغنر إلى ليبيا لدعم القائد العسكري خليفة حفتر في شرق البلاد والذي كانت تسانده روسيا ودول أخرى في هجوم أطلقه في عام 2019 على الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس برئاسة فايز السراج الذي كان مدعوما من تركيا. لكن تم صد هذا الهجوم عندما تدخلت تركيا عسكريا من خلال آلاف المرتزقة ومعظمهم من الميليشيات السورية الموالية لها وبقوات على الأرض إضافة إلى تسليح ضخم للميليشيات الموالية لحكومة السراج حينها بينها دبابات وطائرات مسيرة وعربات مصفحة. وأقامت مجموعة فاغنر وتركيا قواعد عسكرية في ليبيا ولا تزالان هناك على الرغم من بند في اتفاق وقف إطلاق النار في 2020 يطالب بمغادرة كل القوات الأجنبية. وتقول أنقرة والفصائل الليبية في غرب البلاد إن الوجود التركي يجب أن يستثنى من ذلك لأنه جاء بموجب اتفاق مع الحكومة المعترف بها دوليا. وعلى الرغم من أن باشاغا كان وزيرا للداخلية في حكومة طرابلس تلك ولعب دورا في تنسيق القتال ضد حفتر، إلا أنه الآن مدعوم من البرلمان الذي انحاز إلى جانب حفتر في ذلك الصراع. وتعيش ليبيا حالة من الجمود السياسي مع رفض حكومة الدبيبة تسليم السلطة ما أعاد البلاد إلى وضع مشابه لذلك الذي فجر نزاعا دمويا في 2019 مع وجود حكومتين واحدة في الشرق والأخرى في الغرب بمؤسسات اقتصادية موازية. والصراع على الشرعية هو أحدث عنوان في الأزمة الراهنة التي لا تبدو لها نهاية قريبة مع تمسك كل طرف بأهليته في الحكم، بينما تدعو الأمم المتحدة التي رعت الاتفاق السابق الذي جاء بحكومة الدبيبة، إلى التحضير لانتخابات عامة وتحث طرفي الصراع على تجاوز خلافاتهما من أجل تحقيق هذا الهدف على اعتباره الأمل الوحيد لعودة الاستقرار.
مشاركة :