تأتي زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع إلى تركيا بعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للمملكة، التي التقى خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد، وعكست استشعار الرئيس التركي للدور القيادي للمملكة في العالم الإسلامي ومكانتها العالمية، وإدراك تركيا أهمية توطيد علاقاتها مع المملكة وتطوير التعاون المشترك بما يخدم مصالح البلدين في جميع المجالات. ويحرص ولي العهد على مد الجسور وتعزيز العلاقات مع مختلف دول العالم والدول الإسلامية على وجه الخصوص، بما يحقق التنمية والازدهار للمملكة ولتلك الدول، ويسهم في تنسيق المواقف في مواجهة الأزمات والتحديات التي يواجهها العالم الإسلامي. وتتسم العلاقات السعودية - التركية بالتطور والنمو في جميع المجالات، نظرا إلى المكانة التي يتمتع بها البلدان على الأصعدة كافة. وترتبط المملكة وتركيا بعلاقات تاريخية وثيقة، ويعود تاريخ العلاقات الدبلوماسية بينهما إلى عام 1929، إثر توقيع اتفاقية الصداقة والتعاون بين البلدين في العام السابق له، وقد توطدت العلاقات الثنائية عبر الزيارات المتبادلة بين قادة البلدين، وكانت أولاها زيارة الملك فيصل - الأمير حينذاك - تركيا عام 1932 في طريق عودته من رحلة أوروبية، وزيارته الثانية لها بعد أن أصبح ملكا في عام 1966. وشهدت العلاقات بين البلدين منذ نشأتها في عام 1929، تطورا ونموا ومزيدا من التعاون والتفاهم المشترك حول الموضوعات التي تهم مصالح البلدين والأمة الإسلامية، وخلال عامي 2015 و2016، شهدت العلاقات بين المملكة وتركيا حراكا وتطورا ملحوظا حيث عقدت خمس قمم سعودية - تركية جمعت خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مع الرئيس أردوغان. وتوجت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الرسمية إلى تركيا في نيسان (أبريل) 2016، ولقائه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بالإعلان عن إنشاء مجلس التنسيق السعودي - التركي بهدف تعزيز التعاون المشترك في المجالات السياسية والدبلوماسية، والاقتصاد والتجارة، والبنوك والمال، والملاحة البحرية، والصناعة، والطاقة، والزراعة، والثقافة، والتربية، والتكنولوجيا، والمجالات العسكرية والصناعات العسكرية والأمن، والإعلام، وقد عقد المجلس اجتماعه الأول في شباط (فبراير) 2017 في أنقرة. وعقد الزعيمان جلسة مباحثات رسمية، شدد خلالها خادم الحرمين الشريفين على ثقته بأن المباحثات ستفضي إلى نتائج مثمرة ترسخ علاقات البلدين الاستراتيجية، ما يفتح آفاقا واسعة لتعزيز الروابط السياسية، والاقتصادية، والتجارية، والعسكرية، والأمنية. من جانب آخر، قام الرئيس رجب طيب أردوغان في 28 نيسان (أبريل) الماضي، بزيارة السعودية، حيث استقبله الملك سلمان في قصر السلام في جدة، كما اجتمع مع الأمير محمد بن سلمان، وجرى خلال الاجتماع استعراض العلاقات السعودية - التركية، وفرص تطويرها في مختلف المجالات، إضافة إلى بحث مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية والجهود المبذولة بشأنها. وسجلت الزيارات المتبادلة بين القيادتين في المملكة وتركيا دليلا ساطعا على قوة العلاقات، ومتانة وشائجها منذ زيارة الملك فيصل بن عبدالعزيز لمدينة إسطنبول التركية عام 1966 في إطار جهوده وسعيه لتوحيد الدول الإسلامية. وشهد التعاون في المجال الاقتصادي بين المملكة وتركيا منذ توقيع اتفاقية التعاون التجاري والاقتصادي والفني عام 1973 تطورا ونموا مستمرا حتى وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 2006 إلى نحو ثلاثة آلاف مليون دولار. وتشكلت في ضوء الاتفاقية السابقة اللجنة السعودية التركية المشتركة، وهناك أيضا مجلس رجال الأعمال السعودي - التركي، الذي أسهم منذ إنشائه في تشرين الأول (أكتوبر) 2003، في الدفع بتطور العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وأصبحت المملكة شريكا اقتصاديا مهما لتركيا، ومن ضمن أكبر ثمانية شركاء تجاريين لها على مستوى العالم. ونجحت بيئة الأعمال الجاذبة في المملكة باستقطاب 390 شركة تركية للاستثمار في السوق السعودية برأسمال إجمالي بلغ 985.6 مليون ريال. ووصل عدد الشركات ذات رأس المال السعودي المستثمرة في تركيا حاليا إلى 1140 شركة متنوعة في قطاعات عدة. وبلغت صادرات المملكة إلى تركيا خلال الأعوام الثلاثة الماضية 37.5 مليار ريال، فيما بلغت قيمة واردات المملكة منها خلال الأعوام الثلاثة الماضية، 21.7 مليار ريال.
مشاركة :