صنعاء تلتقط أنفاسها مع صمود الهدنة في اليمن صنعاء - يراقب المهندس المعماري اليمني زيد الكحلاني عماله على عوارض السقالات المعلقة وهم يستخدمون الطلاء الأبيض في الرسم حول النوافذ، ضمن جهود ترميم على نطاق واسع لمدينة صنعاء التاريخية، المدرجة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونسكو” لمواقع التراث العالمي، والتي عانت من القصف لسنوات خلال الحرب. واستخدم آخرون البكرات والحبال لرفع الطين البني المميز في المدينة إلى أسطح المنازل ذات الأبراج الفريدة، حيث حل ضجيح السيارات وأصوات أبواقها محل هدير الطائرات الحربية، بفضل هدنة توسطت فيها الأمم المتحدة. وقال الكحلاني “نحن نتعامل مع مبان تاريخية يتراوح عمرها ما بين 300 و350 سنة. وكل منزل من المنازل منفرد بنمطه التاريخي والمعماري… نحن نقوم بالتعامل مع المبنى من ناحية توفير المواد التقليدية. والأمر الثاني هو الاستدامة في المواد، وثالثا تأمين المنزل وتدعيمه”. ويعود تاريخ صنعاء القديمة إلى القرن الثامن الميلادي في أقل التقديرات. وأضاف الكحلاني أن عمله مع الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية يتراوح بين العثور على المواد التقليدية، وتأمين المباني وتدعيمها، وأخيرا تجديدها. واستُهدفت صنعاء وشمال اليمن بالآلاف من الضربات الجوية من التحالف الذي تقوده السعودية وتدخل في الحرب الأهلية بالبلاد عام 2015، بعد أن أطاحت جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران بالحكومة المعترف بها دوليا في العام السابق له. ووافق طرفا الصراع في أبريل على اقتراح الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار الذي أدى إلى تعليق الهجمات الجوية والبحرية والبرية، مع السماح بدخول الواردات إلى موانئ يسيطر عليها الحوثيون وإعادة فتح مطار صنعاء جزئيا. وقال عقيل نصاري، نائب رئيس الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية في اليمن، إن حوالي 5000 مبنى لحقت بها أضرار، بما في ذلك 380 مبنى لحقت بها أضرار جسيمة وأصبحت على وشك الانهيار في الأحياء التاريخية بصنعاء. وقال نصاري “صنعاء القديمة حدثت بها أضرار كبيرة جدا.. حوالي 5000 مبنى تضررت داخل المدينة، منها 380 مبنى كانت أضرارها جسيمة وكانت آيلة إلى السقوط، وتم التدخل في عدد كبير من هذه المباني من قبل، عندما وجهت صنعاء القديمة نداء استغاثة تم التجاوب معه من قبل الجهات المانحة الدولية، وكان الاتحاد الأوروبي تقريبا هو الجهة الأولى التي استجابت عبر منظمة اليونسكو”. وقال أنس الشيبي، صاحب أحد المنازل ذات الأبراج، “إن التحدي كان يكمن في نفاد صبر السكان، لأنهم يعانون من تكاليف الإيجار في أماكن أخرى بانتظار ترميم منازلهم”. وخلال الحرب، استخدُم الطوب لإغلاق النوافذ في بعض المباني، ليحل محل زجاج النوافذ الملون الفريد في صنعاء، في وقت كان يسعى فيه السكان لحماية أنفسهم وأفراد أسرهم من الشظايا المتطايرة في الحرب. وداخل المنازل، استخدم العمال، الذين يرتدون سترات خضراء زاهية ويضعون الخوذات، الطين البني لتغطية الأسقف الخشبية. وقال نصاري “نحن نقدم مدنا حية مأهولة بالسكان بتاريخها، بمبانيها، بشوارعها، بتخطيطها الفريد، بنسيجها العمراني، بالعادات والتقاليد، بالموسيقى، بالمخطوطات”. ويدور نزاع في اليمن منذ العام 2014 بين الحوثيين الذين يسيطرون على صنعاء ومناطق أخرى في البلاد ، وقوات الحكومة المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية. وتسبّبت الحرب في مقتل مئات الآلاف من الأشخاص بشكل مباشر أو بسبب تداعياتها. خطر المجاعة يهدد الملايين من سكان اليمن، فيما يحتاج الآلاف من سكان المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إلى علاج طبي عاجل غير متوافر في البلد الذي تعرّضت بنيته التحتية للتدمير ويتهدد خطر المجاعة الملايين من سكان اليمن، فيما يحتاج الآلاف بينهم الكثير من سكان المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إلى علاج طبي عاجل غير متوافر في البلد الذي تعرّضت بنيته التحتية للتدمير. ويعتمد نحو 80 في المئة من سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة على المساعدات للاستمرار. وأتاحت الهدنة استئناف رحلات تجارية من مطار صنعاء الدولي المفتوح فقط لرحلات المساعدات منذ 2016، إلى عمان والقاهرة، كما مكّنت ناقلات النفط من الرسو في ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين، في مسعى لتخفيف حدة النقص الحاد في الوقود. وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ الأسبوع الماضي إن تمديد هدنة الشهرين في اليمن، التي منحت الشعب أملا في إمكان عودة الأوضاع إلى طبيعتها، هو الخطوة الأولى على مسار التوصل إلى اتفاق سلام أوسع نطاقا. وقال الدبلوماسي السويدي إن الهدنة “منحت الشعب فترة استراحة إنسانية غير مسبوقة في تاريخ النزاع، ومن وجهة النظر هذه تمنحنا مجالا ومتنفسا للانخراط في تسوية سياسية”. وأضاف غروندبرغ أن “الهدنة هي الخطوة الأولى نحو تسوية أوسع نطاقا”.
مشاركة :